في رمضان تُصفَّد الشياطين وينفلت بعضُ التجار ليقوموا بتغطية عمل الشياطين إلى حين انتهاء الشهر الكريم.. كلّ عام نسمع في الأيام الأولى من رمضان عن إلقاء القبض على شحنة تمور فاسدة، وتقوم الجهات المختصة بإتلافها بحضور عدد من المسئولين وأعضاء المجلس المحلي.. الغريب في الأمر أنهم لا يقومون بإلقاء القبض على صاحب هذه الشحنة الفاسدة، وكأنه لم يقترف ما يوجب إذاعة اسمه في التلفزيون والصحف.. رغم أن هذا التاجر لو كان في دولة لديها نظام وقانون وتحترم مواطنيها لأصدرت ضده حكم إعدام غير قابل للتأجيل أو للاستئناف.. لأنه استحق حدَّ الحرابة وكان سيتسبَّب في قتل العديد من الناس بسلعته المغشوشة. لكن في اليمن، يكون أمثال هذا التاجر في أمان من قبضة الدولة، إذ ليس على الدولة سوى أن تُلقي القبض على الشحنة فقط، وكأنها قد فعلت أكثر مما يجب عليها، وستتباهى بهذا العمل كثيراً في وسائل الإعلام التي صارت أداة لتلميع جُوخها. وهناك تجار هم أشبه بالشياطين الصغار الذين ينتظرون رمضان ليُخرجوا بضائعهم التي أوشكت على الانتهاء- وهي منتجات لا نراها إلا في السوبر ماركت الكبيرة- فترى صبيانهم يفترشون الأرصفة وينادون بمكبرات الصوت لبيع تلك المنتجات الغريبة عن المواطن العادي، مستغلِّين "خورات" الصائمين في شراء هذه المنتجات التي تبدو رخيصة رغم أنها "ماركة".. يفعلون كلَّ ذلك على مرأى ومسمع من الله وخلق الله، والجهات المختصة يبدو أنها لا تستيقظ إلَّا حين تسمع مدفع رمضان.. حتى مدفع رمضان في ظلِّ هذه الأوضاع لم يعد بأمان، فربما استولى عليه قائد معسكر، وربما يتعرض لغزوة مماثلة لغزوة جبل الصَّمَع.