ليست الوهابية هي المسؤول الوحيد عن داعش والقاعدة والتنظيمات الإرهابية عامة.. وحقيقة أن تلك التنظيمات الإجرامية تدين بالمذهب الوهابي لا يبرئ بقية المذاهب الإسلامية من جرائم وفظائع تلك التنظيمات أبدا.. من الناحية الفكرية والفقهية لا تستطيع جميع المذاهب الإسلامية الصمود أمام هذه التنظيمات الإرهابية لسبب مهم جدا.. الفكر والمنهج واحد. لا يمكن لأحد فقهاء وعلماء مختلف المذاهب الإسلامية أن يهدم الفكر التكفيري الداعشي إلا إذا قرر هدم فكره هو شخصيا.. ولذلك فمهمته مستحيلة ومحكوم عليها بالفشل مقدما.. أقصى ما يمكن أن يفعله الجميع مستقبلا هو تحميل المذهب الوهابي مسؤولية كل هذه التنظيمات الإرهابية، بمعنى تقديم المذهب الوهابي ككبش فداء لبقية مؤسسات الإرهاب الديني فقط.. و قد بدأت بوادر ذلك من بعض ا?صوات الدينية والإعلامية الشهيرة على المستوى العربي.. قبل فترة كتبت مقالا عقبت فيه على مقال للأخ علي البخيتي عن الفكر الداعشي في الإسلام.. حينها ذكرت المفكر المصري الراحل نصر حامد أبوزيد.. ومن حقه رحمة الله عليه أن أذكره الآن، كونه صاحب الفكرة المهمة التي سأذكرها للتو.. تقول هذه الفكرة : لا يوجد فرق بين المتطرفين والمعتدلين إلا في شيء واحد فقط.. كيفية التطبيق.. أما المنهج فهو واحد. هذه هي المصيبة التي حلت بالدين الإسلامي.. الذي - بسببها- عجز عن محاربة كل التنظيمات التكفيرية الإرهابية التي خرجت من عباءته.. ليست المشكلة في الوهابية وحدها أبدا.. ومن يدعي ذلك عليه أن يقول لنا ما هو الفرق بين الوهابية وباقي المذاهب.. ا?زهر مثلا.. كونه رمزا للاعتدال كما هو شائع في السطور القادمة سأطرح سؤالا وسأحاول الإجابة عنه.. السؤال يقول : إذا كان المنهج التكفيري الدموي واحد.. فما هو الفرق بين الوهابيين وا?زهريين؟ والجواب هو التالي: في مصر انعزل ا?زهر، إلى حد ما،عن الحياة السياسية وسكت عنها واكتفى فقط بالوعظ والتدريس الديني بسبب موقعه في بلد ادعى نظامها الحاكم علمانية الدولة.. ما جعل للأزهر صورة جميلة على مستوى العالم الإسلامي، سواء من الناحية العلمية أو المكانة الدينية، غير أن كل ذلك لم يكن إلا خداعا للجميع.. فلا النظام الحاكم في مصر كان علمانيا حقا.. ولا مناهج ا?زهر،التي نشروها في العديد من البلدان، كانت مناهج معتدلة.. وبرغم ادعاء العلمانية في مصر إلا أن ا?زهر كان جاهزا لإصدار الفتاوى والآراء الدينية في أي مسائل قد يقررها النظام الحاكم في مصر ويحتاج دعما دينيا بشأنها.. لن يقصر ا?زهر أبدا.. هذا طبعا في السنوات السابقة.. حاليا خرج ا?زهر من دائرة خدمة النظام الحاكم في مصر، وتوسع في نشاطه، ليدعم النظام السعودي ويشاركه في كل جرائمه، سواء بالسكوت عن هذه الجرائم أو برفده بالفتاوى المساندة والمؤيدة متى ما استدعى ا?مر ذلك.. والسبب، بالنسبة لمؤسسة دينية كالأزهر، مخجل.. المال.. وهذا يجعل من ا?زهر( بمعتدليه) أسوأ من مدارس الوهابية السعودية (بمتطرفيها)، أو على ا?قل في نفس المستوى من الانحطاط والبعد عن الدين والمتاجرة به.. أعتقد أن الفرق قد اتضح ولو قليلا الآن.. لا أقصد ولا أريد هنا الهجوم على مذاهب السنة فقط، فمذاهب الشيعة مناهجها تكفيرية ودموية أيضا ولا يستطيعون التنصل منها، لكن داعش ليست شيعية.. أيضا لا أقصد ولا أريد الهجوم على ا?زهر دوناً عن باقي الكاتدرائيات الإسلامية.. لكن لأن ا?زهر هو الملاذ وهو حصن الاعتدال الذي يدعو الجميع للعودة إليه عند الفتن.. فكان يجب أن نحاول كشف بعض ا?قنعة الزائفة لبعض الوجوه القبيحة.. غير ذلك هل توجد فروق أخرى؟ الحقيقة وحتى لا أكون متجنيا.. نعم.. توجد فروق أخرى.. الملابس..