ظنت السعودية أن الأمر قد ينجح بسهولة, لكن هذا لم يحصل, مثل عجوزة شعرت بالرضا عن نفسها بمجرد أن ارتدت تنورة قصيرة, فتحمست لقضاء وقت ممتع, متعشمة في جلسات مداعبة أكثر شغفا وجنونا, وراحت للتزلج على الجليد, ولم تلبث أن عادت بمحفاة بأسرع ما يمكن, مستلقية لوحدها تحت البطانية وتبكي. كل مشاعر السعودية بعدم كونها جيدة كفاية عادت إليها, هي تتساءل إن كان أحد يحترمها كثيرا بعد التمثيلية التي أدتها طوال 9 أشهر مضت, وكل ما تستطيع فعله الآن هو إخراج اليمن من عقلها فحسب. الجندي اليمني حافي القدمين المتداولة صورته في شبكة الإنترنت على أوسع نطاق, أثناء اقتحام موقع نهوقه العسكري السعودي والسيطرة عليه, تأكيد على كل ما حذرت منه صديقات السعودية, وتأكيد على كل ما تخشاه السعودية من الآن فصاعدا. سيطرة داعش والقاعدة على مناطق في الجنوب تأتي في أوقات محددة جيدا; مع كل إعلان عن بدء جولة مفاوضات لحل الأزمة ووقف الحرب, ومع توالي سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية على العديد من المناطق والمواقع العسكرية جنوب السعودية. من المفيد وجود قوة خارج السيطرة, هذا تكتيك استراتيجي متبع جيدا, لأن إشاحة النظر عن هذه القوة, أحيانا, تكون ببساطة حلا, أقرب مثال على ذلك, ترك القاعدة يسيطر على عدة مدن في محافظة أبين. إذا ما تضمن جدول أعمال أية مفاوضات نقطة الانسحاب من المناطق السعودية التي سيطر عليها الجيش واللجان الشعبية, سواء طرح ذلك عبر هادي أو عبر المبعوث الأممي أو عبر أي وسيط إقليمي آخر, واستباقا لأي رد يمني مشابه, بالمطالبة بانسحاب قوات ومرتزقة الاحتلال السعودي من مناطق الجنوباليمني, حينئذ, سيكون من المفيد جدا, بالنسبة إلى تحالف العدوان السعودي, التعذر باستيلاء داعش والقاعدة عليها. لو أن الشعب اليمني أراد رحيل صالح لكان فعل, ولو أنه متمسك بهادي رئيسا لكان فعل أيضا, يسري ذلك على حركة أنصار الله وحزب الإصلاح والبقية. المراقبون للأحداث, وإن كانوا شطارا وذوي كفاءة ونزاهة فعلا, ليسوا أفضل حكام, أو با?حرى, ليسوا مؤهلين للحكم أساسا, اكتساب سلطة مرتبط أصلا بمدى المشاركة في توجيه ما يجري حولنا من أحداث. الجمود الفكري هو ذلك الاكتفاء بالقول إنه لا يوجد من هو جدير بأن يحكمنا, ?نه ليس هناك معايير محددة بصرامة ومتفق عليها بشأن "الجدارة" هنا, والمفاضلة بين السيئ والأكثر سوءا ستتم حتما, ولا بد في النهاية من نخبة حاكمة للحفاظ على الاستقرار والنظام العام, ولو في أدنى الحدود, طبيعة ونوازع البشر تؤكد هذا. ربما قد لا تملك أسبابا جيدة للمفاضلة بين هذا أو ذاك, بيد أن غيرك لديه. يستمد هادي شرعيته من شرعية أكبر دولة إرهابية في العالم, الشرعية التي بموجبها باع مقاولو وزارة الدفاع الأمريكية آلاف القنابل العنقودية, المحرمة دوليا, إلى وزارة الدفاع السعودية لضرب اليمن. كان المبدأ الأساسي لمؤتمر الحوار "إجماع وتوافق وطني", لكن العكس تماما هو الذي حصل, والقواعد المتبعة التي صمم بمقتضاها الحوار أعطت هادي صلاحيات ديكتاتور, وفوق هذا, أضيف إليه ديكتاتور آخر هو القرار الأممي رقم 2140 الذي كان سيفا مسلطا على كل من يعارض توجهات هادي وأجندات الدول الراعية للمبادرة الخليجية. تذكرون جيدا ما الذي دار بين هادي, رئيس الحوار, وبين أحمد عوض بن مبارك, أمين عام الحوار, في المكالمة الهاتفية المسربة قبل فترة ليست بالبعيدة, أتى بن مبارك على ذكر ياسين مكاوي, فألمح هادي إلى إمكانية إدراج اسم مكاوي ضمن لائحة المعرقلين للقرار الدولي 2140 . بعد كل هذا; كيف يجرؤ بعضنا على الحديث ,بإطناب وبلاغة, عن "شرعية" هادي وعن "شرعية" مخرجات حوار هو حوار غير وطني بالمرة?!.