على مدى ساعتين ونصف الساعة خضنا غمار ودهاليز ومسارات صناعة التسوية السياسية اليمنية، بحثاً في تفاصيلٍ أجد، في غَزْل نسيجها المعقد والصعب وأساسات بنائها (البدايات – التحديات- المواقف الأصعب التي غابت عن الضوء في لحظات اليمن العصيبة- النجاحات التي مرت بمحكّات التعقيد السياسي والتداول الجدلي).. إنها مهمة صحفية صعبة خصوصاً حين تقف أمام ذاكرة اختزلت تفاصيل القضايا الخلافية والملفات الثقيلة، ذات التماسات السياسية الحرجة والممرات الأضيق من "سيم الخياط" في كثير من الظروف الزمنية، كما انها مهمة أكثر تشعباً ومتاهاً، فهي مع شخصية دبلوماسية وسياسية من الطراز الدولي عايشت محطات الخطر بألوانها وساست مع ثلةٍ من حكماء وعقلاء اليمن، ومع منظومة اقليمية صناعة التجربة اليمنية التي غيّرت مسار الربيع العربي وتيار الصراع السياسي المشتعل في المنطقة- في اليمن فقط- إلى وفاق يمني سياسي.. أنه المبعوث الأممي الدكتور جمال بنعمر الامين العام المساعد بالأمانة العامة للأمم المتحدة والمستشار الخاص لأمينها العام،، ومبعوثه إلى اليمن للإسهام الفاعل في إيجاد مخرج سلمي لليمن من الصراع السياسي الذي نشب في العام 2011م على إثر الثورة الشبابية السلمية. جمال بن عمر الذي لعب دوراً كبيراً في التسوية السياسية اليمنية بدا متفائلاً في أهم حوار صحفي يجرى معه حول تفاصيل دوره الأممي في اليمن، لكنه أعرب في حواره المطول لصحيفة الثورة عن اعتزازه الكبير بما حققته الارادة اليمنية السياسية والشعبية والجماهيرية، من استجابة لنداء العقل وتغليب الحوار على الاقتتال، والتفاوض على التناحر، مؤكدا أن القيادات السياسية في كل أطراف العمل السياسي ومنظمات المجتمع المدني قد تحلت بأعلى درجات المسؤولية لتعكس بذلك أنصع حكمة الحكمة اليمانية.. وفي نفس الوقت شدد وبصرامة على ضرورة أن يدرك اليمنيون جميعاً أن مجلس الأمن لم ولن يسمح لأي شكلٍ من أشكال التعنت لإيقاف عجلة التغيير أو إفشال استكمال التسوية السياسية، داعياً جميع الاطراف إلى الالتزام بما تم وسيتم التوافق عليه لإكمال هذه التسوية وهذه التجربة التي أصبحت محط أنظار العالم. إلى تفاصيل هذا الحوار الصحفي الهام.. في البدء دكتور جمال، واليمن تتأهب لدخول مرحلة جديدة من التسوية السياسية، وهي مرحلة ما بعد الحوار.. هلاّ لخصتم لنا وللجماهير اليمنية، ما جرى في اليمن من أحداث ومن محطات لهذه التسوية حتى الآن (البدايات – التحديات – النجاحات)؟ - في البدء أرحب بجريدة الثورة، متمنياً لليمن واليمنيين الأمن والأمان والاستقرار.. حقيقة اليمن هو البلد العربي الوحيد، في بلدان الربيع العربي الذي تمت فيه تسوية سياسية تقتضي النقل السياسي للسلطة، وفق عملية تغيير سلمية.. واليمن له وضعه الخاص والمختلف كثيراً عن البلدان التي شملها الربيع العربي، إذ أن الوضع كان خطيراً جداً، فما حصل في اليمن هو أولاً هناك ثورة شبابية، وثانياً انهيار في النظام، وانقسام داخل السلطة وتناحر عميق داخلها، وانهيار في الدولة، وكان ثمة بداية حقيقية لصوملة اليمن، من خلال أحداث 2011م، حيث فقدت الدولة سيطرتها على كثير من المناطق، وسيطرت القاعدة لأول مرة في التاريخ في أي بلد العالم على محافظة كاملة وجزء من محافظة، وهذا لم يحدث حتى في افغانستان.. بالإضافة إلى جماعات مسلحة قطعت الطرق، واحتلت المباني وبدأت ملامح الفوضى، وأصبح الوضع خطيراً جداً، وهذا ما جعل المجتمع الاقليمي والدولي من أصدقاء اليمن، يعطي الحالة في اليمن أولوية استثنائية، فبادر أشقاء اليمن الاقليميين في دول مجلس التعاون الخليجي إلى طرح المبادرة الخليجية، ما جعل مجلس الأمن يتبنى قرار (2014) بخصوص الحال في اليمن، لأن الوضع في هذا البلد بات خطيراً يهدد السلم والأمن الدوليين. زرت اليمن في إبريل 2011م، ولما طلب مني الامين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون كان قلقاً جداً تجاه ما يسمعه من تطورات، وكان الهدف من الزيارة هو التفكير بجدية في مساعدة اليمنيين على إيجاد صيغة ملائمة ومخرج مناسب للخروج من هذه الازمة والوضع الحرج.. لكن نحن في الأممالمتحدة لنا مرجعية تحكمنا هي القانون الدولي، ففيما يتعلق بالنزاع الذي أصبح حينها مسلحاً في اليمن، كان موقفنا منطلقاً من تلك المرجعية التي تقتضي الحل السلمي لهذا النزاع، وعبر عملية تفاوضية، وخلال زياراتي الأولى طرحت هذا الرأي على كل الأطراف السياسية اليمنية، ولم يكن هذا الرأي مقبولاً لدى عدد من الأطراف، فركزنا على مبدأ الحوار وأنه مهما كانت الخلافات بين هذه الاطراف إلا أنه يجب على الجميع اعتماد مبدأ الحوار والتفاوض المباشر فيما بينها لكي يأتي الحل من داخل هذه الأطراف نفسها.. ولا زلت أتذكر نقاشات مع تلك الاطراف التي كانت رافضة تماماً لهذه الفكرة، ولم يحظ هذا الرأي بتأييد، لكن موقفنا ظل مبدئياً، وفي كل زيارة، زرت الساحات، وتحاورت مع مئات من الشباب، وقلت لهم: نحن كأمم متحدة نزكي مطالب الشباب في التغيير السلمي، وتحقيق ما أسموه ببناء الدولة المدنية الحديثة، ودولة القانون والديموقراطية، التي تحمي حقوق الانسان وتوفر المواطنة المتساوية، مؤكداً لهم أن هذه الأهداف والمسائل تتطابق مع قيم وأعراف الأممالمتحدة، وأن لهم الحق في التظاهر السلمي لتحقيق هذه الأهداف، وقلت لهم أيضاً – وكان النقاش حاداً أحياناً – يجب أن يبقى هذا النضال سلمياً، ثانياً يجب البحث والتفكير على مخرج وعلى ملامح نقل السطلة سلمياً أولاً، وهذا لن يتم إلا عبر عملية تفاوضية، ولا زال أكثر الشباب المشاركين في الحوار الوطني يتذكرون تلك النقاشات، وكان هناك بعض الأفكار في هذا الاتجاه، طبعاً.. كان البعض منهم لا يتفق معي أن التغيير الكلي لن يتم في عشية وضحاها، بل سيتطلب وقتاً وسيكون تدريجياً، لكن كان النقاش يدور حول ضرورة إشراك كل المكونات السياسية في عملية التغيير، لأن ما كان سائداً في ذلك الوقت، هو أن هناك طرفين فقط في هذا النزاع، ونحن أكدنا أن عملية التغيير الحقيقي، هي عملية سياسية والتغيير السلمي لا يمكن لهما أن تتم بمعزلٍ عن اشراك المكونات السياسية جميعها بمن فيها الشباب... رفض الشباب وبعض الأطراف السياسية حينها.. هل ولّدَ لديك هذا الرفض نوع من الإحباط في امكانية الوصول إلى حل سياسي أنذاك؟ - كانت هناك صعوبات كبيرة بالتأكيد، وكانت الأوضاع خطيرة، ربما كنت الشخص الوحيد الذي يزور صنعاء والذي يتنقل ما بين مختلف مناطق صنعاء التي يسيطر على كل منها طرف مسلح، وكلما أدخل منطقة أصبح تحت حماية الطرف المسيطر، وأجهزة الأمن التي ترافقني تضطر أن تتراجع في أول نقاط التماس ولا تستطيع أن تدخل معي هذه المنطقة التي يسيطر عليها الطرف الآخر، لكن كنا على تواصل وتشاور مع جميع لاأطراف يومياً وكان الهدف –كما قلت- هو حث جميع الأطراف على التفاوض بشكل مباشر، حتى يكون الحل هو نتاج لأفكار هذه الأطراف، إذ لم نطرح أي حلول أو اقتراحات محددة، تجاه كيفية تنظيم العملية المتعلقة بنقل السلطة في المرحلة الانتقالية، أو حكومة وفاق وطني، بل تم التركيز عليها عندما بدأت المفاوضات الحقيقية ما بين الطرفين، هو مبدأ أن يكون الحل يمنياً، ويكون نتيجة لهذا الحوار، وقلنا للجميع ليست لدينا أي حلول جاهزة لكن على ما نؤكد عليه هو يجب أن يكون هناك حوار مباشر بين الأطراف، نحن في الأممالمتحدة دعمنا المبادرة الخليجية لأنها تهدف إلى إخراج اليمن من المأزق الذي كانت فيه، وكذلك لأن جوهر المبدأ الذي اعتمدت المبادرة عليه، هو نقل سلمي