كأس العالم للاندية: السيتي يكتسح اليوفنتوس بخماسية ليخطف الصدارة    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    شهادات مروعة.. معتقلون يكشفون تفاصيل تعذيبهم داخل زنازين الحوثي    عدن.. انعقاد الورشة التشاورية لصياغة خطط حماية المرأة ضمن برنامج تعزيز الوصول إلى العدالة للنساء والفتيات    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    كلمة السيد القائد بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية وآخر المستجدات (فيديو)    الانتقالي: ثمرة نضال الشعب الجنوبي وتضحياته    إدارة أمن عدن توضح حول اقتحام مسجد في المنصورة وتلمح إلى الاسباب    وفاة واحد من ابرز الجيولوجيين اليمنيين    عبده شرف الشامخ بفكره وعلمه ومبادئه    مبابي يتهم باريس سان جيرمان بالتعامل معه بطريقة "غير أخلاقية"    مقتل 29 تلميذا في افريقيا الوسطى    القائم بأعمال رئيس هيئة مكافحة الفساد يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعام الهجري الجديد    الخامنئي: انتصرت الجمهورية الإسلامية في هذه الحرب ووجهت صفعة قوية لأمريكا    اليمن وثمن اللاحرب واللاسلم .. خذو العبرة من حرب ال12 يوم..!!    اعتراف صهيوني : اليمنيون هم القوة الوحيدة القادرة على الصمود ومواصلة الحرب    الارصاد يتوقع استمرار هطول الامطار الرعدية على المرتفعات    صفقة جديدة تثير الجدل في ليفربول.. ومخاوف من التأثير على دور محمد صلاح    راتب ميسي يفوق سقف 21 فريقا بالدوري الأمريكي20 مليونا و446 ألفا و667 دولار    باقزقوز لسلطة صنعاء: تحصين الجبهة الداخلية بانصاف المظلومين ومحاسبة الفاسدين    واتساب WhatsApp يحصل على 8 ميزات جديدة هذا الأسبوع على أندرويد و iOS.. إليكم قائمة الميزات    الإنتر ينهي مغامرة ريفر بليت    محكمة تُديّن اتحاد القدم بالاحتيال    الدولار يسجل مستويات متدنية وسط مخاوف أمريكية    شرطة تعز تلقي القبض على متهم بارتكاب جريمة قتل في مديرية مقبنة    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    زينة: «ورد وشوكلاته» يكشف مشاكل الشخصيات    كازاخستان.. اكتشاف قطع أثرية تعود لعصر قبيلة الساكا    الإفلاس.. شبح حطم أندية ليون وبارما وبوردو    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    رشاد العليمي..تاريخ من الغدر والخيانة: زملاءه أعدموا وهو أصبح وزير    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    من الدول الجديدة في اتفاقية ابراهام؟    - *القيادات الإيرانية "تعود من الموت".. وإسرائيل تتخبّط وسط اختراقات أمنية وخلايا تتبع لطهران*    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    تشيلسي يغتال حلم الترجي بثلاثية قاسية    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    الحديدة و سحرة فرعون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثروة والثراء حول العالم في 2014
نشر في عدن الغد يوم 13 - 05 - 2014

كتب/ عمرو الهنداوي ومروان صالح
كان من أبرز تداعيات الأزمة المالية العالمية لعام 2009 وما تلاها من أزمات اقتصادية؛ تصاعد الاهتمام بقضية التفاوت الكبير بين ما تتمتع به طبقة شديدة الثراء تتوزع في مختلف أنحاء العالم، وتراجع القوة الاقتصادية لقطاعات مجتمعية واسعة في الدول الغربية والدول النامية على حد سواء. وبينما تتصاعد احتجاجات الطبقات المتوسطة والدنيا التي تعاني بشكل واضح؛ فإنه يبدو وكأن الأثرياء يزدادون ثراء.

ويرى بعض من يتبنون الفكر الاقتصادي الليبرالي أن الأثرياء هم في الواقع قوة دافعة للنمو الاقتصادي؛ حيث يساهم إنفاقهم في تنشيط حركة الاقتصاد. في المقابل، يذهب آخرون إلى أن الفجوة بين الأثرياء وباقي القطاعات المجتمعية تزداد اتساعًا، مما يقوض من فرص الأخيرة في تحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، وأن نمط الإنفاق "الاستفزازي" للأثرياء يزيد من الإحساس العام بالسخط، وبالتالي يؤدي إلى تفاقم حالات عدم الاستقرار السياسي، وصعود تيارات سياسية متطرفة في شتى أنحاء العالم.

