الحب عذاب .. كانت جدران الشوارع والأزقة مليئة بتلك العبارات، وكان الحب وفيرا وبسيطا أيام ما كان لهذه البلاد قلب وأغان وشقاوات جميلة. اليوم حتى الجدران خلت من الحب وأصبحت مساحة للعان والشتم، وكل من أحب الله والنبي يمسك بخاخ طلاء وهات يا شتائم فوق كل من لا يحبه أو يعتبره غريما له. هذا الجدار يلعن الحوثيين، وذاك الجدار يشتم الإصلاح، وجدار ثالث يسب "صالح" وجدار رابع يشتم الخونة، وجدران أخرى تلعن الوحدة وتلعن الانفصال وتلعن الدحابشة وتلعن الحراك، وما من جدار عاقل ستصادفه في الطريق غير ذاك الذي يقول لك بخط أنيق "ممنوع التبول هنا لو سمحت" ! ليس ذلك فحسب، بل لقد وصل الأمر حتى إلى جدران المساجد.. فتجد الحوثيين والسلفيين والإصلاحيين جميعهم يتضاربون على الله وعلى الرسول فوق جدران آيلة للسقوط أساساً. الكارثة أنهم يخوضون معاركهم السخيفة تلك دون إلمام حتى بقواعد الإملاء، فتجد هذا التقي والعارف بالله يسكب أحقاده كلها عرض الجدار، كاتبا بلغة ركيكة أصلا " العنة على الحوثين"، تاركا حرف اللام الأول، وحرف الياء الثاني لتقدير السماء، أو هكذا اعتقد. وذاك التقي الثاني يكتب عرض جدار آخر وبنفس اللغة المكسرة "نوريد تطبيق شرع الله" وفي ظنه أن شرع الله مجرد سياط للضرب ودعاء بالهلاك للأعداء؟! وذاك التقي الثالث كاتب عرض جدار المسجد "صلات حزب الإصلح باطلت" ويقصد "صلاة حزب الإصلاح باطلة " لكنه كتبها باللغة الفارسية على ما يبدو؟! المهم أنك تقرأ كل ذلك الغثاء وتشعر بالإحباط وبالأسى لأن الكراهية عرفت طريقها حتى إلى داخل بيوت الله. لكنك ستضحك كثيراً حين تشاهد – بين زحام قذارات الجدران- لوحة يتيمة على جانب الطريق تقول لك بكل وداعة: "أهلا بكم في يمن الحكمة والأيمان"؟! هؤلاء يكذبون على من؟! والله مالي علم؟!