* لو أن الرئيس عبدربه منصور هادي، استشارني حول أيّهما أحقّ بالزيارة أو الاتِّصال.. زيارة الكرملين، أو زيارة الرياض، لاخترت الرياض.. ذلك أن علاقة اليمن التاريخية بموسكو ستظل محفوظة في كتب التاريخ.. بينما التواصل مع الرياض قد يوقف هذا التهجير السعودي لألفين من المغتربين اليمنيين كل يوم. * والقول بأولوية حلّ مشكلة المقيمين اليمنيين الذين يتم ترحيلهم بالآلاف وتداعيات ما يرافقه الترحيل المفاجئ على متن قلَّابات، وكأنهم علب من التونة، قول يبعث على الوجع الذي لا تنفع معه المهدِّئات. * ولمن لم يستوعب ما حدث فإن وزارة العمل السعودية قرَّرت إنفاذ قانون ينصّ على أن مَنْ جاء إلى السعودية وحصل على رخصة عمل عليه أن يعمل في نفس المهنة التي جاء من أجلها ولا يحقّ له أن يعمل إلَّا لصاحب العمل الذي استقدمه ووفقاً لنسبة السعودة.. وهو ما أدَّى إلى حملة مداهمات لمحلاَّت ومنازل يقطنها عمَّال يمنيون.. يرافق ذلك الكثير من الإهانات التي تسبق الترحيل، ولو من قبيل تصرُّفات فردية تصل حدّ «قصّ» إقامة حتى من رتَّب وضعه وفقاً لهذا القانون. * والخطورة التي تفرض تحرُّكاً جادَّاً من الدولة اليمنية الافتراضية هو أن هذا القرار ارتبط بفكرة استكمال موضوع «السعودة».. فضلاً عن تصريحات وزير العمل هناك.. الذي أشار إلى أن الأمر محض إنفاذ للقانون.. وأنه بعد أسابيع ستتمّ مناقشة فرض حدٍّ أدنى لمرتَّبات السعوديين.. وهنا يصحّ القول بأن من شأن طرد ما يقارب (80%) من العمالة اليمنية ممَّن يعملون عند غير كفلائهم سيلحق ضربة للاقتصاد اليمني والعملية السياسية نفسها، وهو ما أكَّده مصدر دبلوماسي غربي. * أمَّا إذا تذكَّرنا أن كل مغترب تقوم على تحويلاته معيشة نسبة كبيرة من المواطنين في الداخل اليمني.. وأن الكثيرين لم يحصلوا على فيزة الاغتراب في السعودية إلاَّ بعد أن دفعوا دماء القلب، فإن في كل ذلك ما يجسِّد حجم المشكلة وخطورة تداعياتها. * وإذا كان الوليد بن طلال اختزل دوافع قرار الترحيل بالحديث عن الصرامة، لأنهم يشكِّلون عبئاً على الاقتصاد السعودي.. فإن القضية تفرض السؤال عن موقف الدولة اليمنية ولو من باب التذكير بمحفوظة القربى والجوار وليس فقط المصالح السياسية بين البلدين. * مجلس النوَّاب الديناصوري كلَّف رئيسه بالتواصل مع رئيس الجميع.. والحكومة أخذت وقت السلاحف في الحديث عن لجنة لعلَّها سافرت أو في طريق رأس الرجاء.. ورئيس الجمهورية يبحث العلاقات التاريخية مع الروس.. فيما المغتربون يصرخون من التهجير القسري بفيزاتهم وإقاماتهم واستغلال كفلائهم. * وأمَّا لو تحقَّق المقصود وغادر وفد إلى عاصمة الأشقَّاء، فليس أقلّ من التذكير بما قاله مغترب يمني في اتِّصال : إذا جاء الأستاذ باسندوة إلى الرياض فليس مطلوباً منه أن يبكي وليس مطلوباً من وزير المغتربين تذكيرنا بأن القرار من أشكال السيادة ثم يركب الليموزين. * المطلوب أن يحسن هؤلاء طرح القضية من منطلق عشم الجار والشقيق ومنطلق المصالح، والتذكير بأن الشعب اليمني لا يكنّ لأشقَّائه - ملكاً وحكومةً وشعباً - إلاَّ كل الحبّ حتى والحلق اليمني لا يستطيع إخفاء الألم من حديث نريد يمنيات خادمات.. طبخ وحضانة!!