ويستعرض هذا المقال تقريرًا أصدرته مؤخرًا مؤسسة "فرانك نايت Frank Knight" وهي من كبرى المؤسسات الرائدة في مجال الاستشارات العقارية في العالم، ومقرها مدينة لندن، بعنوان: "The Wealth Report 2014" وهو تقريرها الثامن عن نمط إنفاق طبقة بالغة الثراء تتوزع في مختلف أنحاء العالم.

ويأتي إصدار هذا التقرير من منطلق رؤية تعتبر إيجابية تجاه هذه الطبقة، من حيث تأثيرها على دفع عجلة الاقتصاد، لذلك تسعى إلى إلقاء الضوء على حجم الثروة التي يتحكمون فيها، وأنماط إنفاقهم واستهلاكهم. لكن بغض النظر عن الرؤية التي وراء إصدار التقرير؛ فقد لاقى اهتمامًا إعلاميًّا واسعًا لأنه يقدم إجابات مثيرة عن أسئلة من نوع: هل الأثرياء يزدادون ثراءً وعددًا بالفعل؟ وما هي التوقعات بالنسبة لنمو هذه الثروات أو تراجعها حتى عام 2024؟.

من هم الأثرياء؟ وهل يزدادون ثراءً؟

يركز التقرير على طبقة من الأثرياء تضم أفرادًا يطلق عليهم Ultra High Net Worth Individual، يقدر حجم صافي ثروة كل منهم بنحو 30 مليون دولار أمريكي على الأقل، ويرصد كيف تأثرت هذه الطبقة بالتحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، خاصةً مع تعافي الأسواق التجارية الكبرى في دبي، ودبلن، ومدريد، من آثار الأزمة المالية العالمية السابقة، بل وعودتها بقوة للربحية، وبقاء الأسواق الآسيوية، وخاصةً إندونيسيا، في الصدارة؛ حيث واصلت معدلات نموها المرتفعة.

وكشف التقرير من خلال دراسة شملت 23 ألف ثري في مختلف أنحاء العالم، لا يقل حجم ثروة أيٍّ منهم عن 68 مليون دولار؛ أن هذه الطبقة من الأثرياء تزداد ثراءً كما تزداد عددًا. وأكد 75% ممن شملتهم الدراسة من هذه الفئة نمو حجم ثرواتهم أو تضاعفها بشكل ملحوظ خلال عام 2013، بينما أكد 4% فقط أن ثرواتهم قد تقلصت في هذا العام نتيجة بعض الاضطرابات السياسية والاقتصادية. كما أشارت الدراسة إلى أنه مع نهاية عام 2013 ارتفع عدد الأثرياء المنتمين لتلك الفئة بنسبة 3%، أي أن حوالي 5000 شخص جديد قد انضم لتلك القائمة. وبالتالي في خلال عام 2013 وصل إجمالي عدد الأغنياء من تلك الفئة إلى 167 ألف شخص على مستوى العالم، يتحكمون بثروة تقدر ب20 تريليون دولار.

وأوضحت الدراسة أن الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا الجنوبية من أكثر المناطق المنتشرة بها تلك النوعية من الأثرياء، الذين تخطت ثروة بعضهم حاجز 100 مليون دولار. أما في أمريكا الشمالية وأوروبا فلم تحدث زيادة ملحوظة في عدد المنتمين لهذه الفئة منذ عام 2007، ولكن ثروات 1500 ثري منهم زادت لتتجاوز 30 مليون دولار في عام 2013. وتظهر الدراسة تفاؤلا كبيرًا فيما يتعلق بمستقبل هذه الفئة في السنوات التالية وحتى عام 2024؛ حيث أكدت أنه مع تحسن الظروف الاقتصادية وتعافي الأسواق التجارية الهامة من كابوس الأزمة المالية، وفي ظل التوقعات المتفائلة للنمو الاقتصادي العالمي؛ فمن المرجح أنيرتفع عدد الأغنياء المنتمين إلى هذه الفئة بشكل ملحوظ، وأن تشهد القارة الإفريقية تحديدًا ارتفاع عدد الأغنياء الذين تتجاوز ثرواتهم 30 مليون دولار إلى 28 ألف شخص بحلول عام 2023.

