يواصل اليمانيون مدنيون وعسكريون تسطير أسفار تاريخهم المعاصر بأحرف من نور، وهم يصرون بأقصى ما أنعم الله عليهم من إرادة علي رسم الفرحة والسعادة في وجوههم، وزراعتها قدر استطاعتهم في قلوب وأفئدة أطفالهم خلال أيام عيد الفطر المبارك، في ذات الوقت الذي تتمزق فيه قلوبهم وتَقْطُر دماً وتعتصر أرواحهم الآلام والمواجع علي استمرار ما يتعرض له وطنهم الغالي للعام الثاني علي التوالي من تدمير وإبادة جماعية منسية تحت سمع وبصر ومباركة البشر أجمعين في كوكب الأرض حُكَّاماً ومحكومين الذين مازالوا يفضلون الصمت المخزي وبلع ألسنتهم ولجم أفواههم بكل وقاحة وخِسَّة ونذالة. وبخلاف كل أعياد الفطر السابقة تقاطر اليمانيون صعوداً صوب العاصمة (صنعاء) من كل محافظات الجمهورية اليمنية لقضاء إجازة عيد الفطر المبارك فيها، حيث الأمن والأمان النسبي مقارنة بغيرها من المحافظات، بعد أن كانت فيه العاصمة (صنعاء) في الأعوام الماضية تكاد تخلو من ساكنيها في مواسم الأعياد الذين ينسابون إما صوب قراهم ومناطقهم الريفية في مختلف المحافظات أو يتدفقون نحو المدن الساحلية : عدن والمكلا والحديدة، خصوصاً مع تزامن موسم العيدين الفطر والأضحى مع فصل الصيف وإجازة المدارس، وبالرغم من أن مياه شواطئ مدينة عدن تكون مضطربة وغير مستقرة في هذا الفصل من السنة، وكانت السلطات المحلية المختصة في المدينة تُطْلِق تحذيراتها لرواد الشواطئ بتوخي أقصي درجات الحيطة والحذر وتفضيل السباحة والغطس بالقرب من الشاطئ مهما بلغت مهارة واحتراف من يقوم بذلك. فيما يواصل أبطالنا الميامين تواجدهم في ثكناتهم بكافة مواقع وجبهات البطولة والشرف والفداء علي امتداد تربة (اليمن) العظيم، مستمرين في التصدي الأسطوري لجحافل المرتزقة الذين يسيرون أبدانهم بوقود المال الملوث لمواجهة أشقائهم، أولئك الأبطال الأشداء المسنودين بإيمانهم العميق المتجذر في أعماقهم بأن يد الله فوق أياديهم لأنهم إنما يدافعون عن وطنهم، وليسوا علي الإطلاق طُغاة أو بُغَاة أو مُعْتَدين، وكل منهم يسعى حثيثاً نحو الشهادة بكل ما وهبه الله من قوة وبأس ورباطة جأش، مستميتين في طلب الموت طمعاً في لقاء ربهم وهم على هذه الحال في أرض المواجهة مع المعتدين ومرتزقتهم بنفس مقدار حرص الطرف ا?خر من المرتزقة علي الحياة للاستمتاع بثمار ارتزاقهم ولو علي حساب كرامة وسيادة وعزة وشموخ وكبرياء وطنهم ومواطنيهم. ويستمر المتذبذبون من عقارب وحيات وثعابين الطابور الخامس في الفحيح لبث سمومهم في أوساط الآمنين المطمئنين لعلهم ينجحون في اختراق التماسك الأسطوري في جبهة المدنيين، بإثارة تساؤلات خبيثة، عن جدوي استمرار التصدي للمعتدين وجحافلهم؟!، مترحمين وراثين لحال الأغلبية الساحقة من الفقراء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة، مظهرين إشفاقهم وتعاطفهم معهم كون أولئك هم وحدهم من يدفع ضريبة الاستمرار في القتال، إذ تطحنهم كل موجبات الحياة من ارتفاع أسعار المأكل والمشرب والملبس الناتج عن التخبط وعدم استقرار أسعار العملة الوطنية مقابل العملات العالمية وانتشار ظاهرة اختفاء العملة الوطنية من محلات الصرافة والبنك المركزي نفسه، وتطابق الحال مع التصاعد الجنوني في أسعار البنزين والديزل والغاز. ويدعي أولئك المتباكون علي حال البسطاء من المواطنين المغلوبين علي أمرهم أن الرابح والمستفيد الوحيد هم فقط أمراء الحرب كما يسمونها الذين يزجون بالشباب في محرقة حرب قذرة يقتل فيها اليمني أخاه اليمني؟!، فمازال إصرارهم ووقاحتهم علي عدم توصيف ما يحدث علي أرض وسماء الوطن بالعدوان الذي يستلزم التحدي والتصدي. ومثل أولئك الحمقى الذين يرتدون ثياب الرُهْبَان يباغتهم المطحونين الأكثر فقراً بتساؤل غاية في البساطة يبهتونهم به: وما هو الحل في نظركم، هل هو الخنوع والاستسلام تحت ذريعة حقن الدماء؟!، هل هو تمكين الطرف ا?خر من إعلان النصر والسيطرة التامة علي كامل تراب اليمني والتسلُّط على رقاب اليمانيين؟!، هيهات..هيهات أن يتم لكم ذلك ولو في أضغاث أحلامكم أيها السُّفَهَاء المرضي، ولماذا أيها الحُكَماء الفلاسفة لا توجهون ذات النداء بذات المنطق للمتمترسين في الطرف الآخر؟!، ليضعوا أسلحتهم ويحقنوا دماء أشقائهم مدنين وعسكريين، فيحبطوا مخططات الأعداء في النيل من وطنهم واستباحته، ويوجهوا بالتحامهم مع أشقائهم اليمانيين صفعة قاسية تهز أركان عروش من ظنوا أنهم استعبدوهم بما يلقونه عليهم من فتات الأموال المدنسة بالعملة غير الوطنية. مازال أولئك الحمقى يرددون بغباء منقطع النظير أن العدوان مستمر فقط لحين الإجهاز علي الزعيم والسيد، وأن الرجلين لو كانا بالفعل يملكان ذرة من الانتماء للوطن لقاما بحقن الدماء المراقة في طول وعرض (اليمن) منذ أكثر من 15 شهرا بمنتهي البساطة والسهولة من خلال تسليم نفسيهما ل(جُهَّال) آل سعود أو لممثلين للأمم المتحدة لينتزعا أي مبرر للاستمرار باستهداف المدنيين ولينالا محاكمة (عادلة) في أي محكمة دولية ستتولى هذا الأمر برعاية أُممية.فهل من عقل يقبل بذلك المنطق أو يستسيغه؟!، حتى عقل الأُمِّي الذي لا يميز بين الألف والياء سيستغرق في الضحك حينما يُنصِت لمثل ذلك الهراء الأجوف.حقاً إ? الحماقة فقد أعيت من يداويها.