معالي القاضي/ مرشد علي العرشاني، وزير العدل تحية طيبة... وبعد.. الحقيقة أنّني تَفَاءَلْتُ كثيراً حينما تم تعيينك وزيراً للعدل في حكومة ما يُسمّى بالوفاق الوطني، ليس لأنّك رئيسٌ لجمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية، ولا لأنّك المستشار القضائي وأحد كُتّاب البصائر للواء علي محسن الأحمر، بل لسماعي شخصياً لكلامك الهادئ والرصين أثناء اجتماعك بالموظفين وأنا أحدُهُم؛ وذلك لمناقشة المشاكل والصعوبات التي تواجههم أثناء أداء عملهم، ووُعُودُكَ القاطعة لهم بوضع الكادر الإداري جلّ اهتمامك ورعايتك؛ وذلك بتلبية كافة مطالبهم الحقوقية وصرف مستحقاتهم القانونية، وإنصافهم جميعاً دون تمييز أحد على أحد؛ ليتمكنوا من أداء واجباتهم على أكمل وجه، باعتبارهم أعوانَ القضاة وأحد العوامل الأساسية في سرعة إنجاز القضايا؛ وعلى سبيل المثال من تلك الوعود: تنفيذ فارق طبيعة العمل، وبدل المحاكم، وبدل السكن وغير ذلك من الحقوق المشروعة والتي ينص عليها قانون السلطة القضائية، ومِنْ باب الإنصاف لا أُنكر تنفيذ جزء يسير منها، إلاّ أنّ الأكثر منها لم يتم تنفيذه بالشكل المطلوب وفقاً للقانون، رغم توفر الاعتمادات اللاّزمة لذلك!!. معالي الوزير: لا يخفاك أنّ الوزارة تعيش اليوم وضعاً مأساوياً، وسَلْباً للحقوق لم يسبق أنْ عاشت مثله في تاريخها أبداً، فمنذ أنْ تمّ تعيين الوكيل سليمان الصلوي والوزارة يسيطر عليها الشلل التام، وفي طريقها للوقوع في هاوية اللاّ عدل مُطْلَقاً؛ فمئات المعاملات القانونية والمطالب الحقوقية لا زالت حبيسة أدراج الشئون المالية بِعرقلةٍ واضحة وظاهرة من الوكيل المذكور، وربما يتم ذلك بضوءٍ أخضرَ وإيعازٍ منك؛ كونك مَن رَشّحَه وزكّاهُ لهذا المنصب، بالإضافة إلى أنّه أحد أتباع حزبك.. وفي تصوّري ما تجمّعَ الموظفون في الأسبوع قبل الماضي للمطالبة برحيله إلاّ بسبب تلك العراقيل والتعسُّفات الصادرة منه تجاههم ومماطلته في صرف مستحقاتهم!! وأرى مِنْ باب النصيحة يا معالي الوزير أنّ وكيلك الْمُزَكّى منك قد كَثُرَ شاكوه وقلَّ شاكروه؛ فإمّا عدّلْتَهُ وإمّا رشّحْتَ بديلاً عنه، فقد طفح الكيل بموظفي الوزارة وأنا أحدُهُم من ذلك الوكيل، وبلغ السيل الزُّبَى. معالي الوزير: من المعروف أنّ صدور ثلاثة أحكام من المحكمة الإدارية ببطلان ثلاثة من قراراتك بتعيين مدراء تابعين لحزبك لَدليلٌ على تعاطفك بل استغلال سلطتك وتسخيرها لخدمة أبناء حزبك على حساب الآخرين، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى فإن عدم تنفيذ تلك الأحكام واستئنافك لها- وإنْ كان الاستئنافُ حقّاً قانونياً- لَيُؤكِّد بما لا يدع مجالاً للشك عدم احترامك لأحكام القضاء وإن كانت أحكاماً ابتدائية!!. ولعل الجميع يعرف- يا معالي الوزير- فساد النظام السابق المُثار عليه من قِبَل الشعب، وكيف استطاع أنْ يُوصل فساده إلى قلب السلطة القضائية؛ وذلك عبر شراء ذمم بعض القضاة وتعيين أصحاب الولاءات التابعة للحزب الحاكم وتطبيق سياساته الفاشلة، ممّا أدّى كُلّ ذلك إلى ضعف أداء السلطة القضائية وعدم القيام بمسئوليتها تجاه قضايا الوطن والمواطنين وفقاً للدستور والقوانين النافذة نتيجة تدخلات أتباع ذلك الحزب وأصحاب النفوذ فيه؛ وبما أنّ كُلّ تلك الأسباب أدّت إلى عدم استقلال السلطة قضائياً ومالياً وإدارياً كما يَنُصُّ الدستور على ذلك، إلاّ أنه على ما يبدو يا معالي الوزير أن إدخالك مجموعة من خريجي جامعة الإيمان بالمعهد العالي للقضاء هو عملٌ أكثر خطورةً من ذلك، بل هو مُصيبةٌ عُظمى وطامةٌ كبرى ليس على السلطة القضائية ومنتسبيها فحسب بل على أبناء الشعب اليمني جميعاً!! إذْ أن دخول هذه الجماعة المتشددة وغير القابلة بالآخر هو بمثابة زرع ألغام مستقبلية في جسد السلطة القضائية قابلة للانفجار متى ما تهيأ لها الوقت؛ ومثلما اتّهَمَ زملاؤُنا المتشددون في الأيام الماضية بعضَ زملائنا بتهمة الردّة والخروج على الدين الإسلامي فربّما يتم والعياذ بالله في الأيام القادمة اتهام الأغلبية من الموظفين وأبناء الشعب غير المنتمين لحزب وأفكار تلك الجماعات المتشددة بالكفر والردّة معمّدة بأحكام قضائية مْن قِبَل هذه الجماعات التي تقوم بإدخالها اليوم المعهد العالي للقضاء يا معالي الوزير!!. وأظنّ والله أعلم أن الجميع سَيُرَدّد فيما بعد: اللعنة على ثورة أدخلت تلك الجماعات المتشددة (خريجي جامعة الإيمان) إلى السلك القضائي، والله المستعان وهْوَ من وراء القصد.