كما سيتضاعف عدد الأغنياء في الهند، وهي ثالث أكبر اقتصاد في العالم، إلى الضعف تقريبًا، وأن يزيد عدد الأثرياء في الصين بنسبة 80% بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي تجريها، ولذلك يمكن أن تصبح الصين مركزًا أساسيًّا للاقتصاد العالمي في السنوات القادمة. وتوقعت الدراسة أيضًا أن يرتفع عدد الأثرياء في كلٍّ من تركيا والمكسيك بمقدار الثلث، أما نيجيريا فسيتضاعف العدد فيها مثل الهند. وعلى العكس من هذا الاتجاه؛ فقد رصد التقرير تقلص عدد الأثرياء في روسيا على مدى العقد القادم، وقد أرجع التقرير هذا التقلص إلى نزوح الأثرياء من روسيا، ونقل استثماراتهم خارج البلاد إلى مناطق وأسواق أخرى جاذبة للاستثمار مثل: دبي، ونيويورك، ولندن.

كيف ينفق الأثرياء أموالهم؟

ماذا يفعل هؤلاء الأثرياء بتلك الثروات المهولة؟ وأين ينفقونها؟ وما هي السلع التي ينصب عليها اهتمامهم؟.

يشير التقرير إلى أن الغالبية العظمى من الأثرياء ينفقون أموالا طائلة على المشغولات الذهبية، والمنتجات التي يدخل الذهب في صناعتها؛ حيث جاء الإنفاق على الذهب والمجوهرات في المرتبة الأولى، بينما احتلت المقتنيات الفنية واللوحات باهظة الثمن والنادرة في المرتبة الثانية، وجاء الإنفاق على الساعات الأنيقة مرتفعة الثمن في المرتبة الثالثة. أما الإنفاق على النبيذ والمشروبات الأخرى فقد جاء في المرتبة الرابعة. وأكد التقرير أن مستوى الإنفاق على اقتناء السيارات النادرة أو الحديثة شكل ارتفاعًا ملحوظًا بين الأثرياء من تلك الفئة. واستشهد التقرير بتصريح تورستن مولر Torsten Müller، المدير التنفيذي لشركة رولز رويس، وهي الشركة المنتجة للسيارات الفارهة في العالم، أن حجم المبيعات لسنة 2013 لأثرياء الشرق الأوسط قد ارتفع بنسبة 17% عن عام 2012، وأن المبيعات لأثرياء الصين قد ارتفعت هي الأخرى بنسبة 11%.

ويذكر التقرير بعض الأمثلة على تلك المقتنيات التي تم شراؤها بمبالغ ضخمة، منها عملة أمريكية يعود تاريخ صكها إلى عام 1794 ميلاديًّا بيعت في مزاد علني بمدينة نيويورك بحوالي 10 ملايين دولار أمريكي، وسيارة نادرة من نوع فيراري أنتجت عام 1967 بيعت بحوالي 27. 5 ملايين دولار. بالإضافة إلى قطعة بيضاوية الشكل من الماس الوردي بلغت 59. 6 قراريط بيعت ب83 مليون دولار، محطمةً بذلك الرقم القياسي في أسعار المجوهرات.

وقد بيعت لوحة ثلاثية للرسام الأيرلندي فرانسيس بيكونFrancis Bacon في مزاد بمدينة نيويورك بمبلغ 143 مليون دولار أمريكي، وفي المزاد نفسه تم بيع تمثال جيف كونزJeff Koons الذي يُدعى "بالون الكلب" بقيمة 58. 4 ملايين دولار. وفي مزاد بونهامزBonhams بيعت ساعة من نوع رولكس بانيراي صنعت في أربعينيات القرن الماضي بحوالي 56. 250 جنيه إسترليني، وفي المزاد نفسه بيعت ساعة من نوع رولكس دايتونا أنتجت عام 1969 بمبلغ 70. 000 جنيه إسترليني. وأخيرًا تم بيع 12 زجاجة نبيذ دومين دو لا روماني كونتي يعود تاريخها إلى عام 1978 بمبلغ 476. 405 دولار أمريكي بمزاد في هونج كونج.

وكلما انتشر الثراء أصبحت السلع الفاخرة في متناول عددٍ أكبر من الناس. لكنّ هناك سلعًا حصرية كاليخوت الضخمة، والطائرات الخاصة، والسيارات النادرة؛ تظل حكرًا على الأثرياء فقط، كما أن التغيرات في أسواق مثل هذه السلع والممتلكات -التي ما تزال بعيدة عن متناول الغالبية العظمى من الناس- يمكن أن توفر بعض الأفكار القيمة التي توضح التغيير في عادات الإنفاق لدى الأثرياء. فعلى سبيل المثال يُشير الخبراء إلى أنه في عام 2007 كان مخزون اليخوت ذات ال24 مترًا يشكل حوالي 25٪ من أسطول اليخوت الضخمة، وفي عام 2009 ارتفع المخزون إلى 36٪، والآن عاد إلى أقل من 30٪، وحاليًّا يشهد هذا السوق استقرارًا بسبب إقبال الأثرياء من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابقة عليه.

