ندوة تؤكد على دور علماء اليمن في تحصين المجتمع من التجريف الطائفي الحوثي    هيئة النقل البري تتخبط: قرار جديد بإعادة مسار باصات النقل الجماعي بعد أيام من تغييره إلى الطريق الساحلي    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    لقاءان لقبائل الغيل والعنان في الجوف وفاءً للشهداء وإعلانًا للجاهزية    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    الحديدة.. المؤتمر العلمي الأول للشباب يؤكد على ترجمة مخرجاته إلى برامج عملية    لابورتا يُقفِل الباب أمام عودة ميسي إلى برشلونة    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    فعاليات وإذاعات مدرسية وزيارة معارض ورياض الشهداء في عمران    بكين تتهم واشنطن: "اختراق على مستوى دولة" وسرقة 13 مليار دولار من البيتكوين    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    شليل يحرز لقب فردي الرمح في انطلاق بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد بصنعاء    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    منتسبوا وزارة الكهرباء والمياه تبارك الإنجاز الأمني في ضبط خلية التجسس    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    جنود في أبين يقطعون الطريق الدولي احتجاجًا على انقطاع المرتبات"    إيفانكا ترامب في أحضان الجولاني    الإخوان والقاعدة يهاجمان الإمارات لأنها تمثل نموذج الدولة الحديثة والعقلانية    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    خبير في الطقس: برد شتاء هذا العام لن يكون كله صقيع.. وأمطار متوقعة على نطاق محدود من البلاد    عين الوطن الساهرة (2)..الوعي.. الشريك الصامت في خندق الأمن    زيارة ومناورة ومبادرة مؤامرات سعودية جديدة على اليمن    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدربه منصور هادي .. الرجل الذي فاجئ الجميع
نشر في عدن الغد يوم 29 - 04 - 2012

فاجأ الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، المراقبين والمحللين بحصيلة جيدة نسبيّاً بعد توقعاتهم المتشائمة بعدم قدرته على إحلال التغيير المطلوب في اليمن المثقل بالمشاكل العديدة، فالبلد الذي يترأسه في المرحلة الانتقالية منصور هادي، وفقاً لخطة نقل السلطة الخليجية، يواجه سلسلة من الأخطار والتهديدات ليس أقلها تحدي "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، إلى درجة أن البعض قلل من شأن انتقال السلطة، واعتبر أن السياسة ستواصل مسيرتها كما كانت في السابق دون تغيير.
ولكن بعد شهرين من توليه السلطة بدا منصور هادي مرتاحاً في منصبه الجديد، وبدأ ما اعتبره المراقبون مسلسل الإصلاح المتواصل والحذر في نفس الوقت لإخراج البلاد من مشاكل الحكم والسياسة والقطع مع فترة علي عبد الله صالح الذي حكم اليمن على امتداد 33 عاماً من خلال المناورات وحفظ التوازنات، مستخدماً شبكة متجذرة من الريع السياسي. وكان منصور هادي، الشخصية المغمورة نسبيّاً الذي ظل بعيداً عن الأضواء طوال الفترة السابقة عندما شغل منصب نائب الرئيس صالح، قد صعد إلى السلطة في شهر فبراير الماضي من خلال انتخابات لم يترشح فيها غيره، وذلك في محاولة للخروج من الأزمة السياسية لليمن وإنهاء سنة كاملة من الاحتجاجات التي عمت المدن والبلدات اليمنية.
ومنذ ذلك الوقت أقدم هادي على مجموعة من الخطوات الجريئة تمثلت في إقالة عدد من المحافظين الذين عينهم الرئيس السابق كما أطلق إصلاحات في القطاعين الخاص والعام، ولكن المهمة الأصعب تبقى في دخوله معترك الجيش والبدء في عملية إعادة هيكلة أركانه مع ما ينطوي عليه هذا الأمر من حساسية كبرى.
والحقيقة أن كل هذه الخطوات فاجأت المراقبين للوضع اليمني، فالرئيس الحالي منصور هادي كان ينظر إليه من قبل العديد من المحللين كجزء من النظام القديم وكأحد أركانه الأساسيين، وهو الأمر الذي أقلق اليمنيين التواقين إلى الإصلاح ودفعهم للتشكيك في قدرة هادي على إطلاق الإصلاح المطلوب بعد تنحي صالح، كما أنه لم يصبح رئيساً إلا عبر انتخابات أشبه بالاستفتاء على شخصه حيث خاضها وحيداً دون منافسة في إطار صفقة نقل السلطة التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي كتسوية لإنهاء الأزمة السياسية ووضع حد للفوضى التي كانت تجتاح اليمن وتهدد استقرار جيرانه.
