لم يفرغ رجال الدين المعتدلون بعد من النكير على تحليل الدواعش للسفاح تحت العنوان الإسلامي:"جهاد النكاح".. كما لم يفرغوا من تفنيد دموية الدواعش المستندة لقانونهم في "الذبح والحز"، فإذا بهم يضيفون إلى فظائعهم "الحرق".. أسروا الطيار الأردني معاذ الكساسبة، ووضعوه في قفص حديدي وغسلوه بالبترول، وأشعلوا النار، وجلسوا يكبرون الله، ويتلون أدعية القربان، ويتلذذون بمشهد الأسير يحترق وهو حي إلى أن تفحم.. قالوا إن دليلهم على جواز حرق الإنسان وهو حي، أن الإمام ابن تيمية أباح "المثلة" من أجل الردع!، وعندهم أن كلام ابن تيمية مقدم على تحذير الرسول محمد(ص) للمسلمين: إياكم والمثلة، ولو بالكلب العقور!، هذا فضلا عن أن الطيار الذي حرقوه بالنار، كان بين أيديهم أسيرا، والأسرى في كل شرائع الأرض والسماء لا يؤذون في أجسادهم ولا نفوسهم ولا في مطعمهم ومشربهم وملبسهم، بينما الدواعش تجاوزوا كل شرائع الأرض والسماء، وأحرقوا إنسانا، تحرقت له أكباد بني الإنسان في العالم قاطبة.. وحجتهم: قال الإمام ابن تيمية! لا يتوقف الإرهابيون الدواعش عن تقديم الأدلة، التي تجعل الحرب عليهم حربا مشروعة، بل واجبة ومقدسة.. كل يوم يقدمون أدلة جديدة على توحشهم وبربريتهم أمام كل ما هو إنساني، وكل يوم يقدمون على أفعال توسع الهوة بينهم وبين المسلمين، بما في ذلك بعض المتعاطفين معهم، وتوسع دائرة الحرب ضدهم، ولذلك فهم زائلون، زائلون.. وحسبهم أن فعلتهم الشنيعة بحق الأسير الأردني، جلبت عليهم حتى الذين كانوا محايدين، ووحدت الأردنيين في مواجهتهم، فقد باتوا أكثر من أمريكا، إلحاحا على حكومتهم لكي تعظم من مشاركتها في الحرب على هؤلاء الدواعش. قبل أيام كان واحد من مثقفي حزب الإصلاح في محافظة البيضاء، يقول لي: الإعلام العربي والعالمي لم ينصف الإخوان في دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فهذا الإعلام مسخر ضدهم، خصومهم يهاجمونهم على مدار الساعة، بينما هذا الإعلام لم يترك لداعش فرصة لكي يسمع صوته العالم، ويقدم صورته الحقيقية بدل الصورة المشوهة التي رسمت له.. قلت له: يا رجل، صوت الدواعش هو الأكثر دويا في العالم اليوم، والإعلام لا ينقل عنهم إلا ما يقولون وما ينشرون، وصورته هي الصورة التي رسمها هو لنفسه، والإعلام لا يفعل أكثر من نقل هذه الصورة، فهل تريد العالم يكذبهم، أو يرسم لهم صورة مزيفة غير الصورة التي يحبون الظهور عليها؟.. لا أدري ما سيقول ذلك المثقف عن صورة أخوانه وهم يحتفلون بحرق الكساسبة.