وصفت والدة حميد الأحمر ابنها بالجنون والغباء، وقالت لم يكن هناك فوقنا غير الله (تقصد مكانة ونفوذاً)، والآن أصبحنا بين أحذية الناس ومحل تندر وسخريه العامة من أبناء الشعب.. مشكلة حميد الأحمر أنه لم يدرك حتى اللحظة أنه قاد ثورة تغيير حسبما يسميها وكان هو الخاسر الأكبر فيها على الصعيدين السياسي والمعنوي!!. كان الشيخ الأب وجهاله ينعمون بالمكانة والقوة والنفوذ والمال، ويتمتعون بحصانات برلمانية ودعم رئاسي جعلهم يشعرون أنهم الكبار في كل شي ومن يعيش على الأرض ليسوا أكثر من رعايا وأدوات تلبي ما يريدون، بما فيهم رئيس الجمهورية، وهذه المكانة ذهبت مع تسليم الرئيس السابق صالح للسلطة!! كان أصغر جهال الشيخ المرحوم نائباً في البرلمان، وهكذا كان حال سبعة منهم، كل واحد يمثل دائرة انتخابية لا يوجد من ينافسهم فيها، وحتى لو كان من المسجلين في كشوفاتها الانتخابية.. بينما البقية أعضاء في مجلس الشورى أو نواب وزراء أو ضباط في الجيش أو الجمع بين هذه وتلك.. اليوم لم يعد لدى الشيخ وإخوانه دوائر انتخابية تمنحهم أصواتها لعضوية البرلمان بعد أن شردهم منها حلفاؤهم في ثورتهم ضد النظام الرئاسي السابق، ودُمرت بيوتهم وطردوا من قراهم وقبيلتهم يجرون أذيال الخيبة والعار، وأصبحوا محصورين في حي صغير بأمانة العاصمة اسمه الحصبة، ومركز واحد في دائرة انتخابيه تضم سبعة مراكز أخرى تختلف تماماً عن دوائر الريف التي اعتادوا الفوز فيها، فترشُّح أحدهم هنا سيؤدي إلى هزيمة تضاعف عزلتهم ورفض المجتمع لهم ويعيشون كمنبوذين إلا من أعداد قليلة ما زالت تلتف حولهم نظير أجور يومية أو أطراف أخرى تجمعهم مصالح ومؤامرات يعلمونها أكثر من غيرهم. جنون العظمة وكتل الحقد التي يعانيها الشيخ الصغير حميد الذي أصبح خلال عشرين عاماً أحد أكبر أثرياء اليمن من خلال أعمال تجارية سهَّل له النظام السابق- الذي انقلب عليه- الكثير من صفقاتها والتسهيلات والمزايا التي كانت محفزاً كبيراً للنجاح التجاري والثراء الذي وصل إليه، إلا أنه عضَّ اليد التي امتدت له ومنحته الكثير!!.. بالطبع إذا غضضنا الطرف عن الأموال التي استلمها من قطر لدعم انقلابه المسمى الربيع العربي وهي مئات الملايين من الدولارات، الشيخ الصغير يستوعب أنه أصبح من الناحية السياسية والمعنوية لا شيء بلا منطقه أو قبيلة ينتسب إليها كما كانت أسرته في السابق، شيخ مشايخ اليمن، ويعلم بأنه أضحى إطلال شيخ وبقايا إنسان، ويدرك أنه لا مجال له ولإخوانه، ولا مستقبل سياسي أو برلماني حتى وإن أقر نظام القائمة النسبية للانتخابات.. كل ذلك كان محفزات جديدة لتنفيذ مخططه الجديد للعودة إلى المجد والهيلمان، خاصة بعد تنغيصات والدته وسماعه سخرية البعض بأن إقرار كوتا شبيهة بالكوتا النسائية لجهال الشيخ هي المنفذ الوحيد الذي يمكن أن يعيد لهم قليلاً من نعيم العضوية البرلمانية، أو قول البعض أن المشيخ صار في حكم الماضي الذي لن يعود باعتبارهم بلا قبيلة أو رعية. أموال مكدسة، وهوس مجنون بالانتقام هو ما بقي لحميد الأحمر، وطموح كبير للوصول إلى كرسي الرئاسة باعتباره الحل الأخير لإعادة القبيلة والمكانة والنفوذ والانتقام ممن خرب منازلهم في قبيلة حاشد وطردهم منها يجرون أذيال الخيبة.. وحلم كرسي الرئاسة الذي طالما تحدث عنه في تصريحات صحفية ومقابلات تلفزيونية وأحاديث في مقايل ومناسبات مختلفة أصبح شغله الشاغل، ويسعى لتحقيق ذلك بتحالفات مدفوعة الثمن لقوى وتيارات سياسية وشخصيات عسكرية، ومن خلال مخطط انقلابي مدروس قد يوصله إلى حلمه الكبير!! استطاع حميد الأحمر بقوة المال وتحالف حزبه الإخواني أن يسيطر على قرارات وخطوات رئيس الجمهورية، الذي لم يستوعب حتى الآن بأنه مطية لمخطط كبير يقوده حلفاؤه ومستشاروه الذين يجرونه إلى منحدر خطير بسرعة ملحوظة دون وعي أو إدراك لما يحصل.. ولو عاد إلى نفسه قليلاً لوجد أن الشيخ الصغير هو الطامح الوحيد للسلطة لا يمكنه الفوز بالكرسي الرئاسي من خلال صناديق الاقتراع بسبب تدني شعبيته وكراهية الناس لهذا الاسم منفرداً أو ثلاثياً، وأن الانقلاب فقط من سيوصل شيخ الحصبة إلى دار الرئاسة في الستين.