تُصر مُمارسات جماعة أنصار الله على التأكيد بأنها لا تختلف كثيراً عن رؤية طالبان و"داعش" والإخوان، بالنسبة لقضية ((الحُريات الخاصة العامة))، وأن الدولة الإسلامية، والمجتمع المُحافظ، وشَريعة الله، عباءة أيدلوجية واحدة يرتدونها جميعاً، مِن مَنع الخَمر إلى التضييق على هامش الحُرية بين الطُلاب والطلبات في جامعة صنعاء،وليس بداية بمنع الغناء. في التراث الإسلامي لا يوجد أي تأصيل – شرعي - لقضية الحُرية،عدا ذِكر الحُرية بمعنى عِتق رقبة، ورُغمَ أن الزيدية أقرب المذاهب إلى المُعتزلة التي تُعتبر أرقى فكر إسلامي، إلا أن،البيئة الاجتماعية القَبلية المُحافظة لشمال الشمَال، التي تشكلت بها "المسيرة القرآنية" غَلبت بطابعها القَبلي المُتزمت تجاه الحُريات، على الفكر الديني نَفسهُ، فأصبحت العادات والأعراف القَبلية جزءاً من الدين بالنسبةٍ لهم، ولا يقتصر هذا الأمر على المذهب الزيدي فكل فكر ديني يأخذ شكل المُجتمع الذي يستوطنه سواء كان حضريا أو قَبليا،حزبَ الإصلاح مارس تَزمته الديني في زمن المعاهد الإخوانية/ وحتى سنوات قليلة،حتى يأسِ ولم يتخل عن الفكرة ، وتبقى أنصار الله، والذين مازالوا في أوجِ نشاطهم،لاختبار فعالية المَسيرة الُقرآنية، كَشريعة، ولأن البعض منهم فهم انتصاراتهم السياسة العسكرية كتأييد إلهي، وليس كفعل موضوعي/ مادي /بشري، يُحاول اليوم أن يَكون شاكراً للإله بفَرض شَريعته القَبلية /القرآنية،على الشعب الذين لا يراهم ((كمواطنين)) إنما -كعباد الله- بعد السيطرة العسكرية لأنصار الله، لم تَعد المُمارسات التي تقوم بها اللجان الشعبية والطلابية، سياسية، بل نشاطا اجتماعيا يؤثر سياسياً على مُستقبل أنصار الله، ومعظم هذه الانتهاكات للحريات التي يقوم بها نُشطاء الجماعة لا تأتي بتوجيهات سياسية فوقية، ولكن هذا لا يعني التسليم بها بل يجب مناهضتها بشتى الوسائل الحضارية، ونقدها كأفعال وليس كشخوص ، نقد أنصار الله يجب أن يَحضر وبقوة، في أصغر عمل يقومون به، ويجب عليهم أن يتجاوبوا معه أولاً بأول، لا أن يُراكموا هذه الأخطاء والتجاوزات حتى تتفاقم وتنفجر كرفض شعبي لهم، النقد الثوري في المسار الثوري، والحركة التي لا تستطيع أن تُغير من سلوكياتها داخل الزمن الثوري لن تستطيع أن تفعل ذلك في زمن الاسترخاء، فبقدر حركة المادة،يتحرك الوعي، وأنصار الله الذي ساهموا في التقدم السياسي، يجب أن يعوا أن هذا التقدم السياسي رافقه بالضرورة تقدم اجتماعي في مسألة الحُريات العامة والخاصة، ولا تقدم سياسي واجتماعي واستقلال وطني بدون الديمقراطية والحُرية. أصبحت الحُرية من المُكتسبات الشَعبية، لتراكم طويل من النضال، وما عاد بمقدور أحد تجاوزها، ولا إعادة التاريخ إلى الوراء، إلا بشكل ملهاة كما قال كارل ماركس، بنموذج الدولة الداعشية التي استطاعت أن تُعيد الممارسات اليومية لأهالي تلك المناطق التي أعلنوا بها ولايتهم في سوريا والعراق، نحو القرن الأول للهجرة،وحتى هذه المُمارسة اليومية للناس لم تستطع أن تُغير من وعيهم ووجدانهم، الذي يرفض هذا القَسر الداعشي على حركة التاريخ، ولا نتمنى لكم نموذجا قريبا من داعش ولو صغيراً،بل نتمناكم شُركاء كل قطاعات الشعب في مواصلة النضال في سبيل التقدم الاجتماعي حرية وإنتاجا واستقلالا وطنيا. يجب أن تَفهمواً أنه ليس كُل الناس يُقدرون الانتصارات العسكرية التي تلحقوها بالقاعدة، وليس الجميع مُهتماً بمصير أموال حَميد الأحمر !! والثوري يعمل لأجل الثورة ((الحرية / والعدالة ))، لا لأجل الشُكر والعرفان.. لكن كُل هؤلاء، وبإمكانكم اعتبارهم أنانيين أو فردانيين أو ليبراليين أو علمانيين أو كُفارا، يَهتمون بحقوقهم الشَخصية، وزمن تكميم الأفواه انتهى وكنتم جزءاً مِمَّن ثار عليه ؛ فدعوا للناس حقوقهم، الحُرية للجميع ، من حقك أن تصرخ "الموت لأمريكا" ومن حق عاشقٍ أن يُقبل مَعشوقتهُ ومن حق،الطالب أن يُكلم زميلته، وصديقته،ومن حق النَشوان أن يُنادم قنينتهُ، تَرفعوا للمستوى المنوط بكم كلجان شعبية مؤقتة حتى تعود الشُرطة والجيش لمهامها، ولا تصغروا إلى نموذج شُرطة الآداب !