هذا بالإضافة إلى المدة الطويلة التي قضاها منصور هادي إلى جانب الرئيس السابق والممتدة على مدى عقد ونصف العقد، ولم يكن يحظى بالنظر إلى كل ذلك بالصلاحيات المطلوبة للتأثير بقوة. وهذه العلاقة القريبة من الرئيس صالح يفسرها المحللون بأنها جزء من تكوين منصور هادي العسكري وانحداره من الجنوب المضطرب، فقد عينه صالح نائباً له كنوع من المكافأة لوقوفه إلى جانبه في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في 1994.
وحتى في الوقت الذي انشق فيه البعض عن صالح داخل حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه بعد اندلاع الثورة الأخيرة ظل منصور هادي وفيّاً له، ولذا عندما تولى هادي الرئاسة بمباركة من صالح وحزب المؤتمر الشعبي وبموافقة أحزاب المعارضة، توقع منه قليلون في اليمن إحداث القطيعة المنشودة مع عهد صالح ومباشرة الإصلاح الضروري لخروج اليمن من أزمته، بيد أن هادي، وعلى امتداد الشهرين اللذين قضاهما في الرئاسة، بدا عازماً على الإصلاح الجدي على رغم التحديات الجسيمة.
ومن أبرز المهام الصعبة التي تنتظر منصور هادي إعادة هيكلة الجيش اليمني المنقسم على نفسه، هذا بالإضافة إلى إطلاق الحوار الوطني في إطار حكومة الوحدة الوطنية وكتابة دستور جديد للبلاد. فالجيش اليمني الذي يشرف على وحداته الرئيسية أقارب صالح كان يعتبر إحدى دعائم النظام السابق، ولكن مع انطلاق الانتفاضة واشتداد حدة القمع قررت رموز كبيرة داخله الانشقاق عن سلطة صالح، بل لقد نشبت معارك بين القوات الموالية للسلطة وبين تلك المناصرة للثورة بزعامة اللواء علي محسن الأحمر. وعلى رغم تراجع احتمالات صراع الفصائل في اليمن يبقى انقسام الجيش إحدى المشاكل الأساسية التي تعيق إعادة النظام للبلد.
وفيما أكسبت هادي الخطوات التي أقدم عليها مؤخراً بإقالة مجموعة من قادة وحدات الجيش، مصداقية مهمة لدى المراقبين واليمنيين، تظل ردود فعل تلك القيادات المتشنجة دليلاً عن مدى حساسية إعادة هيكلة الجيش، علماً بأنها جزء أساسي من عملية تنظيم السلطة في اليمن، فقد رفض قائدان تمت إقالتهما في 6 أبريل الجاري، هما قائد القوات الجوية والأخ غير الشقيق للرئيس السابق، محمد صالح الأحمر، وابن أخيه رئيس الحرس الرئاسي، طارق محمد صالح، الانصياع للأوامر الرئاسية وتسليم القيادة.
وفيما أذعن قائد القوات الجوية مؤخراً لأوامر الإقالة بعد ضغوط دولية، ما زال وضع القائد الآخر غير واضح، وبدا أن الرئيس السابق، الذي ما زال يقيم في اليمن ويرأس حزب المؤتمر الشعبي، وكأنه قد تغاضى عن عصيان القادة الموالين له لأوامر الرئيس مما أثار مخاوف اليمنيين من دوره السلبي والمعيق للإصلاح الذي قد يلعبه في الفترة المقبلة.
وليست المرحلة الانتقالية بكل مشاكلها المستمرة سوى جزء من التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية ما بعد صالح، فالقوات الحكومية تخوض معارك ضارية ضد عناصر "القاعدة" الذين نجحوا في السيطرة على عدد من البلدات والقرى في الجنوب، هذا في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد اليمني بعد سنة كاملة من الاضطرابات والفوضى من مشاكل كبرى أوصلته إلى شفير الهاوية، وفيما اعتبر المراقبون للوضع اليمني أن فترة الشهرين التي أمضاها منصور هادي في الرئاسة تدعو حتى هذه اللحظة إلى تفاؤل حذر، بالنظر إلى الخطوات التي اتخذها، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته أن المهمة ما زالت في بدايتها والطريق لم ينته بعد.
