خلال 14 سنة رفعت حكومات المؤتمر الشعبي، الدعم عن المشتقات النفطية، مرتين، وبتعبير أدق رفعت جزءا من الدعم مرتين، كانت الأخيرة في يوليو2005، عندما صيرت سعر دبة البنزين 1300 ريال، والديزل 900 ريال، والكيروسين 900 ريال، وبالمقابل زادت في رواتب الموظفين، وجعلت الحد الأدنى للأجور 20 ألف ريال، وخفضت الضرائب والجمارك، وضاعفت مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي، وصندوق دعم المزارعين، وكان الإخوان في حزب الإصلاح يسمون ذلك: جرع قاتلة، جرع إفقار، جرع مميتة، ويهيجون الشارع، ولعلكم تتذكرون أعمال العنف التي نظموها، احتجاجا على الجرعة، وهم- بالمناسبة- مبتكرو ما يسمى اليوم "جرعة".. حكومة الوفاق رفعت الدعم مرتين، خلال عمرها القصير، مرة في أبريل 2012، عندما رفعت سعر دبة الديزل من 1000 إلى 2000 ريال، ومثله الكيروسين، وزعمت أنها خفضت البنزين من جرعة 3500 إلى 2500 ريال، بينما لم يكن سعره ناتجا عن جرعة، بل عن أزمة.. يومها دافع حزب الإصلاح عن هذه الجرعة، ولما عارضها بعض أعضاء المؤتمر في مجلس النواب، قال الإصلاح: إن "كتلة المخلوع تعارض الإصلاحات المؤسسية"، وهكذا، تحولت جرع الإفقار، القاتلة، المميتة، إلى "إصلاحات مؤسسية"!.. وفي نهاية يوليو الماضي رفعت الحكومة الدعم مرة ثانية، ولم تكتف برفع الدعم نهائيا، بل جعلت أسعار المشتقات النفطية في اليمن أعلى من سعره العالمي، وهذا المؤتمر الشعبي العام يطالب بالاكتفاء بالسعر العالمي، بينما الإخوان في الإصلاح يؤيدون الجرعة، ويسمونها "إصلاحات سعرية" وينظمون لها اصطفافا وطنيا! لقد كنا نقول: لا ينبغي أن نصرف على النفط، بل ينبغي أن يصرف علينا، ولذلك ليرفع الدعم عنه، وتخفف آثار رفعه على الفقراء، ويكافح الفساد، وتسقط حصص النافذين من البراميل المجانية.. فلسنا نعيب على حزب الإصلاح دفاعه عن جرع اليوم، وإنما نذكر بمواقفه النفعية، وكيف يصير حرام الأمس، حلالا زلالا اليوم، كيف عارض جرعتي حكومة المؤتمر خلال 14 سنة، ثم صار يدافع عن جرعتي السنتين، دفاعا حارا، ويسميها إصلاحات سعرية، ومؤسسية، هذا وهو يدعي أنه صاحب أربع وزارات في هذه الحكومة، فكيف لو كانت الحكومة حكومته؟ يزعم بعض الناس، أن حزب الإصلاح يدافع عن الجرعة، من باب الكيد غير العذري لأنصار الله.. بينما المسألة واضحة، فهو لم يقل عنها إلا خيرا، إصلاحات سعرية، ومؤسسية، تستحق الاصطفاف الوطني.. يرفض المساس بهذا المكسب الثوري، ويعارض حتى الذين يطالبون بأن تخفض الجرعة إلى مستوى السعر العالمي للمشتقات النفطية.