* بينما كان عرب فلسطين غير مستعدين للحرب على الإطلاق وغير مسلحين في الغالب، وفي وضع دفاعي، قامت العصابات الصهيونية بارتكاب مجازر منظمة بغية حمل العرب على الرحيل. * الهجمات العسكرية والمجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين في العديد من القرى والخرب الفلسطينية هي عملية عسكرية منظمة استهدفت الطرد الجماعي للفلسطينيين، لإفراغ الأرض من سكانها العرب. * تعتبر الولاياتالمتحدة داعماً لإسرائيل وأعمالها؛ وفي المقدمة المجازر الإسرائيلية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية؛ وكذلك المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بداية العام 2009م. نبيل السهلي توضح الوجه الحقيقي الإرهابي لإسرائيل التي استخدمت على الدوام سياسة البطش وارتكاب المجازر لتحقيق أهدافها التوسعية في المنطقة العربية؛ وقد لخصت العبارة التالية لبن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي "إن الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية" أهم المنطلقات الإستراتيجية لتحقيق أهداف الحركةالصهيونية وإسرائيل، وتنفيذ برامجها التوسعية في فلسطين والمنطقة العربية، فكانت المجازر المنظمة من قبل العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي فيما بعد ضد أهل القرى والمدن الفلسطينية من أبرز العناوين للتوجهات الصهيونية والإسرائيلية، وخاصة لجهة حمل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين على الرحيل عن أرضهم وإحلال اليهود مكانهم. ولم تتوقف المجازر الإسرائيلية عند هذا الحد؛ حيث ارتكب الجيش الإسرائيلي أفضع المجازر ضد المصريين في سيناء؛ وكذلك ضد الشعب اللبناني وخاصة في قرية قانا في جنوب لبنان في عام 1996 على سبيل المثال لا الحصر؛ ناهيك عن ارتكاب المجازر أيضاً ضد العرب السوريين في هضبة الجولان السورية المحتلة. المجازر الصهيونية حقائق في الذاكرة تثبت إسرائيل يوماً بعد يوم أنها دولة الإرهاب المنظم في العالم دون منازع، وقد انكشفت صورتها الحقيقية أمام العالم من خلال المجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في نهاية العام المنصرم وبداية العام الحالي 2009 في قطاع غزة ؛ حيث طالت البشر والحجر؛ وذهب ضحيتها أكثر من 1300 شهيد؛ إضافة إلى 5000 جريح؛ فضلاً عن تدمير الآلة العسكرية الإسرائيلية لأكثر من 15% من المساكن في قطاع غزة على شكل تدمير كلي وجزئي. ولم تغب صورة الشهداء والجرحى من الذاكرة الإنسانية خلال الانتفاضة الأولى التي سقط خلالها أكثر من ألفي شهيد نصفهم من قطاع غزة. ولم تتوقف آلة الموت الإسرائيلية المصنعة أميركيا عند هذا الحد؛ فخلال انتفاضة الأقصى التي انطلقت من باحاته المشرفة في سبتمبر/ أيلول من عام 2000 قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من خمسة آلاف فلسطيني؛ وثمة مئات بينهم من الأطفال، كما تم جرح أربعين ألفا من الفلسطينيين؛ وتكررت صورة المجازر الإسرائيلية حتى وصلت ذروتها في يوم 17/5/2004 حين أطلقت المروحيات والدبابات قذائفها على مظاهرة فلسطينية سلمية في رفح وتم قتل أكثر من 20 فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال والنساء. ما هي حقيقة المجازر في الفكر الصهيوني وما هي أهدافها، وما هي المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين؟ أسئلة سنحاول الإجابة عنها في سياق عرضنا المبسط. المجازر الصهيونية قبل عام 1948 بينما كان عرب فلسطين غير مستعدين للحرب على الإطلاق وغير مسلحين في الغالب، وفي وضع دفاعي، قامت العصابات الصهيونية: الهاغانا والإرغون وشتيرن المدعومة من الجيش البريطاني، بشن هجومات منسقة ضد المدنيين العرب في المدن الرئيسية الثلاث، حيفا والقدس، ويافا، وكذلك في الريف الفلسطيني؛ وتمّ ارتكاب مجازر منظمة؛ ناهيك عن تدمير ممنهج للمنازل العربية، وذلك بغية حمل العرب على الرحيل؛ وفي ليلة (15) يوليو/ تموز 1947، دخلت قوة للهاغانا بستان الحمضيات الذي يملكه رشيد أبو لبن - وهو يقع بين يافا ومستوطنة بتاح تكفا الصهيونية- وكانت عائلة من سبعة أشخاص نائمة