ثلاث سنوات عجاف لا يمكن حسابها بمنطق الموازين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ثلاث سنوات عصفت بالمؤتمر الشعبي العام ككيان سياسي وساهم أمينه العام ونائبه الأول هادي والنائب الثاني الإرياني في مصادرة قراره وإدخاله في دوامة من الصراع الداخلي وفي عجز دائم عن مواجهة التحديات المحدقة به، حتى جاء انعقاد اللجنة الدائمة التي اتخذت قرارات فتحت بها طريقاً للخلاف من الجحيم الذي سببته سياسات النائب الأول الأمين العام والنائب الثاني. ثلاث سنوات كفعل الزلزال أدخلت المؤتمر في دوامة من الصراع الداخلي والإقليمي المتعدد الأوجه، وأدت إلى إغراقه في حزمة من المشاكل في شتى الميادين، وإلى خلق واقع شديد التعقيد يصعب إدراك عمق هاويته، كل ذلك أدى إلى غياب الإرادة وغموض الحاضر والمستقبل. ثلاث سنوات لا يمكن حساب تفاصيلها وتعداد دلالاتها بالأرقام وغيرها، فقد تحول المؤتمر في ظل هذين الرجلين إلى رقم مجهول الهوية والمصالح، وأضحى أقدم وأكبر حزب في المنطقة العربية يتموضع في حالة اللاحزب وبسجل مفجع للتنازلات التي قدمها على حسابه وحساب البلاد لا يمكن التعبير عنه إلا بوصفه مجزرة متواصلة التكرار إلى جانب غياب التواصل مع القواعد. ولأجل التمكن في إحكام السيطرة والهيمنة على المؤتمر فقد تصرف هادي والإرياني على أنهما صاحبا القرار الأول والأخير، فعملا على تحويل الحزب من شريك في المبادرة الخليجية ب50 % إلى حزب لا يمتلك حتى قدرات حزب من الأحزاب الصغيرة التي شكلت مؤخراً، وفرض على المؤتمر عملية سياسية شوهت المعالم ودستوراً هجيناً كتب في الخارج، دستوراً مثقلاً بالكلمات البراقة، ولكنه ملغم بعناصر التفجر لمقومات النسيج الوطني، وليؤسس لتناقضات وتعقيدات داخل بنية الدولة والمجتمع اليمني، وليساهم في تشويه وطمس هوية اليمن، دستوراً شرع وفق منطق التدخل الخارجي ووفق تشوهات مؤتمر الحوار الذي ظلل عملية سياسية عرجاء بعناصر لم تكن على قدر المسئولية الوطنية، تجاذبتها عناصر مناطقية وأحقاد سياسية وكراهية أعاقت معنى السيادة وسمحت بتمرير مشاريع الهيمنة على السيادة الوطنية. ما دفعني لكتابة هذا الكلام هو اللغط حول قرارات اللجنة الدائمة التي اتخذت بالإجماع قرارا بفصل كل من النائب الأول الأمين العام والنائب الثاني، وتكليف بدلاء لهما، حيث ذهب البعض إلى أن ذلك الإجراء غير قانوني وأن هذا ليس من صلاحيات اللجنة الدائمة، وإنما من صلاحيات المؤتمر العام, على أن أذكر بنص المادة الثانية والثلاثين من النظام الداخلي للمؤتمر الشعبي العام التي تقول: "اللجنة الدائمة هي التكوين المسئول عن قيادة أعمال المؤتمر وسياسته، وتوجههما، فيما بين دورات انعقاد المؤتمر العام، ولها في سبيل تحقيق ذلك اتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة في جميع الأمور العامة والتنفيذية بما يتفق وهذا النظام".. وهذه المادة ليست حكراً على المؤتمر الشعبي العام بل منصوص عليها في كل الأحزاب السياسية. ولست بحاجة للقول: على الذين يبحثون عن مبررات لبقاء هادي والإرياني أن يكتشفوا حجم الكارثة التي حلت بالمؤتمر بسببهما، وعلى القرارات المصيرية وعلى الكيان الوطني، وعلى هؤلاء أن ينطلقوا من منطلق حزبي أصيل وليس منطلقا عاطفيا أو مناطقيا. هذه الإجراءات تنطبق على الأمين العام كما تنطبق على رئيس المؤتمر. فلا نريد في الوقت الراهن سوى أن يطلق هادي أموال المؤتمر ويخاطب مجلس الأمن بإلغاء العقوبات حتى يتمكن المؤتمر من العودة إلى وضعه الطبيعي. يعرف الجميع حجم الأضرار التي تكبدها المؤتمر وتكبدها الوطن بسبب غياب المؤتمر الذي ضاع في حقيبة هادي والإرياني. ثلاث سنوات من عمر المؤتمر والمؤتمريين قد تعني الكثير والكثير لقواعد المؤتمر، نظراً لحجم الإقصاء التي عاشوها وما زالوا، فلنحتكم إلى النظام الداخلي للمؤتمر الشعبي العام.