للسلطة، لكن كانت لنا قناعة -بحكم تجربتنا في دعم عدد كبير من العمليات الانتقالية في العالم- تفيد أن هذه العملية لن تتم إلا إذا كان هناك حوار مباشر ما بين الأطراف، ثانياً أن تكون نتيجة هذا الحوار عبارة عن خارطة طريق واضحة ومفصلة، وملزم تطبيقها بل وقابل لذلك، بخلاف ما سبقها من اتفاقات تجاوزها اليمنيون احياناً لأنها لم تكن بدرجة كافية من الدقة التي تسمح بتطبيقها، لذا كنا ندعم ونصر على أن يتفق اليمنيون على خارطة طريق لنقل السلطة، مبنية على مبادئ وأسس عملية تشمل مؤسسات يتم إنشاؤها خلال الفترة الانتقالية، وكذلك عملية حوار وطني بإشراك المكونات السياسية الأخرى، يتم عبرها إعادة الاتفاق على قواعد اللُّعبة السياسية في اليمن وكذلك الاتفاق على الأسس والمبادئ التي يُبنى عليها الدستور الجديد، وعملية يتم من خلالها حل القضايا الرئيسية المستعصية ذات البُعد الوطني مثل قضية صعدة، والقضية الجنوبية، والتهيئة للمرور إلى محطة أخرى، هي صياغة دستور جديد وانتهاءً بانتخابات عامة في ضوء الدستور الجديد، هذا ما تم في المفاوضات التي تمت في شهر نوفمبر 2011م والتي أدت إلى اتفاق على ما سمي بالآلية التنفيذية. مقاطعاً – دكتور جمال: نفهم من طرحكم أن الواقع كان في ثورة شبابية في الساحات وكان هناك قوى سياسية تتصارع خارج الثورة، حتى صارت الثورة نفسها محوراً للصراع، فكيف استطعتم جمع الخيوط الأساسية بين ثورة شبابية وقوى سياسية تتصارع على السلطة..؟ وما المواقف الأهم في ذلك؟ - كما قلت: الوضع في اليمن يختلف عن أوضاع دول الربيع العربي حيث قامت ثورة شبابية، وتم قمعها وقتل عدد من المتظاهرين السلميين كذلك في نفس الوقت وقع انهيار وانقسام في النظام كذلك ظهرت حركات مسلحة وميليشيات أحتلت جزء من العاصمة وأجزاء من اليمن إلى منظمات مثل القاعدة التي احتلت محافظة بأكملها وأجزاء من المحافظات الأخرى، كان هذا وضع خاص فالعملية السياسية بدأت بمفاوضات ما بين الأحزاب البرلمانية، كتلة اللقاء المشترك من جهة أخرى، ومن أخرى المؤتمر الشعبي العام، لكن كان واضح من البداية أننا عندما بدأنا التواصل وجمع خيوط العملية التفاوضية كنا على تواصل أيضاً بأطراف أخرى، لم تكن على طاولة المفاوضات لكن لها تأثير قوي فبناءً على هذا التواصل ساهم الجميع في إنجاح هذه المفاوضات والاتفاق على الآلية التنفيذية.. إشارة إلى الأطراف التي لم تكن داخلة في العملية السياسية، وكانت فعلاً مؤثرة لارتباطها بصراعات الماضي.. لعب جمال بنعمر دور الوسيط القوي في حلحلة كثيراً من القضايا الخلافية وتقريب هذه الأطراف.. هل لك أن تطلعنا على بعض من جوانب هذه المهمة في حلحلة تلك القضايا؟ - هناك أشياء غير معروفة للرأي العام في الحقيقة، مثل بعض اجراءات عملية التفاوض حول الآلية التنفيذية التي نظمت في نهاية المطاف العملية الانتقالية، حيث بدأت هذه المفاوضات مبكراً في شهر يوليو في اجتماعات لم تُعْرَف وهي الاجتماعات الوحيدة التي لم يعلن عنها ولم تتسرب تفاصيلها للصحافة والإعلام، ولعب الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي – كان نائباً للرئيس حينها- دوراً قيادياً في هذه العملية حيث اجتمع كممثل للمؤتمر الشعبي العام مع أهم اقطاب المعارضة آنذاك، وأتذكر أني حضرت اجتماعاً استمر لمدة أسبوع في بيت نائب الرئيس عبدربه منصور هادي- حينها - وكانت هذه هي بداية التفكير في مخرج وخطة متكاملة لعملية النقل السلمي للسلطة التي تضمنت مشاركة الجميع في العملية السياسية، وتضمنت كذلك الأسس الجديدة والحديثة لحل أهم القضايا المستعصية بالنسبة لليمن، لكن بعد صدور قرار مجلس الأمن 2014 والذي دعا إلى تسوية سياسية مبنية على المبادرة الخليجية وطلب الأمين العام مني شخصيا تقديم تقرير إلى مجلس الأمن في ظرف 30 يوماً وهذا الضغط الدولي كان يعكس قلقاً كبيراً لدى المجتمع الدولي في شهر اكتوبر 2011م حيال ما يجري في اليمن، حيث تسير الأمور نحو فوضى وصراع وانهيار لأركان الدولة وكان البلد على حافة الدخول في حرب أهلية شاملة. لكن كانت هناك عدة عوامل مساعدة كدعم الأشقاء في الخليج والضغط الدولي من قبل مجلس الأمن، وقناعة القيادات السياسية لمختلف الأطراف في اليمن أن الوضع خطير، وأن لا مخرج لليمن إلا بالمفاوضات، من أجل عملية نقل السلطة بسلاسة وطرق منظمة تجنب اليمن مخاطر الحرب الأهلية. وفي شهر نوفمبر اجتمعنا في بيت نائب الرئيس عبدربه منصور هادي آنذاك، وكان هناك ممثلون عن الطرفين، وكان هذا متزامنا مع اجتماع مجلس الأمن الأول، بعد صدور قراره 2014، وكنت على وشك الذهاب إلى نيويورك لتقديم تقرير سلبي جدا عما يجري في اليمن. فالأطراف التي دعاها مجلس الأمن إلى تحقيق تسوية سلمية لم تبذل جهداً، بل بالعكس تفاقمت الأوضاع وانتشرت ظاهرة العنف وسقط عدد كبير من الضحايا، لكن القيادة السياسية في اليمن فضلّت طلب تأجيل اجتماع مجلس الأمن واتفق مجلس الأمن على هذا شريطة أن تلتقي هذه القيادات بشكل مباشر على طاولة الحوار وتتفاوض على مخرج، وبحضوري بطلب من الطرفين، من أجل تيسير هذا التفاوض.. واجتمعنا لمدة أسبوع وكانت هناك شخصيات وطنية من الطرفين الأخ الدكتور عبدالكريم الإرياني، والأخ نائب رئيس الجمهورية وأيضا الدكتور أبوبكر القربي ومحمد سالم باسندوة وكذلك اليدومي والدكتور ياسين سعيد نعمان، وكان عدد المتحاورين والأخ الرئيس ذكّرني بهذا مرارا، أنه كانت ثلاث شخصيات تمثل كل طرف وأن المجموعة كانت صغيرة وهذا سهل العملية التفاوضية والأهم في تسهيل ذلك أنه كان ثمة اجتماعات غير رسمية من قبل ترجع إلى شهر يوليو ويونيو من العام 2011م وكان بدأ التفكير منذ مدة في الخروج وفي كيفية تنظيم العملية الانتقالية إلى آخره.. وكانت النتيجة ذلك الاتفاق الذي كان فريداً من نوعه. هل نفهم من حديثكم أنه لولا الضغوطات الدولية ما تم التوقيع على المبادرة الخليجية في نوفمبر؟ - أظن أن الضغوط الدولية لعبت دوراً كبيراً لأن هناك اضطرابات في عدد من دول العالم، لكن لا يتدخل مجلس الأمن، لكنه أيضاً اعتبر أن الاضطرابات الحاصلة في اليمن، قد تكون لها انعكاسات على مستوى السلم والأمن الدوليين، ولهذا كانت رسالة مجلس الأمن واضحة وموحدة.. إذ لم يكن هناك أي انقسام بين أعضاء مجلس الأمن أو خلاف في وجهات النظر، فكان هناك إجماع منذ البداية لأن مجلس الأمن تحدث بصوت واحد، وبعث رسالة إلى كل اليمنيين من خلال القرار (2014) الذي أوضح بلا غموض أنه يجب البحث عن تسوية سياسية... مقاطعاً – في سياق هذا الاجماع الاقليمي والدولي يتساءل الكثيرون حول جوهر وسسب الاجماع فهل كان سببه وضع الأمن المهدد للسلام الدولي في المنطقة.. أم كان إحساس مجلس بإرادة اليمنيين الباحثة عن مخرج.. ما شجعه على هذا القرارات الداعمة للحل السلمي ؟ - الاهتمام الاقليمي والدولي سبب واضح في موقف مجلس الأمن الحريص دائماً على السلم في المنطقة والعالم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، كان الفضل في مجمله يرجع لليمنيين.. القيادات السياسية اليمنية قررت في نهاية المطاف أنه يجب أن تبحث عن مخرج لا غالب ولا مغلوب... وهذه كانت النتيجة.. والاتفاق حول اقتسام السلطة خلال المرحلة الانتقالية تم على مجموعة مبادئ، ويجب أن لا ننسى أن الآلية تمت بمبادئ وأهم مبدأ أننا اتفقنا على الاستجابة لتطلعات الشباب والشعب اليمني في التغيير، المبدأ الثاني هو الحكم الرشيد، المبدأ الثالث هو الدخول في العملية الانتقالية بهدف احداث تغيير جذري حقيقي في نظام الحوكمة في اليمن، وهذا ما حصل في الحقيقة.. وأود هنا التأكيد على أن القضية ليست استبدال شخص بآخر – المسألة اتفاق سياسي سمح بمسألتين الأولى اشراك أطراف أخرى في العملية السياسية، فأنصار الله والحراك والشباب والنساء، وأحزاب جديدة، وأخرى ناشئة من قبل أو موجودة بشكل ضعيف، كل هذه الأطراف صارت شريكة في العملية السياسية التي تغيرت في اليمن، ولم تعد العملية محتكرة من طرف سياسي فقط، أو من الأحزاب البرلمانية التقليدية المعروفة هذا أولاً.. ثانيا تم الاتفاق على انشاء عدد من المؤسسات وكذلك اتخاذ عدد من الاجراءات هدفها التقدم في موضوع الأمن والاستقرار ولهذا تم انشاء وتشكيل اللجنة العسكرية، وكان الهدف هو اخلاء الشوارع من المسلحين وفتح الطرقات، وانهاء ظاهرة العنف، وحصل تقدم كبير والبدء في عملية إعادة تكامل وهيكلة القوات المسلحة واصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان الاتفاق أنه من مهام حكومة الوفاق الوطني، البدء في بلورة وتطبيق برنامج انعاش الاقتصاد اليمني، وأنتم تتذكرون ما كان عليه الوضع الاقتصادي في 2011م، وكذلك تم الاتفاق في هذا السياق على فكرة تنظيم حوار وطني شامل تشارك فيه جميع الأطراف السياسية والوطنية، وكان في الوثيقة اتفاق على الإطار العام على هذا المؤتمر الوطني على أساس عملية تحضيرية واسعة وكانت هذه الفكرة صائبة تعتمد على ما استفدنا منه من تجارب في دول أخرى فشل فيها الحوار لأن عملية التحضير لم تكن كافية وشاملة. فتم انشاء لجنة التواصل التي سبقت اللجنة التحضيرية، وفعلاً استغرقت اللجنة التحضيرية ستة أشهر، وكان عمل اللجنة الفنية التي أنشئت لأول مرة في اليمن فريداً من نوعه، لأن هذه اللجنة كانت القطب المحوري الذي دارت حوله مهمة اشراك جميع الاطراف السياسية في الحوار الوطني، فاجتمعت القيادات السياسية من حزب المؤتمر والاشتراكي، والإصلاح، والناصري وناشطات المجتمع المدني، والحركة النسوية في اليمن، وممثلين عن الشباب الذين أتوا من الساحات، وسواهم. وكان الحوار شيقاً وأحياناً صعباً لكنه تم وفق خطة متكاملة لكيفية تنظيم وإدارة مؤتمر الحوار الوطني، والاتفاق على أجندة هذا الحوار.. قبل الدخول في تفاصيل الحوار الوطني.. دعنا نعود قليلا إلى توقيع المبادرة الخليجية.. ما هو أصعب موقف واجهكم في هذا الجانب؟ - أول صعوبة كانت في الاعتقاد لدى كثيرين أن الوضع ممكن أن يتغير في اليمن إذا تم إقناع الرئيس السابق بالتوقيع على المبادرة الخليجية وأنتهى الأمر.. لكن كان رأيي –المنطلق مما تعلمناه من دروس في دول أخرى- أنه إذا لم يكن الاتفاق نتيجة حوار مباشر بين كل الأطراف المختلفة، وإذا لم تتوصل هذه الأطراف إلى اتفاق مفصّل ينظم العملية الانتقالية، لم أكن مقتنعاً أنه بالإمكان الخروج من الوضع الذي كان قائماً في اليمن أنذاك لكن شيئاً فشيئاً لا حظت أن معظم الأطراف اقتنعت بالفكرة، بالإضافة إلى أن النص الأول للمبادرة الخليجية يقتضي نصاً ثانياً مُفَسّراً للخطوط العامة، فكان التفاوض جار على صياغة الآلية التنفيذية المزمنة، هذا النص هو الذي تم التفاوض عليه بشكل مباشر بين الأطراف وهي الآلية التي أسست مبادئ عملية الانتقال السلمي للسلطة، وهي التي تم الاتفاق من خلالها على إنشاء عدد من اللجان والمؤسسات إلى آخره، التي تم الاتفاق من خلالها على كيفية تنظيم فكرة مؤتمر الحوار الوطني، وكانت آلية مزمنة مبنية على مبادئ وكانت في الحقيقة خارطة طريق. هل أنت صاحب فكرة الآلية التنفيذية؟ - هذه فكرة يمنية في الحقيقة، ونحن تبنينا هذه الفكرة، لكن لم تكن لها شعبية في البداية، وبعد ذلك اقتنع الجميع بها خلال صيف 2011م، فمختلف الأطراف بدأت تبحث عن هذه الصيغة، وقلت أنه بدأ العمل على الآلية في اجتماعات غير معلنة ولم يكن الإعلام على علم بها، في بيت الأخ عبدربه منصور هادي كان نائب الرئيس آنذاك، واجتمعنا مرارا ولمدة وكان العمل والتفكير بصوت عال من أجل صياغة آلية تكون مكملة لنص المبادرة الخليجية الذي لم يكن موقعاً في ذلك الوقت.. وهذه كانت الصعوبة الأولى. هل كان هناك طرف ممانع لتوقيع المبادرة حتى فكرتم في إيجاد حل آخر والتي هي الآلية التنفيذية.. أي أنه كان البعض يشعر بأن هناك نواقص في المبادرة وبالتالي الوضع بحاجة إلى آلية تتضمن بعض النقاط؟ - ما حصل أن الأحزاب وقعت على المبادرة الخليجية ووقعت شخصيات من أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر على المبادرة الخليجية ورفض الرئيس السابق التوقيع عليها، وهذا خلق أزمة، ما جعل الجميع يفكر في كيفية الخروج من هذا المأزق، كان البعض يركز فقط على ضرورة حث الرئيس السابق على التوقيع.. نحن كان موقفنا مختلفاً، حتى إذا تم التوقيع على الوثيقة الأولى، كان يجب أن يكون هناك اتفاق مفصل مبني على المبادئ العامة للمبادرة الخليجية من أجل التنظيم بشكل دقيق لعملية نقل السلطة وتنظيم العملية الانتقالية، لأن هذا يتطلب الاتفاق على مبادئ وعدد من الإجراءات التي يجب أن تتم خلال المرحلة الانتقالية وخلق مؤسسات جديدة، كذلك عملية جديدة هدفها إشراك القوى السياسية غير الموقعة على المبادرة الخليجية، وكان بالنسبة لنا هذا هم أساسي، لأنه كان رأيي في ذلك الوقت وهذا ما تعلمناه من تجارب أخرى، إذا بقت أطراف، ولو كانت صغيرة، وافترضنا أنها صغيرة، وغير مؤثرة خارج العملية السياسية ستفسد العملية السياسية، لهذا كان ضرورياً البحث عن صيغة من أجل إحداث تغيير حقيقي في العملية السياسية في اليمن مبنية على مبدأ المشاركة الشاملة وكذلك إشراك جميع الأطراف ولأول مرة في اليمن.. وكان رأينا كذلك أن الشباب الذين بدأوا معركة إحداث التغيير يجب أن يشاركوا وبفاعلية في هذه العملية، كان رأينا كذلك أن هناك مجتمعاً مدنياً في اليمن يجب أن يشارك.. وكذلك المرأة.. وكان رأينا كذلك أن القضية الجنوبية لا يمكن إغفالها، وكذلك قضية صعدة، وهذه من النقاط التي يجب أن تكون محل نقاش واسع ما بين جميع الأطراف السياسية للخروج بمخرجات تحل هذه القضايا.. كذلك رأينا أن هناك إشكالات يجب حلها بالتوافق من بين هذه القضايا التي هي مستعصية وشائكة هي قضية العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية.. وما تعلمناه من تجارب دول أخرى هو أنه يجب أن يكون هناك إجماع على خطة متكاملة ولكل بلد وضعه الخاص وعلى اليمنيين أن يتفقوا على خطة ورؤية متكاملة في هذا الموضوع.. فكان مؤتمر الحوار الوطني هو الخطة المناسبة لتحقيق هذا. على أية حال كانت نتيجة العملية التفاوضية التي تمت آنذاك في 2011م في بيت نائب الرئيس الأخ عبدربه منصور هادي فريدة من نوعها، أي في النزاعات التي حصلت في إطار دول الربيع العربي تم الاتفاق لأول مرة في بلد عربي على خارطة طريق من أجل نقل السلطة، والبدء بعملية تغيير سلمي عبر عملية تفاوضية سلمية، وهذا لم يحصل في ليبيا ولم يحصل حتى الآن في سوريا ولا أي بلد آخر.. وهذا كان انتصار كبير لليمنيين وللحكمة اليمانية.. والمفارقة كذلك كانت رغم أن اليمن هو البلد الثاني في العالم من حيث انتشار الأسلحة ورغم أن الوضع كان خطيرا وكان اليمن على حافة الدخول إلى حرب أهلية، رغم ذلك تشبث من يدافع على التغيير السلمي بسلمية حركة التغيير السلمي، وتفاوضت الأطراف واتفقت على صيغة.. وطبعا كانت هناك تنازلات من مختلف الأطراف وتم الاتفاق على صيغة توافقية التي هي خارطة طريق التي تم الاتفاق عليها في إطار الآلية التنفيذية وكان هذا إنجاز كبير جدا وتحقَّق في ظرف حساس وخطير.. وهنا أنوه بالشجاعة السياسية لقيادات سياسية في اليمن التي كان لها الفضل في تجنب اليمن مخاطر الحرب الأهلية.. هل سار الحوار الوطني كما خطط له.. وما هي الصعوبات التي اكتنفته خصوصا وأنتم حضرتم الكثير من الجلسات؟ - أولا تم عدد من الحوارات في دول كثيرة من العالم، البعض منها كان ناجحا، والبعض منها كان فاشلا.. وبعض الحوارات أدت إلى تأزيم الوضع أكثر في بعض البلدان.. لكن بالنسبة لليمن.. اليمنيون قرروا أولا في اتفاق نقل السلطة في الآلية التنفيذية الخطوط العريضة لكيفية التنظيم.. وتم الاتفاق على من يشارك في المؤتمر، وهذا واضح في الآلية التنفيذية "الشباب، النساء، المجتمع المدني، أنصار الله، الحراك، الأحزاب، أحزاب ناشئة، فعاليات" كان هذا متفق عليه في إطار اتفاق نقل السلطة. ثانيا تم الاتفاق على أن هذا المؤتمر يكون شاملا، بمشاركة الجميع.. ثالثا تم الاتفاق على أن هذا المؤتمر سيكون مبنيا على مبدأ الشفافية.. وفعلا في البداية البعض لم يصدق هذا.. لكن ما حصل في اليمن هو خارق للعادة، اليمنيون تعودوا على عدد من المؤتمرات، وفي أي مؤتمر حزبي هناك طبخة مسبقة، الأوراق يتم تحديدها من طرف مجموعة صغيرة، من سينتخب في القيادة هو معروف مسبقا، وبعد ذلك تأتي الجماهير والمناضلون المنتمون للأحزاب بالمئات أو بالآلاف ويتم التصفيق على الوثيقة النهائية التي كانت مطبوخة مسبقا.. وكان البعض يعتقد أن هذا ما سيتم في الحوار الوطني.. لكن اكتشف الجميع أن هذا المؤتمر بين على الشفافية والمشاركة الكاملة لجميع الأطراف والمشاركة الفعالة للمكونات الجديدة وتم الاتفاق على خطة متكاملة في ظرف ستة أشهر وفي إطار عمل ما سمي آنذك باللجنة الفنية التي شارك فيها جميع الأطراف واتفقوا على المواضيع والمحاور الرئيسية للمؤتمر واتفقوا كذلك على ضوابط المؤتمر وإجراءاته وخطة متكاملة، وهذا ما ساعد على نجاح مؤتمر الحوار الوطني.. كانت هناك مرحلة تحضيرية شارك فيها الجميع، وقد استفادوا من الخبرات ومن التجارب الدولية وخلقوا نموذجهم الخاص لمؤتمر الحوار الوطني.. مثلا تم التركيز على المواضيع المحورية التي يجب نقاشها في فرق عمل، خلقوا نموذجا جديدا، أنه في حالة أن هناك خلافات سياسية يجب البحث عن هيئة سموها "لجنة التوفيق"، "هيئة رئاسة" هذه كلها ترتيبات تم الاتفاق عليها خلال المرحلة التحضيرية، وفي الحقيقة استغرق هذا النقاش والتحضير ستة أشهر، لكن هذا ما ساعد كذلك على إنجاح مؤتمر الحوار الوطني، لأنه من حيث الإدارة والتنظيم كانت الخطة متكاملة ويكفي النظر كذلك للوثيقة التي خرجت بها اللجنة الفنية كانت وثيقة حقيقة دخلت في تفاصيل كثيرة وجنبت المؤتمر الدخول في متاهات متعلقة بضوابط وقضايا إجرائية إلى آخره، ولم يحدث هذا في مؤتمر الحوار الوطني، ولم تكن هناك خلافات حول الضوابط والإجراءات كما كان البعض متوقعا، لأن هذه الأمور كلها حسمت في الوثيقة التي قدمتها اللجنة الفنية وتركز النقاش على القضايا الموضوعية والرئيسية. الآن بعد مرور عشرة أشهر على مؤتمر الحوار وإقرار يوم 25 يناير كيوم اختتام مؤتمر الحوار.. هل تعتقد أن المؤتمر حقق الأهداف المأمولة..؟ وهل خرج بمخرجات فعلا تصب في خانة بناء دولة يمنية حديثة، أو نظام جديد يرتضيه جميع اليمنيون؟ - أظن أن ما تحقق في إطار مؤتمر الحوار الوطني هو انتصار لجميع اليمنيين، انتصار لفكرة التغيير السلمي وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء الدولة الحديثة دولة القانون، يجب أن لا ننسى أنه في المؤتمر تم الاتفاق على مخرجات تؤسس لدولة جديدة، تؤسس لعهد جديد، تؤسس لمنظومة حكم جديدة وذلك من خلال التركيز على –وهذا وراد في مسودة التقرير النهائي لمؤتمر الحوار الوطني- البداية الجديدة، بداية هذا اليمن الجديد واستعادة ثقة الناس في الدولة، وسيحدث إصلاح جذري في المؤسسات من خلال إنهاء حالات الفساد وإساءة استخدام السلطة، بما في ذلك كما ورد في مخرجات الحوار الوطني بناء القطاع الوطني، على أن يكون قطاع الأمن الوطني احترافياً غير حزبي، إلى آخره، والاتفاق على أن سلطة القانون والعدالة الاجتماعية ستكون هي العمود الفقري للجمهورية الاتحادية الجديدة في اليمن التي تحترم حقوق الإنسان، وتصون كرامة المواطن اليمني وتحقق المواطنة المتساوية وتحقق التنمية المستدامة. يجب أن لا ننسى أن اليمن دولة عريقة ذات تاريخ وشعب تتنوع احتياجاته وتطلعاته وهذا ببساطة ما أدى إلى تبلور فكرة بناء هيكل الدولة الجديد، نظام جديد للحكم وهناك التزام ببناء هذه الدولة الجديدة، تم الاتفاق على ما سماه اليمنيون ب"الانعتاق من الماضي" لأن العملية السياسية في اليمن حقيقة هي عملية تغيير وعملية تأسيس دولة جديدة، ومن خلال مؤسسات جديدة، وفي هذا السياق تم الاتفاق على إغلاق صفحة الماضي الأليم بصراعاته وبالانتهاكات التي تمت، وتم الاتفاق أن هذا الانعتاق لا رجعة فيه.. وما أسس سيكون الركن الرئيسي لولادة جديدة لهذه الدولة. هل تعتقدون أن اليمن قطعت شوطاً كبير في حل المعضلات التي تواجهها من خلال إقرار وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية وعدد من مخرجات الحوار؟ - هذا المؤتمر أسس لبناء دولة جديدة، دولة مدنية حديثة، دولة قوية، وهذا ما يتطلع إليه المواطن اليمني، هذا المؤتمر يؤسس لمجتمع عادل يضمن حقوق الإنسان وجميع الحقوق والحريات.. كذلك المخرجات تضمن بناء مجتمع آمن وتضع قواعد مجتمع سلمي ومزدهر، هذا هو ما توصلت إليه مخرجات الحوار الوطني.. هذا ما سماه الأخ رئيس الجمهورية "بناء منظومة حكم جديد".. هذه بداية عملية تغيير حقيقي في الحوكمة في اليمن.. فعندما ندرس عدداً كبيراً من التجارب الدولية وعدداً كبيراً من الحالات الانتقالية، أرى أن ما تحقق في اليمن عن طريق مؤتمر الحوار الوطني هو تأسيس لتغيير جذري من نظام فساد وظلم واستبداد واستئثار بالسلطة والثروة إلى مجتمع ويمن جديدين يضمنان الشراكة والمواطنة المتساوية والحوكمة الرشيدة، وهذا ما تم إنجازه، وهو أمر رائع يجب أن يفتخر به اليمنيون، وسيكون هذا قدوة ومثالاً لعدد من الدول الأخرى في المنطقة التي بدأت من الآن تدرس التجربة اليمنية، وقد زارتنا مجموعة من الشخصيات من ليبيا في اليمن لتدرس تجربة مؤتمر الحوار، واتصل بنا عدد كثير من الأطراف في دول أخرى.. أصبح اليمن من خلال تحقيق عملية نقل السلطة بشكل سلمي وعبر اتفاق سياسي تفاوضي مثالاً يقتدى به. هل كانت وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية الحل الأنسب لحل مشكلة اليمن وبالذات القضية الجنوبية؟ - كان الاتفاق منذ البداية وفي إطار الآلية التنفيذية على ضرورة معالجة القضايا المستعصية ذات الطابع الوطني، ومنها القضية الجنوبية، خلال هذه المرحلة الانتقالية، وتم لأول مرة الاتفاق على هذه الصيغة، لأن البعض كان معترضاً عليها.. البعض كان معترضاً على وجود قضية اسمها القضية الجنوبية، البعض تحدّث عن مشاكل في محافظات جنوبية وشرقية وإلى آخره، لكن الصيغة الموجودة في الآلية التنفيذية واضحة أن هناك قضية اسمها قضية جنوبية يجب حلها حلاً عادلاً.. وعلى هذا الأساس كان أحد محاور مؤتمر الحوار الوطني القضية الجنوبية، وعملنا مع مختلف الأطراف على الدفع بجميع مكونات الحراك الجنوبي السلمي للمشاركة في مؤتمر الحوار، ولم يكن هناك أي سقف.. فمثلاً، طرحت أطراف في الحراك في ثاني جلسة برنامجها لحل القضية الجنوبية، ودافعت عن فكرة استعادة الدولة والاستقلال وفك الارتباط ولم ينسحب أحد من القاعة.. وكان هذا حقيقة موقفاً حضارياً لليمنيين أكدوا للعالم عبره أنهم يحترمون الرأي والرأي الآخر.. ولما بدأ الحوار الجدي حول القضية الجنوبية استبعدت رؤيتان، لأن الهدف كان يصبو إلى البحث عن توافق... مؤتمر الحوار الوطني كان البداية لمناقشة هذه القضية والخروج بحل عادل توافقي تفاوضي، وفي هذا السياق تم الاتفاق في فريق القضية الجنوبية على استبعاد خيار ما سمي بالدولة البسيطة، هذا لا يمكن أن يكون أساساً للتوافق، وكذلك من جهة أخرى تم التوافق على أن خيار استعادة الدولة والانفصال لا يمكن أن يؤسس لتوافق، وبدأ البحث عن حلول كلها تدور حول بناء هيكل جديد للدولة، وتم في نهاية المطاف التوافق على حلّ القضية الجنوبية في إطار معالجة آثار الماضي، لأن هناك اعترافاً من الجميع أن الجنوبيين عانوا من انتهاكات جسيمة، والتزم الجميع بحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة موحدة على أساس اتحادي ديمقراطي وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، كان هذا هو الاتفاق، وهذا من أهم جوانب الوثيقة المتعلقة بالقضية الجنوبية. وتم الاتفاق على أن هذه الدولة الجديدة ستشكل قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد وإساءة استخدام السلطة والتحكم بالثروة.. هذا أهم ما ورد في هذه الوثيقة وتم الاتفاق عليه بالتوافق.. وبعد هذا تم التفاوض ما بين الأطراف على عدد من المبادئ التي ستؤسس لبناء هذه الدولة. وما تعليقكم على ما تسمية بعض القوى بوثيقة بنعمر؟ - يشرفني أن يتم ربط هذه الوثيقة باسمي، لكن الحقيقة أنه تمت صياغتها في إطار اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية المعروفة أيضاً بلجنة 8+8، وتمت صياغة الوثيقة بشكل جماعي وبمساهمات ومشاركات واقتراحات من مختلف الأطراف. - مقاطعاً - لكن هناك مخاوف يذهب أصحابها إلى أن الوثيقة ستؤسس لمشاكل أو لمستقبل ملغوم بالمشاكل السياسية والجهوية، خصوصا وثقافة اليمنيين لم تهيأ بما يكفي لتطبيق نظام فيدرالي أقاليمي؟ - النقاش حول القضية الجنوبية كان معقداً، وقد حاول الجميع أن يحل مشكلتين، الأولى كيفية إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية، والثانية هي تطلعات اليمنيين في أنحاء اليمن إلى نظام حكم جديد، وهيكل جديد للدولة، وشكل جديد لدولة جديدة ذات طبيعة اتحادية، يشكل قطيعة مع تاريخ الدولة التي اتسمت بالمركزية المفرطة منذ عقود في اليمن، وكذلك تقريب القرار من المواطنين وتمكينهم ومساعدتهم على حل مشاكلهم.. وهكذا تطلع الجميع في نقاشاتهم، وصولاً إلى الاتفاق على المبادئ العامة ووضع هيكل وعقد اجتماعي جديدين يُوصلان إلى دولة جديدة موحدة على أساس ديمقراطي يشكل قطيعة على الماضي.. وكل هذا ما تضمنته الوثيقة. رغم أن الوثيقة أشارت إلى حل القضية الجنوبية في إطار الوحدة وبالرغم من إصدار هيئة رئاسة المؤتمر بأن حل القضية الجنوبية يأتي في إطار الوحدة، وبالرغم أيضا أن مجلس الأمن الدولي في قراراته التي أصدرها وفي نقاشاته أكد أيضا على وحدة اليمن.. إلا أن هناك بعض القوى مع الأسف تحاول دغدغة مشاعر بعض المواطنين بأن هذه الوثيقة بداية لتقسيم اليمن.. نريد منك رسالة تطمينية للمواطن بخصوص هذا الأمر؟ - ثمة فقرات مختلفة من الوثيقة تؤكد على وحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه، والوثيقة تنتهي بالتزام رسمي، ويقول هذا الالتزام "يعلن الموقعون أدناه ثقتهم الكاملة بأن هذا الاتفاق يضمن تسوية عادلة وانعكاساً دقيقاً لفهمنا المشترك ونعتقد أن هذا الاتفاق يصب في مصلحة الشعب اليمني.. وعليه نلتزم احترام ودعم هذا الاتفاق بحسن نية ونظرة مستقبلية بهدف بناء دولة اليمن الاتحادية الديمقراطية الجديدة والحفاظ على وحدتها وسيادتها واستقلاليتها وسلامة أراضيها".. وهذا مُثْبَت بشكلٍ واضح في الوثيقة وليس هناك أي مجال للمغالطة.. الوثيقة من البداية إلى النهاية أسست لبناء دولة موحدة، دولة مبنية على الديمقراطية وسيادة القانون، ولم يكن هناك أي نقاش في صياغة الوثيقة على أية صيغة قد تهدد وحدة الجمهورية اليمنية الاتحادية، بل بالعكس تم التأكيد على هذا بشكل واضح.. هناك بعض الأطراف لأسباب سياسية وحزبية ضيقة قامت بحملة، تحاول إيهام اليمنيين على أن هذه الوثيقة ستهدد وحدة أمن اليمن، كانت هذه مغالطة، وكل من قرأ الوثيقة اتضح له أنها تؤسس لدولة موحدة ذات طبيعة اتحادية من أجل حل القضية الجنوبية وكذلك بناء شكل دولة يتناسب مع متطلبات القرن الواحد والعشرين ومتطلبات الديمقراطية والتنمية في اليمن وهذا هو ما اتفق عليه اليمنيون وبالإجماع. ما هو تفسيرك لتوقيع جميع القوى السياسية على الوثيقة وفي نفس الوقت ظهور بعض الأطراف في محاولة خلق مشاكل سواء في شمال الوطن أو جنوبه؟ - واضح من خلال الإعلام أن بعض الأطراف حارب الوثيقة لدرجة أن البعض سماها: "وثيقة الخيانة" لكنه وقع عليها.. فكيف توقع على وثيقة ومن ثم تسميها وثيقة الخيانة..؟.. هذه الوثيقة تم التوافق عليها ما بين اليمنيين، وأظن أن هذا الاتفاق يؤسس لحل عادل للقضية الجنوبية.. يجب أن لا ننسى أن هناك احتقاناً في الجنوب، الذي حصلت فيه مظالم وانتهاكات، تتبعتها وتعرَّفتُ عليها منذ زيارتي الأولى لليمن، في إطار هذه المهمة في إبريل 2011م، وإلى الآن اضحت لي الصورة أكثر، حجم المظالم كان أكبر مما كنت أتصور.. ولدينا جميع الأدلة المتعلقة بتلك المظالم، نهب الأراضي، التمييز ضد الجنوبيين.. يجب أن لا ننسى أن النظام السابق خلق وضعاً جعل الناس في الجنوب يكرهون الوحدة، وأصبحوا يتحمسون لفكرة الانفصال واستعادة الدولة، وكان من الضرورة إيجاد صيغة حل تمتص هذا الاحتقان، وهذا ما تحقق في اليمن، حيث اجمعت القوى السياسية على أنه فعلا كانت هناك مظالم، واعترف الجميع بهذا، وبحث الجميع عن صيغة لبناء دولة جديدة موحدة في إطارها يتم حل القضية الجنوبية.. وأظن أن الصيغة التي توصلت إليها هذه الأطراف لم تكن بالأمر السهل طبعاً، لأن هذا الحوار كان يجمع أطرافاً كثيرة، هناك أنصار الله، ومجموعات من الحوار تدافع عن تقرير المصير واستعادة الدولة، وكانت هناك آراء ترفض الاعتراف بشيء اسمه الجنوب، حتى تسمية الجنوب كانت ترفضها، كذلك كانت هناك أطراف لها رؤى مختلفة.. وهنا أثني على الجهود المخلصة والبناءة التي أدت باليمنيين بجميع اتجاهاتهم إلى الاتفاق، والصيغة الموفقة التي تضمن شراكة حقيقية للجنوبيين في السلطة والثروة.. هل تعتقد أن هذا الاتفاق سيفضي إلى عهد وحدوي جديد يكون الجنوب فيه شريكاً فاعلاً في الدولة الاتحادية الجديدة؟ - ما تحقق في إطار وثيقة حل القضية الجنوبية، مكسب كبير للجنوبيين ولجميع اليمنيين، وانتصار لليمن، لأنها تضمنت مصفوفة ومنظومة من المبادئ التي تكفل بناء دولة جديدة موحدة مبنية على سيادة القانون والديمقراطية والمواطنة المتساوية، وهناك بند خاص ركَّز على مسألة المواطنة المتساوية، كذلك هناك إنصاف للجنوبيين وتعهُد كذلك من الجميع ببناء هيكل جديد للدولة، لا يضمن فقط الاستجابة لتطلعات اليمنيين في التغيير، بل وتطلعاتهم في دولة حديثة تقرب القرار من المواطن وتشكل قطيعة مع ماضي الاستبداد والاستئثار بالسلطة.. كذلك يجب أن لا ننسى أن هذه الوثيقة هي مجموعة مبادئ، ليست دستوراً، وليست قوانين مفصلة، لأن العملية وكما تم الاتفاق عليها في إطار مؤتمر الحوار الوطني، هي مجموعة مبادئ يبنى عليها الدستور، هناك مرحلة تالية هي مرحلة صياغة الدستور، سيتم من خلالها التفصيل في موضوع الاختصاصات والسلطات على المستوى الاتحادي، الأقاليم، والولايات. عودة أخرى إلى مجريات مؤتمر الحوار، وها هو قد نجح باختتامه.. هل يمكن استنساخ التجربة اليمنية للدول الشبيهة بأوضاع اليمن وبالذات دول الربيع العربي؟ - لن أقول استنساخاً، بل ستستفيد الدول الأخرى من تجربة اليمن.. وقد طرُح عليَّ سؤال من قبل أحد الصحفيين "كيف سيؤثر الوضع في مصر الآن على اليمن؟".. قلت: تاريخياً كان هناك تأثير مصري كبير على اليمن، والدليل أن هناك أحزاباً ناصرية وهذه حقائق تاريخية معروفة، وقلت هذه المرة قد تستفيد مصر من التجربة اليمنية، التي سيكون من المهم جداً الاستفادة منها.. وأظن أن عدداً كبيراً من المفكرين والسياسيين في دول عربية أخرى بدأوا البحث في كيفية وصول هذه القوى المتناحرة في مجتمع مسلح، إلى اتفاق سياسي، وكيف تم التوافق على هذه الترتيبات في عملية انتقالية، وكيف نجح اليمنيون في الإعداد لمؤتمر حوار وطني شامل، وخلال هذا المؤتمر تطور عدد من المواقف حتى داخل الأحزاب نفسها.. قبل مؤتمر الحوار الوطني كنت قد طرحت جملة من الأسئلة على عددٍ من الأحزاب: ما هو موقفكم من شكل الدولة والقضية الجنوبية ؟ لم يكن هناك وضوح، ولكن خلال مؤتمر الحوار الوطني كانت ثمة صراعات حتى داخل الأحزاب كلها حول هذه المواضيع، وهذا ما جعل الرؤية تتطور مع تطور الحوار في مؤتمر الحوار الوطني وتم التوافق على عدد من المخرجات.. كان ثمة تحديات كثيرة تكتنف مسيرة الحوار الوطني.. لكن كانت هناك قرارات سياسية كانت شجاعة على صعيد حلحلة الملفات والقضايا العالقة في مسار التسوية السياسية.. إلى أي مدى نجحت القرارات السياسية التي أصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في امتصاص الاحتقان السياسي داخل القوى المختلفة؟ - الدرس الأول الذي يمكن أن تتعلمه الدول الأخرى من التجربة اليمنية، هو أن عملية حوار وطني تتطلب قيادة حكيمة، وقد لعب الرئيس عبدربه منصور هادي دوراً قيادياً في الدفع بعملية الحوار. طبعاً لأول مرّة في التاريخ يجتمع كل هذه الاتجاهات السياسية، التي تمتلك برامج سياسية مختلفة ومصالح مختلفة، والتوافق لم يكن سهلاً، والدور الذي لعبه الرئيس عبدربه منصور هادي وهيئة الرئاسة ككل كان دوراً جوهرياً مهماً جداً ساعد في تقدم مؤتمر الحوار الوطني. ثانيا هذا الحوار لم يتم فقط في قاعة مغلقة، إذ صاحب هذا النقاش في المؤتمر حوار مجتمعي واسع، كون أن جلسات المؤتمر كلها يراها المواطنون على شاشات التلفزيون، ما خلق اهتماماً خاصاً جعل المواطن يهتم بالقضايا الوطنية ويفكر كذلك بصوت عال ويؤثر على المتحاورين. ولعبت منظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة دوراً مهماً في هذا السياق. القرارات التي اتخذها الرئيس عبدربه منصور هادي شجاعة ساعدت على إنجاح مؤتمر الحوار الوطني.. وأهم قرار هو قرار إعادة هيكلة الجيش.. وكان لقراراته تأييد شعبي واسع بالإضافة إلى قرارات أخرى خلقت جواً مناسباً جعل المتحاورين يرون أن مؤتمر الحوار الوطني محطة من محطات التغيير السلمي في اليمن.. وخلال المؤتمر كانت هناك خلافات وكان الرئيس عبدربه منصور هادي مرجعية لأنه الرئيس التوافقي الشرعي المنتخب وكان هناك إقبال كبير على صناديق الاقتراع وكان هذا بمثابة استفتاء في الحقيقة على اتفاق نقل السلطة، حيث عكس الإقبال الشديد على صناديق الاقتراع بدون شك اقتناع اليمنيين واليمنيات بأنه حان وقت التغيير وأنه لا رجعة إلى الماضي، وعلى هذا الأساس تم انتخاب الأخ عبدربه منصور هادي، وفعلا كانت هناك عراقيل داخل مؤتمر الحوار وصعوبات ومشاكل لكن تم تجاوزها ووصلنا الآن إلى نهاية مؤتمر الحوار وتم الاتفاق على مخرجات مهمة تؤسس لبناء الدولة اليمنية الجديدة. لنتحدث بصراحة أكثر.. وسأنقل لك مخاوف بعض اليمنيين حول مدى تعثر تطبيق مخرجات الحوار الوطني وتكرار سيناريو 94م والمتمثل في وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت عليها آنذك كافة القوى السياسية.. ما رأيك في مثل هذا الطرح؟ - هذه المخاوف طُرحت في إطار الحوار الذي تم في إطار اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية، لجنة 8 + 8، وفعلا ناقشنا وثيقة العهد والاتفاق وطرحتُ سؤالاً على المتحاورين "كيف يمكن أن نستفيد من تجربة وثيقة العهد والاتفاق؟"، بمعنى لماذا لم تشكل حلاً ؟، لماذا تلا التوقيع على هذه الوثيقة حربا ؟ وكان هناك نقاش جِدِّي.. وأظن أن الظرف مختلف الآن.. أولاً هناك حوار وطني شامل، ثانياً هناك رغبة حقيقية للتقدم في عملية التغيير.. وعلى من يحلم بإعادة عجلة التغيير إلى الخلف، أن يدرك أنه لن يستطيع تحقيق هذا.. فعملية التغيير انطلقت وتقدمت، ولا رجعة إلى الماضي. أيضاً الظرف الدولي الآن مختلف، هناك اجماع دولي داعمٌ لجهود الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يقود عملية التغيير، والمرحلة الانتقالية في اليمن، وهو دعم لا مثيل له في المنطقة، وعلى مستوى مجلس الأمن الذي يجتمع كل (60) يوماً تقريباً لتقويم تنفيذ بنود التسوية السياسية في اليمن، ومتابعة مدى تطبيق قرارات مجلس الأمن، وسيستمر مجلس الأمن يتحدث بصوت واحد لدعم عملية الانتقال السلمي، ومخرجات الحوار الوطني، واتخاذ أي إجراءات يراها مناسبة، إزاء أية عرقلة للجهود الرامية لإنجاح التسوية السياسية في اليمن. هل ثمة ضمان واضح يكفل تطبيق مخرجات الحوار؟ - أُولى هذه الضمانات الإرادة اليمنية التي عكسها التفاعل الصادق مع مجريات الحوار الوطني حتى نجاحه رغم كل التحديات، وثاني هذه الضمانات هو دعم الدول الراعية للمبادرة الخليجية، وثالثها مجلس الأمن الدولي، هذه الضمانات ستلتقي جميعها في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، الذي حظي منذ البداية بمساندة ودعم المجتمع الدولي الذي يعتبر ما جرى في اليمن بمثابة تجربة فريدة من نوعها، للوصول الى الدولة الديمقراطية الجديدة، فجميع أعضاء مجلس الأمن يدعم التغيير السلمي في اليمن، وسيواصل دعمه للجهود اليمنية المخلصة الرامية إلى تنفيذ مخرجات الحوار وسيجتمع مجلس الأمن يوم 28 يناير، وسأقدم تقريراً حول ما تحقق في الحوار ومخرجاته.. هل تتوقع ان يصدر مجلس الأمن في الوقت القادم قرارات تدعم مخرجات الحوار.؟ - اعتقد أن مجلس الأمن الدولي في اجتماع 28 يناير سيتخذ ما يراه مناسباً من القرارات التي تحدد كيفية دعم مخرجات الحوار الوطني.. هل سيظل باب فرض العقوبات ضد أي طرف يحاول عرقلة مخرجات الحوار قائما في فترة ما بعد الحوار ؟ - مجلس الامن أصدر القرار 2051 ضد أية عملية أو عراقيل تهدد العملية السياسية في اليمن، وصدرت بيانات أخرى من المجلس، وهو مستعد لتنفيذ عقوبات ضد المفسدين والمعرقلين، وهناك إرادة اقليمية ودولية تساند اليمنيين للخروج باليمن من محنته.. كل هذه الاحترازات هل هي كافية لضمان تنفيذ كل مخرجات الحوار الوطني؟ وما رأيكم في المدى الزمني لتنفيذ هذه المخرجات..؟ - ثقتي كبيرة أن هذا الشعب العريق الذي حقق عملية الانتقال والانجاز الذي لا مثيل له في المنطقة العربية، يمضي نحو الدولة المدنية الحديثة، وصيانة هذه المكاسب والدفع بعملية التغيير للمستقبل الأفضل الذي طمح اليه الشباب والشعب. وبالنسبة للمدى الزمني للتطبيق، فمهمة التنفيذ أهم بكثير من عامل الزمن، وكان هناك نقاش مع مختلف الاطراف السياسية حول هذا الموضوع. ما اتفق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار هو مهام صعبة تتطّلب سنين طويلة، لكن اليمنيين استطاعوا انجازها في أشهر، الآن ستأتي محطة أخرى، هي انجاز صياغة دستور يمني جديد، بعد هذا سيكون التحدي التهيئة للانتخابات، وهذا يتطلب انجاز جوانب تقنية، وانجاز سجل انتخابي جديد، والاتفاق على قانون جديد، وبشكل عام تقدمت العملية السياسية بنجاح الحوار ولا يمكن أن تتم هذه المهام بحلول فبراير 2014 م لا بد من وقت كاف لانجازها، ولكن اتفق اليمنيون على ضرورة التقيد بجدول زمني حتى يتمكنوا من تطبيقها باحسن وجه واسرع وقت. هل نفهم من هذا بأن نهاية الحوار بداية جديدة لمحطة ثانية من المرحلة الانتقالية تقتضي التمديد للرئيس هادي وحكومة الوفاق ومؤسسات الدولة؟ - مصطلح تمديد هو مغالطة، وأقول لكل من يحاول تضليل الشعب اليمني: لا داعي للديماغوجية.. وقد وضحت لليمنيين في الصحافة والاعلام أن هذه مغالطة كبيرة، فالمادة 24 من المبادرة الخليجية تؤكد أن ولاية الرئيس تنتهي عند انتخاب رئيس جديد، وقامت القيامة وشنت حملة ضدي لأني دافعت عن نص موجود في المبادرة بخصوص هذه الفكرة، رغم أنها من الدستور، وأكد مجلس الأمن على ذلك، وباختصار ما تم الاتفاق عليه، هي مرحلة انتقالية تنتهي عند انتهاء مهامها، في اطار جدول زمني وانتخابات جديدة، في أطر جديدة، رغم أن هذه المرحلة تأخرت بسبب العرقلة.. فاليمنيون يعرفون ما جرى عندما أعلن الرئيس هادي عن التعيينات العسكرية الأولى، بعد استلامه السلطة، حيث كانت هناك مقاومة شديدة، وتمرد على قرارات القائد الأعلى ورفض بعض الضباط من النظام السابق هذه القرارات، وعدم الامتثال لها، وكان الوضع خطيراً جداً، وكان اليمن على حافة الدخول في صراع مسلح، فأي بلد في العالم يتم فيه رفض التسليم بقرار عسكري سيادي ويغلق المطار.. !! وهذا فقط مثال على أسباب تأخير العملية الانتقالية، والبطء في التوصل إلى توافق على خطة متكاملة لهذا الموضوع الحساس في ظل مقاومة من أفراد منتمين إلى النظام السابق.. ومثال آخر على عرقلة سير العملية السياسية هو اتفاق جميع الأطراف على انجاز العمل الفني التحضيري للحوار الوطني وبمدى زمني هو ستة أسابيع، لكن الظروف والعراقيل جعلت من المدى الزمني ستة اشهر، وتطلبت مجريات الحوار عشرة اشهر أيضاً.. ولهذا فإن الاتفاق المجمع عليه في مؤتمر الحوار الوطني يتركز على انهاء المهام الموقع عليها في المبادرة الخليجية وانجازها في أسرع وقتٍ، لكن ليس على حساب جودة الانجاز.. هل نفهم من هذا أن المرحلة المقبلة هي مرحلة أهداف تنتهي بتحقيق وإنجاز هذه الأهداف؟ - نحن مازلنا في المرحلة الانتقالية، وما بعد المؤتمر سيكون انجاز وتنفيذ مخرجاته، فهناك وثيقة الآن تم الاتفاق عليها تفصّل كل الاليات التي وردت في الالية التنفيذية، ويجب التعاون من الاطراف السياسية كلها لتنفيذ ما تضمنته هذه الوثيقة... - مقاطعاً – لكن هناك قوى سياسية وقّعت على مخرجات الحوار وهي للأسف لا تزال تحمل السلاح وتدين بالولاء لرجال الدين والمشائخ دون الولاء لسيادة دولة القانون.. هل ترى أنه آن الأوان بأن تتحول الى قوة مدنية؟ وهل انت متفائل بإمكانية تطبيق ذلك على ارض الواقع؟ - مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واضحة جدا لا تسمح بوجود دولة داخل دولة.. هناك فقط جمهورية يمنية اتحادية، دولة مؤسسات، دولة قانون اتفقت جميع القوى السياسية عليها كدولة قانون تفرض سيطرتها على جميع أنحاء اليمن، حان الوقت لانهاء القطاعات المسلحة، والالتزام بالقانون في اطار الدولة اليمنية الاتحادية التي بدأت عملية سياسية جديدة، تشارك فيها كل الاطراف السياسية.. صحيح أن اليمن مجتمع له خصوصيته، لكني مقتنع بأن القيادات القبلية يمكنها وبإمكانها أن تتحول إلى قوة مدنية ذات اسهام مؤثر في البناء والتنمية، كما أن باستطاعتها ان تلعب دوراً رئيسياً وايجابياً للدفع بعملية التغيير في اليمن، هذه قيادات لها تأثير ولها وجود وكما لاحظنا منذ بداية عملية التغيير ساهم معظمها في الدفع بعملية التغيير السلمي، كما شارك أغلبها في مؤتمر الحوار الوطني، ومنهم عدد من الشخصيات القبلية ورجال الدين، وساهموا كذلك في صنع القرارات والمخرجات، ولاحظت في اليمن أمراً جيداً هو التعاون ما بين كل القوى السياسية والاحزاب والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني في الحوار الوطني وفي عملية التغيير الذي ينشده اليمنيون، كما يلعب رجال الدين والقبائل دوراً مهماً، ولكن يجب أن تتضافر كل الجهود وألا نغفل هذا الجانب فالمجتمع اليمني تقليدي قبلي.. نحن لدينا تواصل مع هذه القيادات.. وخلاصة القول: اليمنيون خلقوا مصطلحاً جديداً هو التوافق، سموا حكومتهم حكومة الوفاق، المبدأ الجديد الذي بني عليه مؤتمر الحوار، والتوافق الذي بنيت عليه لجنة التوفيق وبهذا اتضحت في اليمن ملامح تأسيس فكرة الديمقراطية والقانون، وهذا لن يتم ولن يكتمل الا بتضافر كل الجهود.. وعلى الجميع ان يدرك انه ليس من مصلحة اليمن ان يبقى سجين الماضي، يجب ان يبدأ الجميع صفحة جديدة، يجب ان يكون الجميع شريكاً في عملية التغيير المنشود، لان هذا ما يسعى اليه الشعب اليمني. ما هو وجه الدعم الذي يمكن ان تقدمه الأممالمتحدة لليمن في المرحلة المقبلة وبالذات مرحلة صياغة الدستور والسجل الانتخابي؟ - دورنا في الأممالمتحدة هو مساندة اليمن في الانتقال السلمي للسلطة بعيداً عن الصراع والنزاعات المسلحة، من خلال تبني ما اتفق عليه اليمنيون سواء في المبادرة الخليجية أو ما تم الاتفاق عليه في مخرجات الحوار الوطني.. وما أود الاشارة إليه هو أن الأممالمتحدة هي الطرف الوحيد الذي ليست لديه مصلحة خاصة، فلا حدود لها مع اليمن، ولا شركات نفطية، ولا مصالح خاصة تنقب عن البترول وتتفاوض مع الحكومة من أجل ذلك، وليست لدينا طائرات من دون طيار، فاليمن جزء من الاممالمتحدة ونعمل في اطار قرارات مجلس الامن، لانها واضحة، ونحن طرف له قيم واعراف ومبادئ لا نخرج عليها، وفي هذا السياق ندعم الجهود في هذه العملية التي يقودها اليمنيون، ونقدم الخبرات كلما طلب منا ذلك، فنحن منظمة دولية وخبرنا عدداً من المراحل الانتقالية في دول امريكا اللاتينية واوروبا واسيا.. ونريد أن يعرف اليمنيون الحل المناسب والاستفادة من تجارب اخرى.. صحيح أن لليمن تاريخه وعاداته وخصوصياته لكن خبراءنا قدموا تحليلات حتى يستفيد منها اليمنيون، وهناك اجماع أممي بالنسبة لنا، إذ سنبقى داعمين لمخرجات الحوار الوطني فلدينا منظمات انسانية ومنظمات تعمل في الجانب التنموي ومئات آلاف العاملين في الاممالمتحدة، ولدينا خبراء من الشمال الى اقصى الجنوب يعملون في المجال الانساني. دكتور جمال ألا ترى ان الدعم الدولي يقتصر على جانب الدعم السياسي دون التركيز على المناخ الاقتصادي والاجتماعي.. فما هي دعوتكم للدول المانحة إزاء الجانب التنموي والاقتصادي اليمني؟ - منذ بداية العملية الانتقالية، بذلنا جهوداً من أجل حث جميع أصدقاء اليمن على دعم الجهود اليمنية في اعادة اعمار اليمن، وفي هذا السياق تم تنظيم مؤتمر اصدقاء اليمن في الرياض وتعهد الاشقاء بدعم الجانب الاقتصادي، واكبر دولة مانحة هي المملكة العربية السعودية، وأول دولة وفت بعهودها، وندعو بقية الدول إلى الايفاء بتلك التعهدات، لكن مسألة التنمية تتطلب جهوداً يمنية في الأمن ومكافحة الفساد وشفافية في تنفيذ المشاريع.. فالتخريب والهجمات المستمرة ضد البنى التحتية، تكلف الدولة خسائر كبيرة بمئات الملايين من الدولارات، وفي بلد فقير، يعيش ازمة انسانية.. ويجب الا ننسى ان نصف سكان اليمن تقريبا يعاني من سوء التغذية، والمخربون مستمرون في تنفيذ الهجمات على هذه المشاريع التنموية، خطوط الكهرباء، أنبوب النفط والغاز الخ.. ثانيا الاموال المنهوبة حان الوقت لليمنيين لتنفيذ ما اتفقوا عليه في الحوار الوطني لاسترجاع الاموال المنهوبة لهذا الشعب الذي يعاني من أزمةٍ تستفيد منها حفنة من المتنفذين.. وأعبر هنا عن سعادتي لتوافق مؤتمر الحوار الوطني على بنودٍ تقضي باسترجاع الأموال المنهوبة من الخارج، ويجب ألا ننسى أن هناك جهوداً وتعهدات دولية في طريقها للوفاء مع استقرار الاوضاع.. دكتور جمال.. لو عدنا للجوانب الشخصية وازدياد الأزمة في اليمن واشتداد الصراع بين الأطراف اليمنية هل فكر بنعمر يوما بالانسحاب؟ - لا.. أبداً.. نحن ملتزمون بقرار مجلس الأمن الدولي، ولعل هذه طبيعة الأممالمتحدة ومن يعمل في إطارها.. قرار مجلس الأمن دعا اليمنيين الى تسوية سياسية، مبنية على المبادرة الخليجية وعملية سياسية يقودها اليمنيون، وكنا على يقين بان اليمنيين قادرون على تجاوز المحنة، فهم شعب له تاريخ وحضارة، وأن القيادة السياسية قادرة على حل المشاكل وفق عملية سياسية.. صحيح كانت هناك صعوبات ولازلنا الى حد الان نواجه العديد من الصعوبات، ولكن رغم ذلك وبفضل ارادة اليمنيين وشجاعتهم تم الاتفاق السياسي على نقل السلطة وتذليل الصعوبات والعراقيل وانجز اليمنيون انجازاً عظيماً هو مؤتمر الحوار الوطني، ويجب الا ننسى ان اليمن له وضع خاص، فاليمن بلد له تاريخ وحضارة عريقة ومعروف بأنه مجتمع مدني، ذو احزاب سياسية عريقة، وقناعتي أن اليمنيين قادرون على بدء صفحة جديدة وبناء بلدهم بأيديهم هل خشي جمال بنعمر على حياته في يوم من الأيام وهو يخوض جهود السلام في ذروة الصراع؟ - الأقدار بيد الله.. ونحن في الأممالمتحدة تواجدنا في ذروة الصراعات والحروب في بلدان كثيرة، وتجربتي كلها في الاممالمتحدة في بلدان حروب وصراعات أهلية، سبق لي أن عملت في بلدان مختلفة كانت في منها إبادة جماعية مثل رواندا وبوروندي وافغانستان والعراق، وفي اوضاع كانت أخطر مما هو عليه في اليمن عام 2011 لكن تعلمنا الكثير من هذه التجارب، خصوصاً الاصرار على مواصلة الجهود الانسانية التي ترسي السلام بين الأمم والشعوب.. هل تعرضت لموقف صعب خلال هذه المهمة المتعبة ؟ - الموقف صعب منذ البداية ولازال صعباً الى الان ولكن كما قلت: نحن طرف نعمل في اطار قانوني هو القانون الدولي وقرارات مجلس الامن ونقف كذلك على نفس المسافة من كل الاطراف، ليس للامم المتحدة مصالح. نحن فخورون باننا لسنا محايدين حين يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، مثلا الاممالمتحدة دائماً مدافعة عن حقوق الانسان وحقوق المرأة ولهذا لا نقف مع من انتهك هذه الحقوق ولم يلتزم بالمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، نحن طرف محايد فعلا ولكن له مبادئ واعراف ملتزم بها ويعمل ما هو متفق عليه من خلال قرارات مجلس الامن ولن تخيفنا أي تهديدات هل تعرضت للتهديدات اثناء مهامك ؟ - طبعاً تعرضنا للذم والقدح ومحاولات تشويه صورتنا لكن هذا لم ينل من عزيمتنا.. خلال فترة التسوية التي قضاها بنعمر في اليمن، ورغم جهوده الا انه تعرض لحملات إعلامية كبيرة، فهل تأثرت نفسيا في يوم من الايام ؟ - لا.. نحن في اطار مهمة حددها لنا مجلس الامن وهي متابعة المساعي الحميدة للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن لمساعدة اليمنيين على الخروج من الصراع، ونحن ملتزمون بما هو متفق عليه في قراري مجلس الامن، القرار الاول الذي دعا الى تسوية سياسية مبنية على المبادرة الخليجية، والقرار الثاني الذي حذر المعرقلين من مغبة عرقلة المرحلة الانتقالية.. وعملنا في هذا الاتجاه ودافعنا دفاعاً قوياً على تطبيق المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، ولهذا اراد البعض ان يوهم الشعب اليمني ان شرعية الرئيس هادي تنتهي في 2014، فواجهناهم رغم الحملة المسعورة التي قاموا بها، لم نتراجع، وبنفس الفكرة التي دافع عنها مجلس الامن والموجودة في بند 24، ولم ولن يسمح لأي عراقيل، وتم الاجماع على ضرورة انهاء ما تبقى من المرحلة الانتقالية والتأكيد على شرعية الرئيس المنتخب وان مدة الرئاسة تنتهي بانتخاب رئيس جديد. يتهمك البعض بانك متحيز للشباب، ما ردك على ذلك ؟ - هذا شي اكيد، وافتخر بهذا، لأن الشباب هو فخر اليمن، فما وصلنا اليه الآن هو بفضل الشباب الذين خرجوا بصدور عارية مطالبين بالتغيير السلمي وبعهد جديد، والشعارات التي رفعوها تتطابق مع اعراف الاممالمتحدة، لكننا اكدنا للشباب ان عملية التغيير لا بد ان تكون سلمية، ولا بد أن يكون الشباب طرفاً فاعلاً في العملية السياسية وسنبقى دائماً من الأوفياء لما وعدنا به، لتطلعات الشباب نحو التغيير وبناء الدولة المدنية الحديثة. هل لبّت مخرجات الحوار تطلعات الشباب في التغيير؟ - اعتقد ان الشباب في 2011 كانت تطلعاتهم تهدف في مجملها إلى عمل قطيعة مع الماضي بفتح صفحة جديدة ودولة مدنية حديثة. وهو ما أكدت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبهذا فإن حركة الشباب في اليمن حققت انتصاراً كبيراً لليمن ككل، وماهو موجود في الوثيقة النهائية لمخرجات الحوا ر الوطني يعبر عن ذلك، فقد تضمنت الوثيقة مصفوفة من المبادئ تؤسس لحوكمة جديدة في اليمن وقطيعة مع دولة الظلم والاستبداد والاستئثار بالثروة والسلطة لصالح الاسرة والقبيلة، وما تحقق في اطار الحوار الوطني لم تعرفه اليمن ولم تعرفه المنطقة ككل، وسيكون مثالاً للشعوب العربية ممن لا تزال تعاني من الظلم والاستبداد والاستئثار بالسلطة وكما قلت ثقتي بان اليمنيين قادرون ان يكونوا مثالاً للانتقال السلمي للسلطة وللحوار والتأسيس لعقد جديد.. أخيراً دكتور جمال ما هي رسائلك للرئيس عبد ربه منصور هادي، والحكومة، والقوى السياسية والشباب وعلماء الدين ؟ وكذلك للإعلام اليمن بمختلف توجهاته؟ - رسالتي لهادي هي رسالتي لحكومة الوفاق والقوى السياسية والشباب ولجميع اليمنيين انه بفضل القيادة الحكيمة للرئيس عبد ربه منصور هادي وبفضل جهود جميع القيادات السياسية المتعاونة حقق اليمن انجازاً تاريخياً رائعاً، وأسس لدولة اتحادية جديدة تشكل قطيعة مع ماضي الظلم والاستبداد، فهنيئاً للرئيس هادي ولليمنيين هذا الانجاز الوطني العظيم، وأقول لهم : تنتظركم مهام كبيرة وصعبة، لكني واثق بانكم قادورن على انجاز هذه المهام حتى يبقى اليمن نموذجاً. وللإعلام أقول: لقد عملتُ في دول كثيرة لكني لم ار في أي بلد هذه الفبركة الكبيرة في الاخبار والكذب على الشعب، فأحياناً أرى بعض وسائل الإعلام الممول من الأموال المنهوبة، يقود حملة مسعورة على ما حققه اليمنيون في الفترة الانتقالية، حملة تريد ان توحي للمواطن بان هذا الرئيس والحكومة هما سبب هذا التدهور والتراكمات، الشعب اليمني لا يثق بهذا التهريج، الشعب اليمني قادر على فهم الحقيقة، والشعب اليمني ينتظر اداء اكبر من الحكومة تتوفر فيه الخدمات الاجتماعية والتنموية والامن، لكن في نفس الوقت واجه تحديات كبيرة منها الحزبية الضيقة التي نراها في بعض وسائل الاعلام المضللة والتي لا تخدم العملية السياسية. اتمنى ان تعلم هذه الوسائل ان التضليل لن يخدم مصالح الوطن العليا واتمنى ان يساهم الاعلام كطرف ايجابي في العملية السياسية وفي تثقيف المواطن حتى يكون على علم بالحقيقة، وان يشارك مشاركة فعالة في العملية السياسية، يجب أن تبذل جهود كبيرة حتى يكون الإعلام مهنياً، وهناك جهود تبذل في هذا الإطار. مؤتمر الحوار الوطني اليمن