آدم بارون - صنعاء
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«كريستيان ساينس مونيتور»
فاجأ الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، المراقبين والمحللين بحصيلة جيدة نسبيّاً بعد توقعاتهم المتشائمة بعدم قدرته على إحلال التغيير المطلوب في اليمن المثقل بالمشاكل العديدة، فالبلد الذي يترأسه في المرحلة الانتقالية منصور هادي، وفقاً لخطة نقل السلطة الخليجية، يواجه سلسلة من الأخطار والتهديدات ليس أقلها تحدي "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، إلى درجة أن البعض قلل من شأن انتقال السلطة، واعتبر أن السياسة ستواصل مسيرتها كما كانت في السابق دون تغيير. ولكن بعد شهرين من توليه السلطة بدا منصور هادي مرتاحاً في منصبه الجديد، وبدأ ما اعتبره المراقبون مسلسل الإصلاح المتواصل والحذر في نفس الوقت لإخراج البلاد من مشاكل الحكم والسياسة والقطع مع فترة علي عبد الله صالح الذي حكم اليمن على امتداد 33 عاماً من خلال المناورات وحفظ التوازنات، مستخدماً شبكة متجذرة من الريع السياسي. وكان منصور هادي، الشخصية المغمورة نسبيّاً الذي ظل بعيداً عن الأضواء طوال الفترة السابقة عندما شغل منصب نائب الرئيس صالح، قد صعد إلى السلطة في شهر فبراير الماضي من خلال انتخابات لم يترشح فيها غيره، وذلك في محاولة للخروج من الأزمة السياسية لليمن وإنهاء سنة كاملة من الاحتجاجات التي عمت المدن والبلدات اليمنية. ومنذ ذلك الوقت أقدم هادي على مجموعة من الخطوات الجريئة تمثلت في إقالة عدد من المحافظين الذين عينهم الرئيس السابق كما أطلق إصلاحات في القطاعين الخاص والعام، ولكن المهمة الأصعب تبقى في دخوله معترك الجيش والبدء في عملية إعادة هيكلة أركانه مع ما ينطوي عليه هذا الأمر من حساسية كبرى.
والحقيقة أن كل هذه الخطوات فاجأت المراقبين للوضع اليمني، فالرئيس الحالي منصور هادي كان ينظر إليه من قبل العديد من المحللين كجزء من النظام القديم وكأحد أركانه الأساسيين، وهو الأمر الذي أقلق اليمنيين التواقين إلى الإصلاح ودفعهم للتشكيك في قدرة هادي على إطلاق الإصلاح المطلوب بعد تنحي صالح، كما أنه لم يصبح رئيساً إلا عبر انتخابات أشبه بالاستفتاء على شخصه حيث خاضها وحيداً دون منافسة في إطار صفقة نقل السلطة التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي كتسوية لإنهاء الأزمة السياسية ووضع حد للفوضى التي كانت تجتاح اليمن وتهدد استقرار جيرانه. هذا بالإضافة إلى المدة الطويلة التي قضاها منصور هادي إلى جانب الرئيس السابق والممتدة على مدى عقد ونصف العقد، ولم يكن يحظى بالنظر إلى كل ذلك بالصلاحيات المطلوبة للتأثير بقوة. وهذه العلاقة القريبة من الرئيس صالح يفسرها المحللون بأنها جزء من تكوين منصور هادي العسكري وانحداره من الجنوب المضطرب، فقد عينه صالح نائباً له كنوع من المكافأة لوقوفه إلى جانبه في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في 1994.وحتى في الوقت الذي انشق فيه البعض عن صالح داخل حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه بعد اندلاع الثورة الأخيرة ظل منصور هادي وفيّاً له، ولذا عندما تولى هادي الرئاسة بمباركة من صالح وحزب المؤتمر الشعبي وبموافقة أحزاب المعارضة، توقع منه قليلون في اليمن إحداث القطيعة المنشودة مع عهد صالح ومباشرة الإصلاح الضروري لخروج اليمن من أزمته، بيد أن هادي، وعلى امتداد الشهرين اللذين قضاهما في الرئاسة، بدا عازماً على الإصلاح الجدي على رغم التحديات الجسيمة.