اتصل واحد من قرابتي من المكلا أمس يقول إن هناك عصيانا مدنيا، وإن مظاهر العنف في المدينة لم يعرف مثلها من قبل، ومن عدن أخبرني زميل في 14 أكتوبر أن النشاط التجاري في المدينة توقف، ولم يذهب الموظفون إلى أعمالهم، وأن المواجهات على أشدها بين الشرط والمحتجين على أحداث الخميس الدامية، وفي شبوة هناك عصيان مدني شامل، هكذا بدا الحال في المحافظات الكبرى في الجنوب، وهذا كله من تداعيات العنف الذي شهدته مدينة عدن بسبب ممارسات حزب الإصلاح وانحياز قيادة السلطة المحلية له، وعدم تعامل الشرطة مع الجميع بحيادية. لاحظت منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن في عدن كانت تقوم بتأييد مظاهرة حزب الإصلاح، وأن قوات الأمن لم تحم متظاهري الإصلاح فحسب بل ساعدتهم على احتلال ساحة العروض، بينما قامت ومعها مسلحو الإصلاح تستخدم الأسلحة النارية والعربات المدرعة والأطقم- المزينة بصور رئيس الجمهورية- لقتل وجرح عناصر الحراك الجنوبي. لقد سارت السلطة المحلية في عدن وراء حزب الإصلاح، وفي الوقت نفسه سخرت كل إمكانياتها لضرب الحراك الجنوبي، وكان لهذا التصرف تداعياته في عدن وفي غيرها.. لقد أحضر حزب الإصلاح- باسم اللجنة التنظيمية- نحو ثلاثة آلاف شخص إلى ملعب 22 مايو لكي يستعرض بهم تحت لافتة خادعة هي الاحتفال بيوم انتخاب الرئيس، ثم نقلوا إلى معسكر بدر، ومنه إلى ساحة العروض بخور مكسر، رغم معرفة الجميع أن الحراك الجنوبي قرر إقامة فعاليته في الساحة، وبدلا من أن تتفادى السلطة المحلية ذلك تهيأت هي ومسلحو الإصلاح بعوامل القمع والقتل في مواجهة الحراك الجنوبي. والعجيب في الأمر أن القتل يمارس باسم رئيس الجمهورية، ويبدو أن هناك من وجه بوضع صور رئيس الجمهورية على الأطقم العسكرية والمدرعات عمدا، ومن كل جانب، لإعطاء انطباع لدى الحراك والمشاركين في العصيان المدني أن الرصاص التي تنطلق نحوكم تأتي من جهة صاحب الصور! لقد كان على قيادة السلطة المحلية أن تتخلى عن التحيزات الحزبية، وأن لا تقبل السير وراء حزب الإصلاح لمواجهة الحراك الجنوبي تحت لافتة " قلناها ألف مرة الوحدة مستمرة"، وقد كانت منظمات الحزب الاشتراكي في المحافظات الجنوبية دقيقة في تفسير ما يقوم به حزب الإصلاح باسم الوحدة، عندما قالت في بيانها إنه يحاول تحويل الجنوب إلى ساحة مواجهات دامية لإحكام قبضته على مقدرات البلاد.