يقف الحوثي عند لحظة أداء ذهبية في تاريخه السياسي، وأمام قدرية ثنائية كاملة الفرص مكتملة المخاطر، فإما أن يواصل جدارته التي فرضها على الميدان أو أن يتمادى بين الأجندات الخارجية واللُّعاب السياسي، فاقداً بذلك رصيده كاملاً.. فالخطوات القادمة للحوثي يجب أن تثبت مدى براءة التزامه المقبول الذي أبداه في معركته الفاصلة مع الإخوان (وباستثناء ما اضطروا إليه جراء خروقات إخوانية مُقبلة وقبل عودة دور الجيش الوطني)، فإن خطواته ستحدد أحقية ووطنية الفوز السياسي الحقيقي للحوثي. نحن لسنا معنيين بمديح هذه الحركة أو انتقادها في هذه اللحظة المفصلية، بقدر حرصنا على اليمن دولة وشعباً، وعليها كحركة مثَّلت في فترة وجيزة وفي ظل تحالفات خدمتها رقماً سياسياً وواقعاً يبحث عن شرعية دستورية لمسمَّى تكوينه تبعده عن الارتباط بإيران أو ما يدَّعي خصومها حولها. بالفعل هناك إعجاب واسع بالأداء الذي ظهرت الحركة به، ولا ينفي ذلك إلا إخواني ظاهر أو متستر.. ولكن أيضاً لا يزال هناك انزعاج ومخاوف مهولة تُقلق غالبية الشعب اليمني العربي ونظامه الجمهوري الراسخ في تكويناته وهويته من حقيقة وخلفيات هذه الحركة. ومن المهم أن يدرك الحوثي بأن شعبية مطالبه التي خرج بها (مناضلاً أو مستثمراً) لا تمثل ولا تكوِّن بأيِّ شكل من الأشكال شعبية حركته وحجم جماهيريته، وبأن رفض المجتمع اليمني لحركة الإخوان الساقطة لا تعني قبولهم بالحركة مهما كانت مؤشرات الصمت الشعبي أو الحياد العسكري تجاه صراع الطرفين وقبولهم السياسي في لحظة تخلي بضرب تكفيريِّ الإخوان بتفجيريِّ الحوثي.. اليمن ثم اليمن، ثم اليمن يا حوثي.. وإلَّا فالأقدار والرجال سيتكفَّلون وبتقليدية أسهل بخلق ذات الفرصة التي حملتكم إلى اللحظة، تعمل على حفظ اليمن وخلال دورات التاريخ القريب. خالص التمنيات للجميع بوطن كريم ودولة مدنية خالية من تجار الدين وعملاء الخارج، وبأن يُكلَّل نصركم على الإرهاب بشرف وطني مقبول وبداية مسيرة سياسية ملتزمة بالأسس الديمقراطية، بعيداً عن نماذج مستوردة أو أدوار تقفز من على القانون.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.