داخل منزلها وتسعة عمال آخرون نائمين خارجه؛ ووضعت القوة المهاجمة عبوات ناسفة، وأطلقت النار، فقتلت أحد عشر عربياً بينهم امرأة وأطفالها الثلاثة البالغة أعمارهم 8 و7 و3 سنوات. وفي 29 سبتمبر 1947، هاجمت الهاغانا أيضاً، سوق حيفا فدمرت متجر أحمد دياب الجلني بعبوات ناسفة، وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول 1947، دخلت قوة من الإرغون ترتدي بزات عسكرية بريطانية إلى قرية الطيرة في قضاء حيفا في الساحل الفلسطيني، وقتلت (12) عربياً وجرحت ستة آخرين. وبعد يوم من هذه المجزرة ألقت عصابة الإرغون قنابل على تجمعات عربية عند باب العمود في مدينة القدس، فقتلت أربعة من المدنيين العرب كما جرح خمسة عشر عربياً آخر، وفي نفس اليوم هاجمت تلك العصابة الصهيونية مقهى عربياً في مدينة يافا، في شارع الملك جورج، واستشهد إبان ذلك ستة من العرب، وتبعاً لمعطيات إحصائية استشهد في يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول في كافة المدن الفلسطينية من جراء المجازر الصهيونية المنظمة (21) مدنياً عربياً. وتابعت العصابات الصهيونية مجازرها المنظمة في القرى والمدن والمضارب الفلسطينية المختلفة, لكن المجزرة الأكبر كانت في 30 من ديسمبر/ كانون الأول 1947، حين رمت جماعة من عصابة الإرغون في الساعة العاشرة والدقيقة العشرين صباحاً، عبوتين من الحليب تحويان قنابل على مجموعة من نحو (100) عامل فلسطيني، كانوا واقفين أمام مصفاة النفط في حيفا لتسجيل أسمائهم للعمل، وقد قتل في الهجوم ستة من العرب وجرح (46) آخرون كان بينهم (25) في حالة الخطر، وفي الاشتباكات داخل المصفاة قتل العرب دفاعاً عن النفس (41) يهودياً، كما استشهد ستة من العرب وجرح (48) يهودياً و(42) عربياً. يُذكر أن العصابات الصهيونية ارتكبت أثناء فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين 12 مجزرة مروعة ؛ في حين ارتكبت تلك العصابات 44مجزرة بعدها ضد الفلسطينيين العزل من السلاح. المجازر الصهيونية في فلسطين خلال عام 1948 تابعت العصابات الصهيونية مجازرها وتدمير المنازل، للضغط على الفلسطينيين في كافة القرى والمدن الفلسطينية خاصة خلال الفترة من يناير 1948 وحتى مايو من نفس العام، وكان الهجوم والطوق يتم من ثلاث جهات، في حين تترك الجهة الرابعة كمنفذ وحيد لهروب الفلسطينيين الناجين من المجازر الصهيونية، والحديث عنها في القرى القريبة، حتى يدب الرعب في قلوب أهل القرى الفلسطينية الأخرى. ومن أهم المجازر الصهيونية المرتكبة في عام 1948؛ مجزرة دير ياسين في قضاء القدس؛ ومجزرة قرية الطنطورة إلى الجنوب من مدينة حيفا عروس الساحل الفلسطيني؛ ومجزرة قرية بلد الشيخ في قضاء حيفا؛ وهي القرية التي دفن فيها المجاهد السوري الكبير عز الدين القسام بعد استشهاده في أحراج يعبد في قضاء مدينة جنين في نوفمبر من عام 1935 ؛ وثمة مجازر أخرى ارتكبت في قرى ومدن فلسطين خلال عام 1948. وتوجت المجازر الصهيونية والإسرائيلية فيما بعد، بقتل الوسيط الدولي الكونت برنادوت في القدس يوم 18/9/1948، على يد العصابات الصهيونية ؛ وكان على رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير، وذلك لأن الوسيط الدولي حملّ في تقريره الذي رفعه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/9/1948 إسرائيل مسؤولية بروز قضية اللاجئين، وأكد بأن أي تسوية لا يمكن أن تنجح دون عودتهم إلى ديارهم. وبناءً على تقريره، صوتت الجمعية العامة على القرار (194) بتاريخ 11/12/1948. المجازر مقدمات لترويع الفلسطينيين وتهجيرهم وبشكل عام فإن المجازر الصهيونية والإسرائيلية فيما بعد أدت إلى التهجير القسري لنحو (850) ألف عربي فلسطيني كانوا يشكلون 60% مجموع سكان فلسطين العرب خلال الأعوام (1948-1949)، فقد كان سبب تهجير 25% من سكان نحو (532) قرية وخربة عربية الطرد المباشر والمجازر بواسطة عمليات البطش والمجازر على يد العصابات الصهيونية مثل الهاغانا وشتيرن وغيرهما، في حين هُجّرَ 55% من سكان تلك القرى، التي دمر منها (400) قرية، هُجّرَ أمام هجوم عسكري على القرية، كما هُجّرَ 