نابليون بونابرت وهو في قمة سلطته وهيبته ونشوة انتصاراته أمر موكبه أن يقف كي يعبر معلمه وفاءً منه ، وفي اليابان يحظى المعلم باحترام كبير ليس بالقول فقط، بل أيضا بالدعم المادي الكبير وله حصانة دبلوماسي وراتب وزير ، وقال أمير الشعراء أحمد شوقي قم للمعلم وفه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا ، كثيرة هي المواقف و الكلمات والأبيات الرائعة التي سُجلت و قيلت في حق المعلم ولكن للأسف بات المعلم اليوم في اليمن وفي الجنوب بالذات يفتقدها ونسى الكثير منها بعد أن ذُبح التعليم على سلم الفساد والظلم وغياب أخلاق المسئولين الذين باتوا يروا في المعلم الجنوبي مجرد صوره شكليه لا قيمة لها مثله مثل جميع أبناء الجنوب الذي على أرضهم الثروة ويعيشون على فتات شلة قبلية مصابة بفيروس الفساد ونهب المال العام وصل بها الأمر أن تسرق حتى من وقت المعلم الثمين وراتبه وجعلته يعيش وراء روتين طويل من الإجراءات اليومية السلبية والوقوف لساعات طويلة وبطريقه مذله ومهينة في طوابير لاستلام الراتب الضعيف بعد الاستقطاعات المجحفة التي لا علاقة لها بالتعليم والعلم أفقدته الهيبة والاحترام وأوصلته إلى أبواب متعددة من ألازمات المفتعلة ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية المخزية . أن السياسة العرجاء للحكومة والقائمة على التمييز بين المعلمين في المعاملات والحوافز والعلاوات وحتى في طريقة استلام الراتب هي من تثير مشاكل الإضرابات وضعف التدريس ، ففي صنعاء مثلاً يستلم المعلم راتبه عن طريق كارد الصراف الآلي بينما في عدن يقف المعلم في طوابير البريد لساعات وأحيانا تمتد إلى أيام كي يحصل على راتبه القليل أصلا ، ولكنه يعتبر جزء من السياسة التي وضعت للمعلم الجنوبي وجعلته في مكانة لا تليق به ضعيف الشخصية والكلمة ونفسيته مكسورة ولا يحترم من قبل الطلبة ، سياسة أوصلت التعليم في الجنوب إلى الحضيض والتلاميذ في المدارس لا يعرفون سوى مضغ القات وتعاطي الحبوب المخدر والشمة وتدخين الحشيش وللتأكد من ذلك تكفي نظرة واحدة لدفاتر أبنائنا ليس من هم في التعليم الابتدائي إنما من هم في التعليم الثانوي أو الجامعي، والنتيجة واضحة وملموسة وهي ظهور أجيال ليس لديها الشعور بالمسؤولية عنيفة ولا تحترم القانون ، ولكن ورغم ألمعناه والمشاكل والإذلال الممنهج إلا أن هناك الكثير من المعلمين لا زالوا مستمرين في دوامهم يعلمون الأجيال بأمانة وشرف ويسجلوا مواقف مشرقة على جبين التاريخ
الجنوب يغرق في ظلام نقص المعرفة وصعوبة التعليم نتيجة لاضطهاد المعلم وإذلاله ، ولا احد يحرك ساكن لأن الهدف هو تجهيل الشعب لكي يسهل اقتياده وتوجيهه واستخدامه عن بعد في حروب الداخل فالسلطة جاهلة ولا تستمع إلا لمن يحمل السلاح ويقطع الطريق ويدمر خطوط الكهرباء ليعيش اليمني في ظلام الواقع المعيشي وظلام الذهن وما يجرى على المعلم اليوم في الجنوب يجرى على جميع شرائح أبنائه المغلوب على أمرهم الذين يعانون من سلطة شيوخ الجهل القبلي المقدس ، الذين لا يعرفون أن عرقلة رسالة المعلم التعليمية و المساس بشخصيته المميزة والمسئولة عن تنشئة الأجيال بالمفاهيم والقيم الصحيحة من الخطوط الحمراء وجريمة ضد الإنسانية في نظر المجتمعات التي تبني أجيال و أوطان أخلاقية متطورة ومتحضرة .