ومن أبرز المهام الصعبة التي تنتظر منصور هادي إعادة هيكلة الجيش اليمني المنقسم على نفسه، هذا بالإضافة إلى إطلاق الحوار الوطني في إطار حكومة الوحدة الوطنية وكتابة دستور جديد للبلاد. فالجيش اليمني الذي يشرف على وحداته الرئيسية أقارب صالح كان يعتبر إحدى دعائم النظام السابق، ولكن مع انطلاق الانتفاضة واشتداد حدة القمع قررت رموز كبيرة داخله الانشقاق عن سلطة صالح، بل لقد نشبت معارك بين القوات الموالية للسلطة وبين تلك المناصرة للثورة بزعامة اللواء علي محسن الأحمر. وعلى رغم تراجع احتمالات صراع الفصائل في اليمن يبقى انقسام الجيش إحدى المشاكل الأساسية التي تعيق إعادة النظام للبلد. وفيما أكسبت هادي الخطوات التي أقدم عليها مؤخراً بإقالة مجموعة من قادة وحدات الجيش، مصداقية مهمة لدى المراقبين واليمنيين، تظل ردود فعل تلك القيادات المتشنجة دليلاً عن مدى حساسية إعادة هيكلة الجيش، علماً بأنها جزء أساسي من عملية تنظيم السلطة في اليمن، فقد رفض قائدان تمت إقالتهما في 6 أبريل الجاري، هما قائد القوات الجوية والأخ غير الشقيق للرئيس السابق، محمد صالح الأحمر، وابن أخيه رئيس الحرس الرئاسي، طارق محمد صالح، الانصياع للأوامر الرئاسية وتسليم القيادة.وفيما أذعن قائد القوات الجوية مؤخراً لأوامر الإقالة بعد ضغوط دولية، ما زال وضع القائد الآخر غير واضح، وبدا أن الرئيس السابق، الذي ما زال يقيم في اليمن ويرأس حزب المؤتمر الشعبي، وكأنه قد تغاضى عن عصيان القادة الموالين له لأوامر الرئيس مما أثار مخاوف اليمنيين من دوره السلبي والمعيق للإصلاح الذي قد يلعبه في الفترة المقبلة.وليست المرحلة الانتقالية بكل مشاكلها المستمرة سوى جزء من التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية ما بعد صالح، فالقوات الحكومية تخوض معارك ضارية ضد عناصر "القاعدة" الذين نجحوا في السيطرة على عدد من البلدات والقرى في الجنوب، هذا في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد اليمني بعد سنة كاملة من الاضطرابات والفوضى من مشاكل كبرى أوصلته إلى شفير الهاوية، وفيما اعتبر المراقبون للوضع اليمني أن فترة الشهرين التي أمضاها منصور هادي في الرئاسة تدعو حتى هذه اللحظة إلى تفاؤل حذر، بالنظر إلى الخطوات التي اتخذها، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته أن المهمة ما زالت في بدايتها والطريق لم ينته بعد.آدم بارون - صنعاءينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»

فاجأ الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، المراقبين والمحللين بحصيلة جيدة نسبيّاً بعد توقعاتهم المتشائمة بعدم قدرته على إحلال التغيير المطلوب في اليمن المثقل بالمشاكل العديدة، فالبلد الذي يترأسه في المرحلة الانتقالية منصور هادي، وفقاً لخطة نقل السلطة الخليجية، يواجه سلسلة من الأخطار والتهديدات ليس أقلها تحدي "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، إلى درجة أن البعض قلل من شأن انتقال السلطة، واعتبر أن السياسة ستواصل مسيرتها كما كانت في السابق دون تغيير.
ولكن بعد شهرين من توليه السلطة بدا منصور هادي مرتاحاً في منصبه الجديد، وبدأ ما اعتبره المراقبون مسلسل الإصلاح المتواصل والحذر في نفس الوقت لإخراج البلاد من مشاكل الحكم والسياسة والقطع مع فترة علي عبد الله صالح الذي حكم اليمن على امتداد 33 عاماً من خلال المناورات وحفظ التوازنات، مستخدماً شبكة متجذرة من الريع السياسي. وكان منصور هادي، الشخصية المغمورة نسبيّاً الذي ظل بعيداً عن الأضواء طوال الفترة السابقة عندما شغل منصب نائب الرئيس صالح، قد صعد إلى السلطة في شهر فبراير الماضي من خلال انتخابات لم يترشح فيها غيره، وذلك في محاولة للخروج من الأزمة السياسية لليمن وإنهاء سنة كاملة من الاحتجاجات التي عمت المدن والبلدات اليمنية.
