* لا يوازي الإشفاق على المغتربين اليمنيين في السعودية لما يتعرَّضون له هناك إلاَّ الإشفاق على المسؤولين والوجاهات اليمنية وهم يدلون بدلوهم في الحديث عن هذه القضية. * ودائماً فإن العبث في المواقف اليمنية المرتعشة مرفوع لأن أصحاب الحلّ والتركيب هم أصحاب مصالح خاصَّة تمتدّ من القنصلية والسفارة إلى المنظَّمة المدنية والوزارة. * يصرخ الآلاف من المغتربين اليمنيين: نحن نتعرَّض للحرب في أرزاقنا وتهدر كرامتنا وتصادر حقوقنا، فإذا الفراغ الأجدب يتلقَّف ما يصرخون.. والمدهش أن المغتربين ما يزالون يلوكون الأمل في أن مسؤولي بلادهم سيفعلون أيّ شيء ذي قيمة. * وإذا كان القرار اليمني مرتهناً في العنوان عندما يتعلَّق الأمر بالشقيقة الكبرى، فإن في تفاصيل المسؤولية الجهوية ما يشيب له رأس الطفل الذي لم يغترب بعد. * يتمّ تسفير آلاف اليمنيين ويحرمون من أبسط حقوقهم الإنسانية، فيقول وزير المغتربين إنها من أعمال السيادة.. وتجتمع الحكومة تحت ضجيج شكاوى المغتربين والتناولات الإعلامية الخجولة، فيتمّ الإعلان السرِّي الهامس بأن مجلس الوزراء قد شكَّل لجنة أجزم في الاعتقاد أنه لو كتب لها السفر إلى الرياض فإن كلاًّ منهم سيقول للآخر : هاه.. ابدأ أنت في الكلام. * ولقد استمعت لمداخلة دبلوماسي يمني في السعودية فشعرت بالإشفاق عليه وهو لا يقول بأنه اتَّصل بالجهات الحكومية في السعودية وعرض عليها معاناة العمَّال اليمنيين وإنَّما قال بأنه اتَّصل برؤساء الجاليات اليمنية وناقش معهم القضية.. كما اتَّصل بالمسؤولين في الداخل اليمني وعرض عليهم المعاناة.. الرَّجُل وغيره لا يجرؤ على طرح أيّة قضية على الأشقَّاء حتى لو كانت من صميم عمله الدبلوماسي. * ولعلَّ هؤلاء الدبلوماسيين.. سواءً في السعودية أو دول الخليج الأخرى.. لا يعكسون إلاَّ مواقف وأحوال المسؤولين عنهم.. حيث المواصير «الأُمّ» ما بين مشغول بمصالحه التجارية وما بين مشغول بمرتَّباته التاريخية.. ومنهم مَنْ ينتظر. * والمثير للريبة أن من الارتهان ما هو مجَّاني كما هو حال المذيع الذي شكا إليه مغترب بمرارة عن طغيان السياسي على ما هو سيادي ومظالم مسجونين ومنهوبين ومسفرين على الهيئة التي تمَّ القبض عليهم فيها فإذا بالمذيع يقول له: لماذا الانفعال والحسرة.. أنتم في بلدكم الثاني.. وأنتم أهل الدار. * وأيَّا كانت دوافع ما يتعرَّض له اليمنيون فإن المؤكَّد أنهم ضحايا فساد بلادهم وضحايا فساد أشقَّاء تاجروا بالتأشيرات بمزاعم أعمال وهمية.. وتاجروا بصفة الكفيل فإذا بمئات الآلاف من المغتربين اليمنيين واقعون بين كمَّاشات التهديد والترحيل والسجن والإهانة.. فضلاً عن أموال طائلة تم الإمساك بها أو مصادرتها تحت رحمة الكفلاء الحقيقيين والوهميين.