قرّر النائب العام المصري المستشار هشام بركات، فتح تحقيق حول البلاغ المقدم ضدّ الإعلامي الساخر باسم يوسف، بتهمة “إهانة الرئيس السيسي والتطاول على الدولة المصرية”، بعدما طالبَ المحامي سمير صبري -مقدم البلاغ- السلطات بمنع “يوسف” من مغادرة مصر وإحالته للمحاكمة الجنائية وإسقاط الجنسية المصريّة عنه. وبدأت القصة أثناء استعداد الصحفيين والإعلاميين المرافقين للرئيس السيسي لمغادرة نيويورك، تصادف وجود المذيع الساخر باسم يوسف في نفس المكان بالمطار عائدًا لمصر أيضًا، فدخل في مناقشة مع بعضهم حول الأوضاع في مصر بعد منع برنامجه “البرنامج” كي لا يسخر من الرئيس السيسي كما فعل مع سابقه محمد مرسي. وقد تطوّر النقاش حتى هاجم “يوسف” -بحسب شهادة الصحفيين- السيسي والصحفيين التابعين له، وقال المذيع والمحامي السابق خالد أبو بكر، إن يوسف وصف السيسي بلفظ غير أخلاقي، ثم وصف الصحفيين المرافقين بنفس اللفظ، الذي قيل إنه كان عنوانًا لهاشتاج شهير وصف به السيسي خلال انتخابات الرئاسة بعنوان: “انتخبوا *****”. وعلى الطائرة العائدة لمصر كتب خالد أبو بكر علي حسابه عى تويتر يصف ما حدث قائلًا: إنه التقى باسم يوسف في مطار نيويورك في طريق عودتهم للقاهرة بعد انتهاء زيارة الرئيس السيسي لنيويورك، وإن “باسم أهان السيسى وتهكم عليه وتلفظ بألفاظ وعبارات جارحة”، كما وصف الصحفيين بكلمة خادشة للحياء. وفور هبوط الطائرة وعلم “يوسف” بما كتبه خالد أبو بكر، توجه إليه وعنفه بشدة، ثم كتب “باسم يوسف” في تغريدة بأنه وصف الإعلاميين بهذا اللفظ الخادش، واتهم المحامي أبا بكر بأنه “متعود يكتب تقارير في زملائه”. قال يوسف: “لسه نازل من الطيارة ولقيت خالد أبو بكر مسيح على تويتر اللي حصل.. يشاء حظي أني أخش معاه اللونج اللي في مطار القاهرة.. قمت ناده عليه من آخر القاعة قلتله: تاني مرة لما تفتن وتكتب تقارير ابقى أنقل صح وقول أني بقول عليكم ( مع***) مش مجرد بشتم السيسي“. وأضاف باسم يوسف: “وعنها بقى نقاش طويل وكلام رايح جاي .. وفي الآخر سفلته قدام الموظفين .. كلهم بعد كده جم اتصوروا معايا وكانوا متكيفين جدًا بس أكتر حاجة وجعته لما قولتله: أنت متعود وأنت صغير تكتب تقارير في زمايلك.. واضح انك أمنجي من صغرك“. ورد أبو بكر قائلًا: “يوسف ارتكب أبشع جرائم خيانة الوطن والتطاول على الدولة المصرية رئيسًا وشعبًا وإعلامًا في الخارج وأمام الكافة على اختلاف جنسياتهم، مشيرًا إلى أن إهانة رئيس مصر هي إهانة لكل الشعب المصري ولذلك يستحق تقديمه للمحاكمة“. وعلي أثر هذا، تقدم المحامي سمير صبري الذي اشتهر برفع قضايا ضد معارضي السلطة، ببلاغ للنائب العام ضد باسم يوسف يطالب بالتحقيق فيما قاله ومحاكمته وسحب الجنسية منه بدعوى “تطاول” يوسف على الرئيس السيسى، وهو ما رفضته منظمات حقوقية مصرية. وقال صبري: “إنه لم يتقدم بالبلاغ دفاعًا عن خالد أبي بكر أو الإعلاميين، ولكن بسبب استيائه من إهانة الرئيس السيسي، مضيفًا -خلال مداخلة هاتفية مع قناة (المحور) مساء الاثنين- أنه أصيب بحالة هلع من الألفاظ التي صدرت عن باسم يوسف في مطار نيويورك”، معتبرًا أنّ “حرية التعبير عن الرأي لا يجب أن تتحول إلى (وقاحة) وتطاول“. قال المحامي سمير صبري، إنه تقدم ببلاغ ضد يوسف؛ “لأنه أفسد فرحة المصريين بالرئيس عبد الفتاح السيسي في الأممالمتحدة“، وأوضح: «أطالب أن يُقدم باسم يوسف للمحاكمة، لأن ما حدث يعتبر وقاحة وتطاول على الدولة ورئيسها». وقد شارك إعلاميون مؤيدون للسيسي في جلد “يوسف” والمطالبة بمحاكمته، فالصحفي مصطفى بكري، قال: “أمثال هؤلاء لا يستحقون الانتساب لهذا الوطن العزيز”، وأضاف عبر “تويتر”: “هم ليسوا سوى أدوات يحركها أعداء الوطن.. إنه نبت شيطاني مقيت“. و”رولا خرسا” المذيعة على قناة “صدى البلد” قالت إن ما بدر من باسم يوسف هو: “تهجم على رأس الدولة المحبوب من شعبه، الذي أنقذ مصر من مصير أسود“. فيما شن المذيع أحمد موسى هجومًا شرسًا على يوسف، متهمًا إياه “بالتطاول على القوات المسلحة والسعي لإسقاط الدولة“، وأضاف: “كل من يقترب من القوات المسلحة لا بدّ أن يحرق“. وظلّ باسم يوسف يقود حملة هجوم ساخرة في السابق علي الرئيس المخلوع محمد مرسي، ممّا دفع مجموعة من الأشخاص بتقديم بلاغ ضده، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وقد أخذت زخمًا