ومنذ ذلك الوقت أقدم هادي على مجموعة من الخطوات الجريئة تمثلت في إقالة عدد من المحافظين الذين عينهم الرئيس السابق كما أطلق إصلاحات في القطاعين الخاص والعام، ولكن المهمة الأصعب تبقى في دخوله معترك الجيش والبدء في عملية إعادة هيكلة أركانه مع ما ينطوي عليه هذا الأمر من حساسية كبرى.



والحقيقة أن كل هذه الخطوات فاجأت المراقبين للوضع اليمني، فالرئيس الحالي منصور هادي كان ينظر إليه من قبل العديد من المحللين كجزء من النظام القديم وكأحد أركانه الأساسيين، وهو الأمر الذي أقلق اليمنيين التواقين إلى الإصلاح ودفعهم للتشكيك في قدرة هادي على إطلاق الإصلاح المطلوب بعد تنحي صالح، كما أنه لم يصبح رئيساً إلا عبر انتخابات أشبه بالاستفتاء على شخصه حيث خاضها وحيداً دون منافسة في إطار صفقة نقل السلطة التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي كتسوية لإنهاء الأزمة السياسية ووضع حد للفوضى التي كانت تجتاح اليمن وتهدد استقرار جيرانه.
هذا بالإضافة إلى المدة الطويلة التي قضاها منصور هادي إلى جانب الرئيس السابق والممتدة على مدى عقد ونصف العقد، ولم يكن يحظى بالنظر إلى كل ذلك بالصلاحيات المطلوبة للتأثير بقوة. وهذه العلاقة القريبة من الرئيس صالح يفسرها المحللون بأنها جزء من تكوين منصور هادي العسكري وانحداره من الجنوب المضطرب، فقد عينه صالح نائباً له كنوع من المكافأة لوقوفه إلى جانبه في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في 1994.
وحتى في الوقت الذي انشق فيه البعض عن صالح داخل حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه بعد اندلاع الثورة الأخيرة ظل منصور هادي وفيّاً له، ولذا عندما تولى هادي الرئاسة بمباركة من صالح وحزب المؤتمر الشعبي وبموافقة أحزاب المعارضة، توقع منه قليلون في اليمن إحداث القطيعة المنشودة مع عهد صالح ومباشرة الإصلاح الضروري لخروج اليمن من أزمته، بيد أن هادي، وعلى امتداد الشهرين اللذين قضاهما في الرئاسة، بدا عازماً على الإصلاح الجدي على رغم التحديات الجسيمة.
ومن أبرز المهام الصعبة التي تنتظر منصور هادي إعادة هيكلة الجيش اليمني المنقسم على نفسه، هذا بالإضافة إلى إطلاق الحوار الوطني في إطار حكومة الوحدة الوطنية وكتابة دستور جديد للبلاد. فالجيش اليمني الذي يشرف على وحداته الرئيسية أقارب صالح كان يعتبر إحدى دعائم النظام السابق، ولكن مع انطلاق الانتفاضة واشتداد حدة القمع قررت رموز كبيرة داخله الانشقاق عن سلطة صالح، بل لقد نشبت معارك بين القوات الموالية للسلطة وبين تلك المناصرة للثورة بزعامة اللواء علي محسن الأحمر. وعلى رغم تراجع احتمالات صراع الفصائل في اليمن يبقى انقسام الجيش إحدى المشاكل الأساسية التي تعيق إعادة النظام للبلد.
وفيما أكسبت هادي الخطوات التي أقدم عليها مؤخراً بإقالة مجموعة من قادة وحدات الجيش، مصداقية مهمة لدى المراقبين واليمنيين، تظل ردود فعل تلك القيادات المتشنجة دليلاً عن مدى حساسية إعادة هيكلة الجيش، علماً بأنها جزء أساسي من عملية تنظيم السلطة في اليمن، فقد رفض قائدان تمت إقالتهما في 6 أبريل الجاري، هما قائد القوات الجوية والأخ غير الشقيق للرئيس السابق، محمد صالح الأحمر، وابن أخيه رئيس الحرس الرئاسي، طارق محمد صالح، الانصياع للأوامر الرئاسية وتسليم القيادة.
