مرت أيام الحمل العسيرة , مثقلة بحلم أزلي ..! وأخيرا جاء المولود ..توأم ..سيامي ! طفلان جميلان , ملتصقا أحد الأكتاف ! فرح البعض بمولدهم , وتمنوا لهم حياة سعيدة , وعيشا رغيدا , في لحمة أخوية متفردة , بديعة !! توسم الجميع في التوأمين نباهة ,ونجابة , وفتوة .. وخطورة !! ومرت سنوات , متعثرة الخطوات , منقسمة الإرادات , بين توجه , وأحلام , ورؤى هذا , وذاك ..! هما أخوان , توأمان , ملتصقان .. فلابد أن يتفقا ! لكن يبقى صوت الفطرة هو الأعلى .. يرتفع بصخب مشروع , معلنا الاختلاف الطبيعي الذي جبل عليه بني البشر ..! بعد مرور عشرون عاما , شب التوأم الملتحم الأكتاف عن الطوق .. تعقدت الحياة , وتجهمت لهما معا ..! زاد تلاصقهما عيشهما رهقا ! أحدهما متسلط عليه كبراء سوء , يمتصون كل قطرة خير لديه .. الأخر رافض , غاضب ..! ولكن ,هاهي ذي , ذات الأيدي المتلصصة , تمتد لتسرق قوته , بعدما سرقت قوت أخيه ! صاح به مغضبا : متى تتحرر منهم ؟ نكس الأول رأسه ولاذ بالصمت ..فاشتد نكير الأخر عليه حتى أخرجه من صمته, فهمس مبتلعا غصة ألمه : لا شأن لك بي ! صاح به : بل كل الشأن لي , فأنت ملتصق بي !! واشتعلت نار ..وبعد غضبة , واستنكار, وثورة موؤدة .. قرر أن ينفصل عن شقيقه , كي يتحرر.. ارتفعت الأصوات تشجب , من كل الجهات : لا .لا .لا ..!! تساءل باستغراب : لماذا لا ؟ لنتفق..عملية جراحية مصغرة , تفك هذا الارتباط العليل , ونبقى أخوين ! الكل تلهى بشؤون شتى , وافتعل ضجيجا , ومشاكل شتى , لمنعهما من فك هذا الارتباط الشكلي ..! فتناول خنجره , وبدأ يقطع لحم أكتافهما , ليمزق هذا الرباط ..! وتناثرت الأشلاء بكل مكان , وسالت الدماء , وتعاظم الألم ..! والرافضون وقفوا , ليتلذذوا بمرأى الأشلاء , ورائحة الدماء .. ! وانهمرت دموع الأخوين , ترسم أخدود شقاء على شفرات القلوب , وتساءل مشنوق بين الأحداق : لماذا يراد لنا كل هذا العناء ؟ لماذا لا نتوافق , ونهندس الحلول , وعملية جراحية , مقننة تخلصنا , ونبقى للأبد أشقاء ؟!!