كبيرًا حينها، وطلب الرئيس مرسي بإسقاط البلاغ، لكن بعد الإطاحة به تغيرت الأوضاع ولم يسمح ليوسف باستكمال برنامجه الذي انتقد فيه السيسي وسخر بشدة من الإعلاميين والصحفيين المصريين الداعمين له، وتعرض يوسف بعدها لحملة هجوم واسعة في الإعلام المصري. رفض حقوقي وقد رفضت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان -في بيان- مطالب سحب الجنسية من الإعلامي باسم يوسف، في بلاغات رسمية، على خلفية انتقاده للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال تواجده في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقالت الشبكة: “إن دعاوى الحسبة السياسية التي عادت بقوة في مصر، بهدف تكميم أفواه المنتقدين والتي يرفعها البعض لإرضاء الحكومة المصرية، تصاعدت لتنال من الإعلامي المعروف باسم يوسف، بزعم انتقاده للرئيس عبد الفتاح السيسي، على خلفية وشاية نشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، تلقفها محامون، وسارعوا بتقديم بلاغ ضده مطالبين بإسقاط الجنسية عنه”. وأضافت الشبكة العربية أن: “تلك البلاغات تذكر بقضايا مماثلة رفعها أحد المواطنين، مطالبًا بسحب الجنسية من الدكتور محمد البرادعي في عام 2011، وانتهت برفض المحكمة للدعوى، منتقدة ترك الباب مفتوحًا أمام الباحثين عن الشهرة، ما يثير التساؤل بشأن توافر الإرادة السياسية في احترام سيادة القانون من عدمه“. وتابعت الشبكة العربية: “إن مثل هذه القضايا التي يقيمها الباحثون عن الشهرة في محاولة لتملق السلطة، أمر مرفوض تمامًا ومخالف لسيادة القانون، وحين تصبح هذه القضايا نتيجة وشاية رخيصة، فإنّ هذا التدهور يعطي دليلًا جديدًا على تدهور الحريات بشكل حاد في مصر“. واستطرد البيان: “إن هذا التردي الذي أصاب بعض الإعلاميين المصريين، لحد لجوئهم للوشاية بغض النظر عن حقيقة الواقعة أو ما دار بها، لهو أمر يستوجب تجاهل هذا الإعلامي ورحيله، مثلما رحل بعض المفبركين في انتهاك خصوصية المعارضين والمنتقدين في مصر“. وأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، تضامنها مع الإعلامي باسم يوسف، ودعمها لحرية التعبير وحق الانتقاد، مناشدة جهاز العدالة في مصر، بتنظيم وقفة أمام محترفي قضايا الحسبة السياسية والدينية، وغلق باب محاولة استخدام القضاء في الخلافات السياسية ومحاولات الثأر من المنتقدين والمعارضين، دعمًا لسيادة القانون وحرية التعبير. وقال الحقوقي جمال عيد، مدير مركز الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن البلاغ المقدم لسحب الجنسية من باسم يوسف، يعد عودة لقضايا الحسبة السياسية، وكتب عيد في تغريدة له: “بلاغ يطالب بسحب جنسية باسم يوسف بسبب وشاية من إعلامي مغمور عودة لقضايا الحسبة السياسية”. أيضًا، قال المحامي حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إنّه وفقًا للقانون المصري لا يجوز سحب الجنسية من مصريين إلا إذا اتصف بالصهيونية. وأضاف أبو سعدة، في تغريدة على موقع “تويتر”: “إنّ سحب الجنسية لن يكون إلا من اتصف بالصهيونية، أو شارك جيش عدو في الحرب على مصر فقط“. وقد علّق المذيع باسم يوسف على البلاغ المقدم ضدّه من المحامي سمير صبري، لسحب الجنسية المصرية منه وطرده من البلاد، ومنعه من السفر، ساخرًا: “إلهي لا تكسب ولا تخسر تفضل كده في الأوفسايد“. حيث كتب باسم في حسابه على “تويتر” يقول ساخرًا: “بلاغ بسحب الجنسية وطردي من البلاد وفي نفس ذات المومنت منعي من السفر، طب إزاي؟ على رأي أطاطا: إلهي لا تكسب ولا تخسر وتفضل كده في الأوفسايد“. أيضًا، وصفت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان قضايا الحسبة ضد الإعلاميين بأنها “تهدد حرية الرأي والتعبير”، وأعربت في بيان عن قلقها البالغ من قيام عدد من المحامين برفع دعاوى حسبة ضد بعض الصحفيين والإعلاميين، وإحالتهم لنيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معهم، على خلفية هذه الدعاوى في انتهاك واضح وصارخ لحرية الرأي والتعبير. وسبق أن أعربَ أبو سعدة عن اندهاشه من الحملة الشرسة التي يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون، خاصةً الإعلامي باسم يوسف خلال محاكمته العام الماضي بتهمة إهانة الرئيس مرسي، والتي لم يحاكم فيها، وأضاف أنّ هذه الوقائع تكشف المناخ المعادى لحرية الرأي والتعبير.