وفيما أذعن قائد القوات الجوية مؤخراً لأوامر الإقالة بعد ضغوط دولية، ما زال وضع القائد الآخر غير واضح، وبدا أن الرئيس السابق، الذي ما زال يقيم في اليمن ويرأس حزب المؤتمر الشعبي، وكأنه قد تغاضى عن عصيان القادة الموالين له لأوامر الرئيس مما أثار مخاوف اليمنيين من دوره السلبي والمعيق للإصلاح الذي قد يلعبه في الفترة المقبلة.
وليست المرحلة الانتقالية بكل مشاكلها المستمرة سوى جزء من التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية ما بعد صالح، فالقوات الحكومية تخوض معارك ضارية ضد عناصر "القاعدة" الذين نجحوا في السيطرة على عدد من البلدات والقرى في الجنوب، هذا في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد اليمني بعد سنة كاملة من الاضطرابات والفوضى من مشاكل كبرى أوصلته إلى شفير الهاوية، وفيما اعتبر المراقبون للوضع اليمني أن فترة الشهرين التي أمضاها منصور هادي في الرئاسة تدعو حتى هذه اللحظة إلى تفاؤل حذر، بالنظر إلى الخطوات التي اتخذها، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته أن المهمة ما زالت في بدايتها والطريق لم ينته بعد.
آدم بارون - صنعاء
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«كريستيان ساينس مونيتور»
فاجأ الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، المراقبين والمحللين بحصيلة جيدة نسبيّاً بعد توقعاتهم المتشائمة بعدم قدرته على إحلال التغيير المطلوب في اليمن المثقل بالمشاكل العديدة، فالبلد الذي يترأسه في المرحلة الانتقالية منصور هادي، وفقاً لخطة نقل السلطة الخليجية، يواجه سلسلة من الأخطار والتهديدات ليس أقلها تحدي "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، إلى درجة أن البعض قلل من شأن انتقال السلطة، واعتبر أن السياسة ستواصل مسيرتها كما كانت في السابق دون تغيير.
ولكن بعد شهرين من توليه السلطة بدا منصور هادي مرتاحاً في منصبه الجديد، وبدأ ما اعتبره المراقبون مسلسل الإصلاح المتواصل والحذر في نفس الوقت لإخراج البلاد من مشاكل الحكم والسياسة والقطع مع فترة علي عبد الله صالح الذي حكم اليمن على امتداد 33 عاماً من خلال المناورات وحفظ التوازنات، مستخدماً شبكة متجذرة من الريع السياسي. وكان منصور هادي، الشخصية المغمورة نسبيّاً الذي ظل بعيداً عن الأضواء طوال الفترة السابقة عندما شغل منصب نائب الرئيس صالح، قد صعد إلى السلطة في شهر فبراير الماضي من خلال انتخابات لم يترشح فيها غيره، وذلك في محاولة للخروج من الأزمة السياسية لليمن وإنهاء سنة كاملة من الاحتجاجات التي عمت المدن والبلدات اليمنية.
ومنذ ذلك الوقت أقدم هادي على مجموعة من الخطوات الجريئة تمثلت في إقالة عدد من المحافظين الذين عينهم الرئيس السابق كما أطلق إصلاحات في القطاعين الخاص والعام، ولكن المهمة الأصعب تبقى في دخوله معترك الجيش والبدء في عملية إعادة هيكلة أركانه مع ما ينطوي عليه هذا الأمر من حساسية كبرى.
والحقيقة أن كل هذه الخطوات فاجأت المراقبين للوضع اليمني، فالرئيس الحالي منصور هادي كان ينظر إليه من قبل العديد من المحللين كجزء من النظام القديم وكأحد أركانه الأساسيين، وهو الأمر الذي أقلق اليمنيين التواقين إلى الإصلاح ودفعهم للتشكيك في قدرة هادي على إطلاق الإصلاح المطلوب بعد تنحي صالح، كما أنه لم يصبح رئيساً إلا عبر انتخابات أشبه بالاستفتاء على شخصه حيث خاضها وحيداً دون منافسة في إطار صفقة نقل السلطة التي رعتها دول مجلس التعاون الخليجي كتسوية لإنهاء الأزمة السياسية ووضع حد للفوضى التي كانت تجتاح اليمن وتهدد استقرار جيرانه.