10% من سكان القرى العرب تحت وطأة هجوم قادم متوجه إلى القرية؛ أي أن الهجرة العربية تحت الضغط العسكري اليهودي شملت 90% من المهجرين العرب، في حين هُجّرَ تحت وطأة الحرب النفسية والإيحاء للأهالي بهجوم قادم نحو 10%. ويتوضح من خلال ما تقدم أن الهجمات العسكرية والمجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين في العديد من القرى والخرب الفلسطينية (دير ياسين، الطنطورة، بلد الشيخ.. .) إنما هي عملية عسكرية منظمة استهدفت الطرد الجماعي للفلسطينيين، وليست المجازر عمليات فردية بل إنها مقدمات تخدم التوجهات الصهيونية لإفراغ الأرض من سكانها العرب وهو الهدف الأساسي، لكافة المخططات الصهيونية في فلسطين. واللافت أن لمدينتي القدس والخليل أهمية خاصة في المخططات الإسرائيلية؛ بغية إفراغهما من أهلهما العرب بقوة المجازر؛ وفي هذا السياق ارتكبت السلطات الإسرائيلية مجزرة كبيرة في ساحة المسجد الأقصى في عام 1990، ذهب ضحيتها ثلاثة عشر فلسطينياً، كما ارتكب مستوطن صهيوني مدفوع من الأحزاب الإسرائيلية، مجزرة في الحرم الإبراهيمي، ذهب ضحيتها في عام 1993 نحو60 فلسطينياً من المدنيين العزل؛ وتكررت مجازر عديدة في المدينتين خلال السنوات القليلة الماضية. ولم تكن المجازر الإسرائيلية محصورة في فلسطين، بل تعدت ذلك إلى المناطق العربية ألأخرى، وكان من أهم فصولها قصف الطيران الإسرائيلي لمنطقة قانا في لبنان التي استشهد إبانها نحو (100) من النساء والشيوخ والأطفال اللبنانيين، وذلك في مقر لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب اللبناني، وقد حصل ذلك على مسمع ومشاهدة العاملين في القوات الدولية في شهر أبريل/ نيسان من عام 1996. فضلاً عن ذلك ارتكب الموساد الإسرائيلي مجازر عديدة داخل فلسطين وخارجها، ناهيك عن الاغتيالات المنظمة للعديد من سفراء فلسطين ومثقفيها في الخارج. ولم تنته فصول الاغتيالات والمجازر الصهيونية الإسرائيلية، فخلال الفترة (1948-2009) استخدمت الدولة الصهيونية المجازر كأدوات أساسية للحفاظ على البقاء، خاصة وأن مشكلة الأمن الإسرائيلي كانت ولا تزال الشغل الشاغل لأصحاب القرار في إسرائيل، التي أقيمت قبل أكثر من ستة عقود خلت في ظروف دولية وإقليمية استثنائية، ولم تكن المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت في قطاع غزة في بداية العام الحالي 2009 نهاية للمجازر الإسرائيلية؛ بل هي حلقة في سلسلة سياسات ثابتة في العقيدة الصهيونية لدفع الفلسطينيين خارج أرضهم وتحقيق أهداف ديموغرافية؛ وإستراتيجية في المقدمة منها فرض الإملاءات الإسرائيلية على الفلسطينيين للتخلي عن ثوابتهم الوطنية. الإدارات الأميركية ودورها في ارتكاب المجازر يتلمس المتابع للعلاقات الأميركية الإسرائيلية خلال العقود الستة الماضية بأنها نموذج خاص في العلاقات الدولية؛ نظراً لان إسرائيل باتت تلعب دوراً إستراتيجياً في إطار المصالح الأميركية الشرق أوسطية وخاصة بعد عدوان يونيو من العام 1967. وساهمت الإدارات الأميركية منذ نشأة إسرائيل في عام 1948 بتمويلها مالياً وبشكل سنوي ً للحد من الأزمات الاقتصادية من جهة ؛ وتحقيق الأهداف إسرائيلية في المنطقة من جهة أخرى. فمولت الولاياتالمتحدة حروب إسرائيل على الدول العربية وكذلك النشاطات الاستيطانية في الأراضي العربية المحتلة؛ وتشير الدراسات إلى أن قيمة المساعدات الأميركية التراكمية لإسرائيل بلغت خلال الفترة (1948-2009) نحو (154) مليار دولار أميركي؛ منها (104) مليارات دولار مساعدات أميركية مباشرة؛ وثمة 60% من إجمالي المساعدات الأميركية المباشرة هي مساعدات عسكرية؛ و40% مساعدات اقتصادية؛ الأمر الذي يؤكد تمويل أميركا لإسرائيل على المستوى العسكري والمالي؛ وكذلك تحديث الآلة العسكرية الإسرائيلية على الدوام. ولهذا تعتبر الولاياتالمتحدة داعماً لإسرائيل وأعمالها؛ وفي المقدمة منها عملية ارتكاب المجازر الإسرائيلية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية؛ وكذلك للمجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في بداية العام الحالي 2009م.