مبيعات الطائرات الخاصة أيضًا شهدت تغيرات إيجابية في النصف الثاني من عام 2013؛ حيث أشار ستيف فرسانوSteve Varsano مؤسس شركة "The Jet Business" إلى أن هناك صفقات عديدة أبرمت، وأن الناس بدءوا يشعرون بإيجابية بشأن الاقتصاد الآن. ويشير فرسانو إلى أن الطلب الأعلى على شراء الطائرات الخاصة يأتي من دول إفريقية مثل: نيجيريا، وغانا، وجنوب إفريقيا، وأنجولا. وأن هناك حوالي ألف طائرة خاصة في آسيا، و450 في إفريقيا، و450 في المملكة المتحدة، وحوالي 11 ألفًا في الولايات المتحدة، و19500 في جميع أنحاء العالم تقتنيها تلك الطبقة من الأثرياء. ويشير فرسانو إلى "أنه مع نمو الاقتصادات في العالم، يحتاج الناس إلى طائرات للوصول إلى الأماكن التي يتم ممارسة الأعمال التجارية بها، لأن الوقت هو المال، والطائرات خاصة تساعد على توفير المزيد من الوقت لرجال الأعمال والمديرين التنفيذيين".

ويوضح التقرير أن 30% من ثروة هذه الطبقة من الأثرياء تنفق على شراء المدن السكنية، أو الاستثمار فيها. فمنهم من ينفق على شراء وحدات سكنية فاخرة لأغراض السكن، ومنهم من يشتري فنادق سياحية، أو يقوم ببناء مدن سكنية جديدة، أو إنشاء ملاهٍ ومدن ترفيهية في العواصم العالمية. كما أن بعض هؤلاء الأثرياء ينفقون أموالا طائلة على الأعمال الخيرية مثل: لورد هارس Lord Harris، وهو من الأثرياء المهتمين بتحسين حياة الأطفال اليتامى، والإنفاق عليهم، تعليميًّا ومعيشيًّا وصحيًّا. وقد تبرع هارس ب20% من ثروته لهذا الغرض. ويقول هارس إنه سيكون في غاية السعادة عندما يلتحق الكثيرون من هؤلاء الأطفال اليتامى بكبرى الجامعات البريطانية للحصول على التعليم الجامعي، ويشعر أن من واجبه إسعاد الآخرين غير القادرين على تحمل نفقات الحياة.

توقعات مستوى إنفاق الأثرياء:

يتوقع التقرير أن يزداد إنفاق الأثرياء حول العالم في عام 2014؛ حيث إن أكثر من ثلث الخبراء الذين شملهم الاستطلاع يتوقعون زيادة إنفاق موكليهم على السلع الفاخرة، في حين أن 7٪ فقط يتوقعون انخفاضًا في الإنفاق. ومن المحتمل أن يكون الأثرياء في أوروبا أكثر حذرًا في الإنفاق مقارنةً بنظرائهم حول العالم، وذلك لإشارة الخبراء إلى التراجع في مستوى إنفاقهم بعد أن كان أعلى بقليل عن المتوسط العالمي. وتشهد قارة إفريقيا أكبر نمو في مستوى الإنفاق الفاخر حول العالم؛ حيث يتوقع ما يقرب من نصف الخبراء المستطلعة آراؤهم في التقرير ارتفاع مستوى الإنفاق على الممتلكات والسلع الفاخرة في بعض دولها، وطبقًا "لمؤشر فرص الإنفاق الفاخر" الذي يحدد أهم عشرة مواقع في العالم للإنفاق الفاخر؛ يوجد خمسة بلدان في قارة إفريقيا هي أكثر المواقع التي تمثل فرصًا هامة للإنفاق الفاخر، وهذه البلدان هي: جنوب إفريقيا، نيجيريا، غانا، زيمبابوي، كينيا.

