غلط محزن ودليل ضعف أكثر من قوة. لا تستطيع السعودية تقديم نفسها إلا كحامية للمسلمين السُّنة، على نحو أدق، هذا ما يجب أن يؤسسه استخدامها الدعائي في أذهان العامة، بينما هي في الأساس لا تدعم ولا تحمي إلا قيم ومصالح عائلة آل سعود فقط، والسعودية، كعائلة، ليست من القدرة بحيث تستطيع أن تحكم بدون مذهبها السياسي الأساسي هذا، وما نشأ عن تطبيقه من توسيع لمحيط أمنها الإقليمي وتحصين جبهتها الداخلية، وبهذا تضمن أن سياستها دين وإرادتها قانون، إنها تدلل نفسها باستمرار بهذا السلاح، وعلى ما يبدو هذا هو سلاحها النووي عند كل مأزق. لا تكمن المشكلة في أن صالح خيّر أو شرير، لكنه رفض أوامر الرياض فحسب. مجال تفوق السعودية هو أيضا ميدان تنافسها مع جماعات وتنظيمات دينية راديكالية تدعي الأمر نفسه، كالإخوان وداعش والقاعدة، وكلها تروج زوراً أنها المناطة حقا والأكثر استحقاقا لتولي هذه المهمة المقدسة، الدفاع عن أهل السُّنة وإقامة دولة الخلافة الراشدة، وبرغم ذلك، ما يجمعها أكثر مما يُفرقها، حتى وإن بدا العكس أحيانا، لكن ذلك ظرفي ومجرد توزيع أدوار، وجميعها لا تواجه مشاكل في تقبل أدوارها هذه، ولا تملك الخيار أصلا، لديها فقط واجبات، وستمضي بقيه أعمارها في إكمال واجباتها، وعمل ما هو منتظر منها، ولا مجال أمامها للسؤال أو الاختيار، وهي وإن التم شملها لا يلتم إلا خدمة لأجندات بريطانية أمريكية، مثلما هو حاصل اليوم في اليمن، خدمة لمشروع الانفصال وفيدرالية الجنوب من إقليمين، وهو المشروع البريطاني القديم، كذلك هو عليه الحال في سوريا. تتبُع مسار علاقة المملكة مع إخوان اليمن خلال عام مضى مدخل جيد لفهم ما قيل في الأثر "المتناقضات تلتئم في أدمغة المؤمنين". ليس هناك إلا بضعة مسكنات، وعاصفة الحزم إحداها، هذا إذا ما اعتبرناها مُسكنا أصلا، إن لم يكن العكس. ها أنا ذا كما لم تعهدوني من قبل، هذه خلاصة ما تود السعودية إبلاغه لإيران، من خلال عدوانها على اليمن، بهذا تحاول الجارة الثرية أن تهدئ من روعها، في وقت كان يجب أن يعاودها الندم على كامل ماضيها العدمي، ومع ذلك، تبدو هشة كثيرا بالنسبة لإيران ما قبل 26 مارس الفائت، ما بالكم بعد إبرام طهران اتفاقها النووي مع المجتمع الدولي، وفي التاريخ نفسه الذي بدأت به السعودية ما أسمته عملية "السهم الذهبي" لتحرير عدن، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر ونصف على بدء عملية عاصفة الحزم "لاستعادة الشرعية في اليمن"، وهي، أي السعودية، لم تفلح حتى اللحظة بشكل كلي لا في هذه ولا في تلك، مفارقة مضحكة للغاية ومؤلمة في آن. بصرف النظر عن معتقد إيران الديني وسياستها الخارجية، لكنها بلغة الأرقام والمؤشرات الدولة التي يجب أن تكون عليها، بعكس السعودية؛ دولة لم تبنَ بعد، أو على الأقل ليست بموازاة ما تملكه من ثروات. أيا تكن أطماع إيران في المنطقة، إنها كذلك بسبب فشل السعودية.