إن كانت السعودية متيقنة أن حربها الضروس التي دخلت شهرها الرابع تستهدف تدمير إيران المجوسية لا غيرها، وأنها ضبطت الإحداثيات بدقة ضد مواقع حساسة في عمق الأراضي الإيرانية، وأن الأطفال والنساء والشيوخ الذين تقتلهم صواريخها وقنابلها وقذائفها في المدن والبوادي اليمنية هم الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج، وأن المنازل والجسور والمنشآت اليمنية التي تنسفها على من فيها هي مفاعل المجوس النووية ومعامل الطرد المركزي، فإن إيران لا تحتاج إلى أكثر من هذا الحَوَل العسكري والسياسي لعدو يستنزف نفسه بنفسه دون أن يكلف الخزينة الإيرانية دولاراً واحداً. في الحروب وفي السياسة يتيح لك العدو الغبي فرصاً لإسقاطه فهو يتكفل بإسقاط نفسه ذاتياً، وليست الحرب السعودية على اليمن، بإلحاحها وديمومتها ووحشيتها والإنفاق الخرافي المهول عليها، سوى التجسيد والتجسيم والتمثيل والشرح بالصوت والصورة لمعادلة العدو الغبي الذي قالت فيه العرب قديماً: "لقد وترت قوسك ورميت نفسك". غير أن الدندنة بإيراناليمنية أدخلت على خطاب العدوان السعودي في وقت لاحق على مبتدئه الذي كان ينشد أهدافاً يمنية لا إيرانية ولا مجوسية، وحين فشلت في انتزاع تلك الأهداف أو بعضها تم تغيير اللحن اضطرارياً بلحن آخر طائفي يستهدف الشيعة الذين تسميهم الوهابية الداعشية روافض ومجوساً وهو لحن يستحسنه الشعب السعودي المشحون ضد هذه الطائفة الإسلامية. لحن جديد لأغنية قديمة على غرار استبدال عاصفة الحزم بإعادة الأمل. ولكن دعونا نمضي في اعتقاد أن السعودية جادة في إبادة إيران لمنع هجوم مخطط يستهدف السعودية ودول الخليج بالصواريخ الباليستية والقنابل النووية وأن الوضع أصبح على حال من الخطورة يقتضي هجوماً سعودياً استباقياً يؤدي إلى تدمير القدرات العسكرية الإيرانية.. عندها يكون من حق السعودية الدفاع عن نفسها بتنفيذ هجوم استباقي ولا خلاف في ذلك سوى أن إيران ليست اليمن. ثم نمضي في اعتقاد أن للسعودية من الغباء والأغبياء الذين يرسمون سياساتها بما سمح لهم استبدال إيرانباليمن بسبب أن الجرأة على إيران وخيمة العواقب واليمن أسهل منها! فهل أمنت السعودية على نفسها وعلى جيرانها من الصواريخ الإيرانية بعد عملية الاستبدال العجيب؟! وإذا مضينا في اعتقاد أن السعودية تعاني غفلة (الزهايمر) وأعراضه التي لا تتيح للمصاب إدراك أن إيران تقع في حدودها الشمالية الشرقية بينما الطائرات والصواريخ تنطلق نحو حدودها الجنوبية الغربية التي تقع فيها اليمن، فإن هذا النوع من المرض عضال جداً يتساوى مع الغباء الأعضل وكلاهما غير قابل للعلاج، فما الحيلة في ظل شواهد إصابة النظام السعودي بهذين الداءين؟!