كما يظهر المؤشر أيضًا أن بمنطقة الشرق الأوسط ثلاثة بلدان تمثل هي الأخرى فرصًا جيدة للإنفاق الفاخر، وهي: الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، هذه البلدان الثلاثة تحتل أعلى ثلاثة مراكز في المؤشر. وفي تقرير أعدته "مجموعة بوسطن للاستشارات" عام 2013 عن الإنفاق الفاخر؛ يرى الخبراء أن 25% من الإنفاق الصيني على السلع والممتلكات الفاخرة يكون خارج الصين، كما توجد استطلاعات رأي أخرى تشير إلى أن حوالي 94 مليون سائح صيني يسافرون حول العالم. كما أن 65% من الأثرياء يعتبرون أن السفر هو النشاط الترفيهي المفضل لديهم.

توزيع الأغنياء حول العالم ودلالاته:

أوضحت الدراسة أن الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا الجنوبية من أكثر المناطق التي يبرز فيها هذا النمط من الأثرياء بشكل متزايد؛ حيث تخطت ثروة بعضهم حاجز ال100 مليون دولار، وهو ما يؤشر على أن هذه الأقاليم من المنتظر أن تقود قاطرة النمو الاقتصادي العالمي في الفترة القادمة. كما تظهر الدراسة تفاؤلا كبيرًا فيما يتعلق بارتفاع مستويات الثراء في السنوات التالية وحتى عام 2024؛ حيث أكدت أنه مع تحسن الظروف الاقتصادية، وتعافي الأسواق التجارية الهامة من كابوس الأزمة المالية، وفي ظل التوقعات المتفائلة للنمو الاقتصادي العالمي؛ فمن المرجح أن يرتفع عدد الأغنياء المنتمين إلى هذه الفئة بشكل ملحوظ.

وتتركز هذه التوقعات على مجموعة محددة من الدول التي لا تزال تعتبر حتى الآن من الاقتصادات الصاعدة. من المتوقع على سبيل المثال أن عدد الأغنياء في الهند، وهي ثالث أكبر اقتصاد في العالم؛ سوف يتضاعف، وأن عدد الأثرياء في الصين سيرتفع بنسبة 80% بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي تُجريها، ولذلك يمكن أن تصبح الصين مركزًا أساسيًّا للاقتصاد العالمي في السنوات القادمة. وتوقعت الدراسة أيضًا أن يرتفع عدد الأثرياء في كلٍّ من تركيا والمكسيك بمقدار الثلث.

لكن على العكس من هذا الاتجاه، ينعكس التباطؤ الاقتصادي في اقتصادات دول أمريكا الشمالية وأوروبا في أن عدد المنتمين لهذه الفئة لم يشهد زيادة ملحوظة منذ عام 2007، ولكن ذلك لا يعني تراجع ثروات هذه الفئة، فقد أظهرت الدراسة أن ثروات 1500 ثري من هذه الدول قد زادت لتتجاوز 30 مليون دولار في عام 2013. كما رصد التقرير تقلص عدد الأثرياء في روسيا على مدى العقد القادم، وهو ما أرجعه إلى ميل الأثرياء للنزوح من روسيا، ونقل استثماراتهم خارج البلاد إلى مناطق وأسواق أخرى جاذبة للاستثمار مثل دبي ونيويورك ولندن.

من ناحية أخرى؛ يعطي التقرير اهتمامًا خاصًّا بالقارة الإفريقية التي يتوقع أن يرتفع عدد الأغنياء بها الذين تتجاوز ثرواتهم 30 مليون دولار إلى 28 ألف شخص بحلول عام 2023. وقد أصبحت القارة في الفترة الأخيرة جاذبة للمستثمرين الأجانب بشكل كبير؛ حيث يرتبط ذلك بنمو الطبقة الوسطى بها، بالإضافة إلى الانتشار الكبير لتكنولوجيا الاتصالات، خاصةً النسبة العالية من استخدام أجهزة الهواتف المحمولة بين سكانها. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن اقتصاد الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء سينمو بنسبة 5. 7٪ سنويًّا بين عامي 2014 و2018، على عكس ما كان يحققه من نمو بنسبة 4. 7٪ سنويًّا في السنوات الخمس السابقة.

