الإهداء: إلى الدكتور علي الطارق .. الضمير الحي .. والعقل الراجح.. والمعني بمضمون المقال أكاديمي “مماثل“ والمفارقة موجودة في الإهداء.. وفي المضمون أيضا !. بالإمكان .. لغرض ايصال حقيقة سياسية مخيفة جدا، العمل على ربط ثلاثة مشاهد حدثت في ظرف عدة ايام قليلة مضت .. المشهد الأول يتمثل في صورة متكررة تعكس “حقيقة الوحدة “ وما يمكن ان تنتجه حاليا من مظاهر واضحة جدا لنهج احتلال لا غبار عليه يمارسه الجندي اليمني “بلباسه العسكري“ تجاه المواطن الجنوبي “بلباسه المدني“ المستنكر لوجود الأول على أرضه وهيمنته على حقه في التعبير عن ارادته السياسية الحرة!. ويتمثل الموقف - الذي شاهده الجميع تقريبا - في تكالب عدة جنود رسميين بالضرب المبرح وباعقاب البنادق على جسد “مواطن جنوبي“ اراد ان يستظهر اسوأ صورة يمكن ان يقدمها جنود الاحتلال في تعاملهم مع ارادة المواطن الجنوبي حينما اراد ان يتظاهر في “ساحة الحرية“ بخور مكسر ، فما كان منهم الا أن يتعاملوا مع الرجل بوحشية وكراهية مفرطة!! .. والجانب الأسوأ في ذلك المشهد يخبرنا بحقيقة مرة لا يريد ان يعترف بها احد من اخواننا في صنعاء ولا حتى احد من اخواننا الجنوبيين المتعاونين مع هذا الاحتلال تحت مبررات أسوأ واقبح مما حدث في ذلك المشهد المؤلم الذي تناقلته وسائط التواصل الاجتماعي!. الحقيقة المرة تقول ان جميع الجنود “شماليون“ او هم من ابناء الجمهورية العربية اليمنية بينما المعتدى عليه بكل وحشية هو مواطن “جنوبي“!.. هذه حقيقة نعلم تماما اننا حينما نقولها تغضب جدا والى حد كبير من يبرر مثل هذه الأعمال البربرية التي لا تنسجم مع الحد الأدنى من انسانية الانسان السوي، واعتقد ان هذا الغضب الفوري الذي ينتج حينما نتطرق لمثل هذه الأمور بهذا الحد من الوضوح هو محاكمة مباشرة للانسان غير السوي مع ضميره!.. فعلى قدر الغضب يمكن ان يتعرف صاحبه على درجة انحراف ضميره الانساني عن فطرته السوية. كما أن “المزايد الأحمق“ من المنتفعين الجنوبيين أو من القومجيين العرب او ممن يعتنقون مبدأ الوحدة ولو تشربت بدماء الأبرياء سوف تصفعهم حقيقة اكبر تفيد ان مثل ذلك المشهد المقيت الذي حدث في ساحة الحرية بخور مكسر سبق وانتج حالات مماثلة من المواجهات المؤلمة ما بين المواطنين الجنوبيين من جهة، وقوات الاحتلال من جهة اخرى، اسفرت حتى الآن عن “استشهاد“ ما لا يقل عن (1200) شخص وجرح اكثر من (7000) مواطن جنوبي!!.. اي اننا سنقف امام محصلة مخيفة لقرابة العشرة آلاف مشهد على اقل تقدير سفكت فيها دماء اثناء مواجهات حدثت بين جنود الاحتلال ومواطنين جنوبيين، اختزنت في جوفها كما هائلا جدا من لحظات الغضب والحقد والكراهية والدماء والموت بطبيعة الحال.. ما يجعلنا نتساءل: أي وحدة هذه التي تنتج كل هذه الدمار وكل هذا الخراب وكل هذا العذاب ؟! وما جدوى بقائها للجانبين معا ؟!. واذا ما استحضرنا هذه الحقائق المخيفة امام “المشهد الثاني“ الذي تجلى في غضب رئيس جامعة عدن الدكتور عبدالعزيز بن حبتور الشديد وامتقاع وجهه وعينيه لمجرد مشاهدة “ علم الجنوب “ يرفع من قبل طلاب في كلية الآداب في احتفال جامعي سيجعل من غضب صاحبنا بن حبتور “أسخف“ غضب يمكن ان يختلج مشاعر انسان في حالة كهذه، خاصة اذا ما تم ربط هذا “الغضب المبرر“ جدا جدا مع ما ذكرت اعلاه من ارقام مخيفة لحوداث سالت فيها دماء وازهقت فيها انفس من أجل هذه الوحدة التي يرى بن حبتور وغيره أن علم الجنوب بات هو المصدر الوحيد الذي ينذر بزوالها من الوجود !!. في تقديري الشخصي انه كان الأحرى بابن حبتور ان يستحضر الى عقله الأكاديمي مفارقة محزنة تفيد أن قاعة الاحتفالات تلك، ما كان لمقاعدها ان تتسع “فقط“ للشهداء الجنوبيين الذين اسقطتهم رصاصات الموت لهذه الوحدة التي يدافع عنها بكل غضب وحينها يمكن ان نسأل سعادة الدكتور اي الحالتين تستحق الغضب ! .. بل انه لو قدر للدماء (الحارة – الطاهرة – النقية) التي انسكبت على تراب الجنوب أن تتجمع في تلك القاعة الوثيرة لملأتها عن آخرها.. ما يعني ان في مقدوره هو او غيره ان يسبح بكل فخر على دماء بشرية انتجتها وحدة لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يربطها شيء بعالم “الانسانية“!! .. فلماذا اذا كل هذا الغضب ياعزيزي؟!. حقيقة انني اقف أمام لحظة حيرة واستغراب تجاه الكيفية التي يمكن أن تشرد فيها مثل هذه الحقائق المدوية عن عقليات ومشاعر الانسان. اما المشهد الثالث فهو مشهد “الارادة الفولاذية“ التي لا تنكسر لشعب الجنوب الحر وهو يكرر ويكرس ارادته الحرة امام كل “المؤامرات“ التي تحاك ضده من كل حدب وصوب، والتي من خلالها يوجه “رسائله الواضحة“ الى جميع الأطراف بعبارات صريحة ودقيقة تؤكد للجميع انه لا قوة على الأرض تستطيع ان تغتال احلامه في انجاز حقه المشروع في الحرية والاستقلال وبناء دولته الوطنية المستقلة.. انها رسالة أجتزئ شخصيا بعضا منها واوجهه الى “قيادات سياسية“ جنوبية كبيرة!! نبا الى علمنا نيتها “التسليم“ بمخرجات حوار صنعاء وطعن ارادة شعب الجنوب من الخلف!!.. ان هذه الرسالة المجتزأة التي ارسلها لهم تحكي لهم بأن “مصداقيتكم“ لدى الملايين من ابناء شعب الجنوب قاربت على “الصفر“.. فعلى اي حسابات سياسية يمكن لأي سياسي في العالم ان يتكئ عليها اذا ما تدنت مصداقيته لدى ابناء شعبه الى هذا المستوى؟! .. وما هي العبقرية التي لا نعرفها نحن، والتي يمكن ان تسوقكم الى صنعاء بهذه الارادة الانتحارية؟!.