اليمنيون بمختلف انتماءاتهم الحزبية والمذهبية، وبتعدد مِلَلِهِم ونِحَلِهِم باطنيون يتبعون المذهب الباطني. يؤمنون به ويعتقدون، وله يتعصبون، وبسببه يكرهون بعضهم بعضا ويقتتلون. وأقصد بالمذهب الباطني ذلك المذهب الذي يتمحور حول البطن، ويقدِّس النهم والشره والطمع والأنانية والاستئثار. وبهذا المعنى فإن اليمنيين باطنيون.. همهم بطونهم، واهتماماتهم باطنية، وتفكيرهم باطني، وهم لا يرون أبعد من بطونهم، فضلاً عن أن خلافاتهم ونزاعاتهم وصراعاتهم تندلعُ أول ما تندلع في أُتُون بطونهم الجهنمية التي كلما قلت لها: هل امتلأتِ ؟ قالت: هل من مزيد. إنهم باطنيون بلا حدود، وفي بطونهم الجهنمية تلك تثور وتنفجر براكين الشهوات والرغبات والأطماع قبل أن تتمظهر في الواقع. غير أن من عادة اليمنيين تغليف خلافاتهم ونزاعاتهم وصراعاتهم الدائمة والدموية تلك بالأيديولوجيات، بالمبادئ والأخلاقيات، بالقيم الدينية أو بالقيم الوطنية، فتبدو نزاعاتهم وصراعاتهم وحروبهم كما لو أنها دفاع عن الدين أو عن الوطن، عن الثورة أو عن الجمهورية. فيما هم في الحقيقة يدافعون عن بطونهم النهمة التي لا حدود لنهمها. ولأنهم باطنيون فإنهم حتى عندما يتحاورون لا يفصحون عن رغباتهم الباطنية، وإنما تجدهم يلفُّون ويدورون ويقولون ما لا يبطنون، مع أنهم باطنيون حتى البلعوم.