لماذا ما تزال فلسطين محتلة إلى اليوم؟ الجواب المختصر: إن الفلسطينيين، ومعهم 20 دولة عربية، كانوا جميعا ودائما، منتصرين على إسرائيل.. حركة حماس ومعها الإخوان المسلمون يحتفلون هذه الأيام بالانتصار في غزة.. يقولون إن إسرائيل قتلت أكثر من 1900 فلسطيني، وأصابت نحو 10 آلاف بجروح، وشردت ثلث سكان المدينة، وحولتها إلى عصف مأكول، وبعد هذا يحتفلون بالانتصار على إسرائيل، وفي طريقهم يغمزون في مصر، ويفتون في عضدها، ويتحرقون على شرعية مزعومة للمعزول مرسي وجماعته، وكأنما الحرب في غزة مهرجان للقدح في حكومة مصر، والدعاية للمحظورة.. تابعوا وسائل إعلامهم التي تسمي القتل والدمار في غزة انتصارا. في عام 1947 قسمت الأممالمتحدة، وبقرار من مجلس الأمن الدولي، أرض فلسطين: نصف زائدا قليل للإسرائيليين، ونصف إلا قليل للفلسطينيين، وأخرجت القدس من القسمة، بوضعها تحت إدارة دولية.. رفض العرب قرار التقسيم، ثم بعد إعلان بن جوريون إقامة دولة إسرائيل منتصف ليلة 15 مايو 1948، قرر العرب الحرب لتحرير فلسطين، فحشدوا 15 ألف مقاتل حفاة، ضعيفي التسليح، لمواجهة أكثر من 200 ألف من رجال عصابات إرجون، وهاجانا، وشتيرن، الإسرائيلية الاستيطانية، عالية التسليح والتدريب، فأخذت منهم القدس، ووضعت الضفة بعدة الأردن، وغزة بعهدة مصر، وحصل المستوطنون على"وطن قومي"، وتوزع الفلسطينيون على مخيمات الضيافة في بلدان الشتات العربي، بينما كان نصيبهم من فلسطين 43 في المائة من مساحتها الإجمالية التي تزيد عن 29 ألف كيلو متر مربع، ومع ذلك كان الاحتفال بالنصر مستمراً.. ثم انتصروا مرة أخرى في حرب يونيو 1967، عندما أخذت إسرائيل منهم الضفة وغزة، وزادت إليها سينا المصرية، والجولان السورية.. وفي أكتوبر 1973، انتصروا أمام إسرائيل عندما استعادوا بعض سينا، لكنهم أيضا احتفلوا بالنصر مع توطيد إسرائيل في الضفة وغزة.. كانت فلسطين لهم فضيعوها بالبيع والمزايدة، نزل نصيبهم منها إلى أقل من النصف، ثم 12 ألف كيلو متر مربع، واليوم يفاوضون من أجل 6 آلاف كيلو فقط، وإعادة عمرانغزة المدمرة، وشعارهم"غزة تنتصر"! سخرت إمكانيات 20 دولة عربية، من أجل إقامة دولة فلسطينية، واليوم بعد نحو 66 سنة، ما قامت دولة عربية في فلسطين، ولم يصبح لنا من الدول العربية العشرين دولة واحدة، بمعنى دولة.. بل إن مساحة الستة آلاف كيلو من أرض فلسطين، التي أكرهت إسرائيل على تركها للعرب، صارت سلطتين فلسطينيتين بينهما فاصل، وعداوة، وقتل، وتتواصل الانتصارات!