التنظيمات السياسة التي نشأت في اليمن، فروعا للتنظيمات السياسية الخارجية، القومية والأممية، طوحت بنفسها، فما البديل؟ هل مشايخ السعودية؟ لست داعية للشمولية، أو لحزب واحد، وفي الوقت نفسه أعتقد أن هذه البلاد غير قابلة للبدائل السعودية.. الناصريون الخلص جدا، الذين اعتنقوا ميثاق عبدالناصر الصادر عام 1962، والذين "ألهوا" عبدالناصر، ثم القذافي، كالمخلافي والعتواني، باتوا يلعنون عبدالناصر وباركوا قتل القذافي، وصاروا عملاء للسعودية، ويعتبرون الحزب الناصري الموجود في قاهرة عبدالناصر، حزبا غير ناصري لأنه ليس مواليا للسعودية.. الناصريون اليمنيون الخلص مثل المخلافي والعتواني صاروا في أحضان السعودية يلعنون الناصرية من المهد إلى اللحد، ويلعنون بلادهم.. زعيم للناصرية في اليمن، وهو عبدالملك المخلافي، صار ممثلا للمملكة السعودية في كل المنابر التي تكون فيها السعودية مقابلة لليمن.. القوميون اليمنيون الأحرار التقدميون الذين كانوا أتباعا للفلسطيني الفذ نايف حواتمة، ولليمنيين الفذين سلطان أحمد عمر، وفيصل عبداللطيف الشعبي، صاروا مناطقيين وطائفيين يخدمون المشروع السعودي الوهابي الرجعي المتخلف.. عبدالله عبدالرزاق باذيب، وعبدالله عبدالمجيد السلفي، ومالك الإرياني، وعبدالفتاح إسماعيل، وغيرهم من المفكرين الاشتراكيين الماركسيين العقلانيين العظام، أعداء الرجعية السعودية، صار أسلافهم غلمانا لآل سعود، وألسنتهم أحذية لآل سعود، والشاهد على ذلك ياسين نعمان، والمخلافي والسقاف.. قادة حزب البعث الذين عبدوا "ساطع الحصري"، وكانوا يعتبرون فكر "ميشيل عفلق" قرآنا، وجاملوا صدام حسين وحافظ الأسد، نصراً للقومية ومعاداة للصهيونية، معظمهم اليوم موالون للسعودية التي تتقدم نحو التطبيع مع إسرائيل، وتعانقها عناق الألف للام (هكذا: لا)، وسيدهم الجديد الملك سلمان السعودي يدعم الحملة الانتخابية للمرشح اليميني بنيامين نتنياهو المتعصب ضد العرب الفلسطينيين.. الإخوان المسلمون، كانوا أحذية للبريطانيين والأمريكان، وكانوا أحذية لحكام عرب مثل علي عبدالله صالح، وظفوا ثقافتهم الدينية من أجل خدمة أي سلطة غربية أو عربية تقبل بهم خداما لها مقابل حصولهم على منافع شخصية وحزبية وأسرية، وفئوية، والوصول إلى السلطة إذا أمكن.. لكنهم الخاسر الأكبر، فحتى السعودية الوهابية رغم رجعيتها، لا تقبل بهم، ولا مستقبل لهم في هذا القرن، ولا في أي مكان يقبل خرافاتهم، وأسطوراتهم، وخبثهم، وإرهابهم.. التجارب أثبتت أن المؤتمر الشعبي العام، المتعدد ثقافيا وفكريا وسياسيا، يبدو بمثابة تحالف قوى متنوعة.. ولأنه خليقة يمنية، تعرض لنيران صديقة وعدوة فتخلق من بين الرماد، تلده اليمن مرة بعد مرة خلقا جديدا.. وإياك أعني وافهمي...!