ومن أهم المدن الصاعدة في القارة هي العاصمة الكينية نيروبي. وتظل المعادن والمواد الأولية هي القوة الدافعة الرئيسية في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى القارة الإفريقية، وبشكل خاص، تتدفق الاستثمارات القادمة من الصين والبرازيل؛ حيث تهدف الدولتان إلى تعزيز الروابط السياسية لهذه الدول مع إفريقيا، بالإضافة إلى الاستفادة من فرص الاستثمار. وللتدليل على ما تشهده دول القارة من طفرة اقتصادية، يورد التقرير رأيًا لأحد كبار رجال الأعمال في زامبيا، مارك أودونيل، الذي أشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لبلاده قد ارتفع بنحو 7٪ خلال الأربعة عشر عامًا الماضية، كما أنها قد شهدت أيضًا زيادة في معدل نمو الطبقة المتوسطة، وارتفاعًا في مستويات دخلها، مما ساهم في زيادة الطلب على العديد من السلع والخدمات.

وأدى ذلك إلى زيادة الاستثمارات في البلاد، على الأخص في مجال الرعاية الصحية والتعليم، وبناء الآلاف من المنازل الجديدة، كما أن معظم المواطنين في البلاد يملكون هواتف نقالة، في إشارة واضحة إلى نجاح شركات التكنولوجيا وحجم الاستثمارات في البنية التحتية في قطاع الاتصالات. ويضيف أودونيل أنه كما هو الحال في أماكن عديدة من إفريقيا، المستثمرون الصينيون الأثرياء يعملون على الاستفادة القصوى من فرص الاستثمار المتاحة حاليًّا، ولكن في المقابل يوجد نمو للاستثمار الإفريقي من دول مثل نيجيريا، التي يتوقع التقرير أن يتضاعف عدد الأثرياء بها في السنوات القليلة القادمة.

أين يعيش الأثرياء؟

اهتم التقرير بتحديد المدن التي تفضل هذه الطبقة من الأثرياء العيش فيها، وهو يعتبر مؤشرًا هامًّا للشركة التي أصدرته لأسباب تتعلق مباشرة بنشاطها الاقتصادي. وقد تبين أنه أيًّا كانت الدول أو المناطق التي يصنع فيها هؤلاء الأثرياء ثرواتهم، فإن الغالبية العظمى منهم يختارون العيش في المدن الكبرى، والعواصم الأوروبية الهامة. ويرجع التقرير ذلك لأسباب اقتصادية في الأساس؛ حيث تمثل المدن التي يختار هؤلاء الإقامة بها مركزًا مناسبًا لإدارة استثماراتهم، كما أن بها العديد من الأسواق التجارية الهامة.

وضم التقرير استطلاعًا لرأي نخبة من هؤلاء الأثرياء حول المدن التي يفضلون الإقامة بها، وقد جاءت مدينة لندن في المقدمة؛ حيث اعتبرها الكثيرون منهم مكانًا هادئًا ومناسبًا للإقامة. وقد أحصى التقرير بالفعل أكثر من 200 شخص تخطى حجم ثروة كل منهم حاجز ال30 مليون دولار يقيمون حاليًّا في لندن. ولا شك أن ذلك يرتبط أيضًا بالقواعد التي يعتمدها القطاع المصرفي البريطاني، التي تسهل إلى حدٍّ كبيرٍ انتقال الأموال إليها. وقد أظهرت الأزمة الأوكرانية، وما تلاها من مناقشات حول تطبيق العقوبات المالية على بعض أعضاء النخبة القريبين من الرئيس فلاديمير بوتين، العدد الكبير من الأثرياء الروس الذين نقلوا ثرواتهم إلى بريطانيا.

لكنّ الكثيرين ما زالوا يعتبرون الولايات المتحدة الدولة المفضلة لديهم، والأكثر جذبًا للاستثمار. ويتوقع التقرير أن تحافظ مدينتا لندن ونيويورك على مركزي الصدارة، لكنّ المدينتين ستواجهان منافسة شرسة من مدن أخرى صاعدة مثل: دبي، وإسطنبول، وأبوظبي، ومومباي، بالإضافة إلى مدن وعواصم كبرى تتمتع بمكانة مميزة تقليديًّا مثل: بكين، وباريس، وجنيف، وساوباولو، وسيدني، وهونغ كونغ، وسنغافورة. وأشار التقرير إلى أن المدن الجاذبة للأثرياء تتميز بأنها الأسرع نموًّا في العالم، وذلك بفضل تطوير البنية التحية بشكل كبير وواضح، وما توفره من سرعة وسهولة في المواصلات، وتوفر تكنولوجيا الاتصالات ذات السرعة الفائقة، والبيئة الاستثمارية الجاذبة، ولذلك من المتوقع أن تحتل تلك المدن أهمية استراتيجية وتجارية غير مسبوقة في العقد القادم.
عن/المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.