تأسيس تكتلات وتكوين حركات تتبع أحزاباً ومكونات سياسية تقوم بأدوار الكيد والمناوءة وفتح بؤر إضافية للصراع السياسي أمر يُعد من قبيل التآمر على أي محاولة لتقدم العملية السياسية, خاصةً إذا ما اتضح أن هذه التكوينات المفرخة داخل الشارع اليمني يتبناها المتحاورون ويحركونها على الأرض بغية تحقيق مآرب سياسية تمكن من نيل نسب تمثيل أعلى بما يعني أن معاناة الشعب سيطول أمدها، طالما أن الحوار يجري وفق مصالح بعيدة عن مصلحة الوطن، بيد أن ذلك كله يمثل دلالة واضحة بأن عيون المتحاورين تقع على السلطة، فالتوقيع على الاتفاقات والتفاهمات منتقصة بالقصد وقابلة لوقوع انسداد آخر بمجرد مرور وقت قصير، بحيث تنبري مرحلة انتقالية لا تفضي إلى انتخابات ولا تؤسس لاستتباب سياسي موسوم بالخلاص لأن هذه القوى ترى في الصندوق فزاعة ويعتريهم رهاب من الديمقراطية, فقد اعتادوا على الظهور بالواجهة من خلال الأزمات، ولذلك لا مجال للموافقة على أي آلية تزيل أجواء الصراعات وحالة العك السياسي المجهزة على ما تبقى من وطن. المحزن حقاً أن هؤلاء يتفاوضون بطريقة لعبة الشطرنج عبر حسابات ماذا؟ وكم تبقى لي في الرقعة من بيادق وقلاع وضباط وجنود ومساحات ومربعات تحت السيطرة لأجل التحرك على ضفتين الأولى داخلية لإضعاف الخصم السياسي والثانية موجهة لحليف الخارج من أجل كسب دعمه ومرابطته في خندقهم بسذاجة لا تعي الأخطار الكامنة وراء تمكين يد الخارج من المناورة لنيل مصالح في اليمن الخاسر على كل الأصعدة مع إيصال إشارة لهذا الخارج بقضم حصة الأسد من خيرات وثروات شعب يرزح تحت سطوة الجوع والفقر. هذا هو برنامج التخريب الممنهج الذي تتقنه هذه المكونات المأجورة والجبانة بينما يفقد الوطن كل يوم فرصة للسلم وأخرى للعدالة وثالثة لإسكات الجوع ورابعة وخامسة وسادسة للأمن والبناء والتسامح والسلام. المعضلة أن مصير البلد في ذمم ساسة وضعوا مصائرهم في ذمة أطراف دولية وإقليمية لا يعنيها من يموت ومن يعيش وكيف يعيش وما يتدمر من بُنى ومؤسسات وما يتهدم من مقدرات وما يشب من احترابات في جبهات عديدة تؤججها أعواد الثقاب التي يرميها بنعمر نيابةً عن المجتمع الدولي. لقد غدا من المعيب على هكذا فرقاء تجاهل مستقبل وأماني أطفالهم وذويهم على الأقل.. لا أماني ملايين التائهين والجوعى في سراديبهم المظلمة وبدا من المعيب كذلك على شعب تعوّد الاحتيال على الصبر وخرج من دوائر الحكمة إلى حضيض الاستكانة والاستخفاف بتاريخه والسكوت على التمادي في قهره واستلابه دون التحرك لقلب الطاولة في موفنبيك وقلب الخارطة في تربة موجوعة.. عليهم جميعاً. والأسف -كل الأسف- لضمائر نخب ثقافية واجتماعية وأكاديمية وفكرية وحقوقية تقبع خلف ميكات وتقف على خشبات وتمكث في مواقع المسؤولية في المنظمات المدنية لتتقاسم التأييد والمعارضة وتتناوب الجدال على أسس التحيز والتعصب والتمترس وليس لها من مبادئ سوى الجري وراء ولاءات ضيقة وهشة للظفر بفتات ترميها قوى سياسية خائنة وخائبة.