هذا بالإضافة إلى المدة الطويلة التي قضاها منصور هادي إلى جانب الرئيس السابق والممتدة على مدى عقد ونصف العقد، ولم يكن يحظى بالنظر إلى كل ذلك بالصلاحيات المطلوبة للتأثير بقوة. وهذه العلاقة القريبة من الرئيس صالح يفسرها المحللون بأنها جزء من تكوين منصور هادي العسكري وانحداره من الجنوب المضطرب، فقد عينه صالح نائباً له كنوع من المكافأة لوقوفه إلى جانبه في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في 1994.
وحتى في الوقت الذي انشق فيه البعض عن صالح داخل حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه بعد اندلاع الثورة الأخيرة ظل منصور هادي وفيّاً له، ولذا عندما تولى هادي الرئاسة بمباركة من صالح وحزب المؤتمر الشعبي وبموافقة أحزاب المعارضة، توقع منه قليلون في اليمن إحداث القطيعة المنشودة مع عهد صالح ومباشرة الإصلاح الضروري لخروج اليمن من أزمته، بيد أن هادي، وعلى امتداد الشهرين اللذين قضاهما في الرئاسة، بدا عازماً على الإصلاح الجدي على رغم التحديات الجسيمة.
ومن أبرز المهام الصعبة التي تنتظر منصور هادي إعادة هيكلة الجيش اليمني المنقسم على نفسه، هذا بالإضافة إلى إطلاق الحوار الوطني في إطار حكومة الوحدة الوطنية وكتابة دستور جديد للبلاد. فالجيش اليمني الذي يشرف على وحداته الرئيسية أقارب صالح كان يعتبر إحدى دعائم النظام السابق، ولكن مع انطلاق الانتفاضة واشتداد حدة القمع قررت رموز كبيرة داخله الانشقاق عن سلطة صالح، بل لقد نشبت معارك بين القوات الموالية للسلطة وبين تلك المناصرة للثورة بزعامة اللواء علي محسن الأحمر. وعلى رغم تراجع احتمالات صراع الفصائل في اليمن يبقى انقسام الجيش إحدى المشاكل الأساسية التي تعيق إعادة النظام للبلد.
وفيما أكسبت هادي الخطوات التي أقدم عليها مؤخراً بإقالة مجموعة من قادة وحدات الجيش، مصداقية مهمة لدى المراقبين واليمنيين، تظل ردود فعل تلك القيادات المتشنجة دليلاً عن مدى حساسية إعادة هيكلة الجيش، علماً بأنها جزء أساسي من عملية تنظيم السلطة في اليمن، فقد رفض قائدان تمت إقالتهما في 6 أبريل الجاري، هما قائد القوات الجوية والأخ غير الشقيق للرئيس السابق، محمد صالح الأحمر، وابن أخيه رئيس الحرس الرئاسي، طارق محمد صالح، الانصياع للأوامر الرئاسية وتسليم القيادة.
وفيما أذعن قائد القوات الجوية مؤخراً لأوامر الإقالة بعد ضغوط دولية، ما زال وضع القائد الآخر غير واضح، وبدا أن الرئيس السابق، الذي ما زال يقيم في اليمن ويرأس حزب المؤتمر الشعبي، وكأنه قد تغاضى عن عصيان القادة الموالين له لأوامر الرئيس مما أثار مخاوف اليمنيين من دوره السلبي والمعيق للإصلاح الذي قد يلعبه في الفترة المقبلة.
وليست المرحلة الانتقالية بكل مشاكلها المستمرة سوى جزء من التحديات التي تواجه الحكومة اليمنية ما بعد صالح، فالقوات الحكومية تخوض معارك ضارية ضد عناصر "القاعدة" الذين نجحوا في السيطرة على عدد من البلدات والقرى في الجنوب، هذا في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد اليمني بعد سنة كاملة من الاضطرابات والفوضى من مشاكل كبرى أوصلته إلى شفير الهاوية، وفيما اعتبر المراقبون للوضع اليمني أن فترة الشهرين التي أمضاها منصور هادي في الرئاسة تدعو حتى هذه اللحظة إلى تفاؤل حذر، بالنظر إلى الخطوات التي اتخذها، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته أن المهمة ما زالت في بدايتها والطريق لم ينته بعد.
آدم بارون - صنعاء
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«كريستيان ساينس مونيتور»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.