أولا يجب ان يفهم القارئ الكريم بان حديثي عن صنعاء ليس له علاقة بميولي السياسي والفكري ولا بالمناكفات السياسية الواضحة في صنعاء وليس له علاقة لا بفلان ولا علان .. ثانيا باعتقادي ان الشاعر عبدالله البردوني رحمة الله عليه ليس شاعرا فحسب بل كان متنبئ بالأحداث قبل وقوعها وربما الأحداث السابقة التي عصفت بصنعاء واليمن عموماً واستشهد بتلك الأبيات بعض الكتاب لم تكن الا مقدمة لما وصل أليه حال صنعاء اليوم التي تعيش اسواء حالها على الإطلاق وإذا كان بعض الكتاب تجنبوا الحديث عن صنعاء والهروب من مواجهة الحقيقة المؤلمة ربما خوفا من ان يحسب عليهم موقف سياسي لصالح او ضد جهة سياسية ما ..
نعم صنعاء اليوم فيها السل والجرب والمغص وكل أمراض الدنيا وحديثي هو من واقع تجوالي عنوتاً في كل أحيائها وشوارعها لعلي أجد شي باقي جميل مما ذكر عن صنعاء ليعطيني الإحساس والشعور بالأمان وانني في عاصمة تاريخية عاصمة هادئة آمنة مستقرة يمتد عمرها الى مئات السنين.
والحقيقة كان لي حديث مع احد الاصدقاء وموقف ربما اوجز فيه حال صنعاء وما الة ليه الاحوال بشكل عام , ونحن نتجول بشوارعها الضيقة والمزدحمة بالبشر والعربات ونركب التاكسي لعدم توفر البترول لسيارتنا ... قلت له ساخرا ابتسم انت في صنعاء فرد صاحبي بالقول بل احزن أنت في صنعاء ... وربما بكلماته القصيرة قد اصاب في التوصيف ..
واعرف ان البعض قد يغيضهم ويغضبهم حديثي لكن مقدر لهم ذلك فالحقيقة دائما مٌرة وربما البعض يرى فيها جرح لمشاعره فيما قد احب واكرر ربما .
لكن سيظل اصراري على كشف الحقيقة قائم والآن دعوني ان اصف بعض ما رئيت في صنعا وللتذكير ان ما رئيته في صنعاء وحدها لا يمكن وصفه في مقال ولا عدة مقالات ...نعم صنعاء عاصمة الدولة اليمنية فحالها اليوم لا يسر في كل جوانب الحياة فلا يكاد يسترخي المرء بعد عناء وجهد حتى توقضه أصوات أطلاق النار أما في الشوارع فهناك ما يقلق أكثر, سيارات بدون لوحات وبها رجال ملثمون يحملون اسلحة تجوب الشوارع البعض منها يطلق ما يشبه الصافرات الاسعافية, ومنها ممن يضع يده على منبه سيارته ويسوق بسرعة جنونية ربما لان معه شخصية اجتماعية ,, مما أثار الخوف لدينا ان يدخل سائق التاكسي في موكب شيخ قبلي ويحصل لنا ما حصل للشابين العدنيين خالد وحسن حفيدا الشاعر لطفي جفر امان ....
في صنعاء كل شي فيها مثر للريبة والأساء ... نقاط تفتيش الواحدة لا تبعد عن الاخرى اكثر من خمس مئة متر..انتشار عسكري في كل شوارع واحياء صنعاء اثارة للخوف والرعب في نفس كل زائر لصنعاء .. تنظر في الجبال المطلة على صنعاء تشاهد فوهات المدافع موجه إلى العاصمة صنعاء وليس العكس ..., صنعاء اليوم لا تعلم من يحكمها ومن يحكم هنا ومن يحكم هناك متاريس في كل الاتجاهات وكل الشوارع , اطقم عسكرية منتشرة ,بيوت شبه مدمرة في بعض احيائها وأخرى آثار القذائف في جدرانها .... نعم كل ذلك في صنعاء ..
وبعد ان قادني فضولي الى ان أسأل سائق التاكسي لماذا لايتم بنا وترميم تلك البيوت من جديد... فرد علي بقوله باللهجة الصنعانية ما يشتوش يرمموها يشتوا التعويض من الحكومة ومن الدول و المنظمات وأيضا يفتجعوا ان تتجدد المعارك بينهم ويتم تدميرها مرة أخرى ...
هذا بالنسبة للحالة الأمنية في صنعاء أما الحالة الخدمية فحدث ولا حرج فصنعاء تكاد تكون بدون كهرباء فان اشتغلت استمرت ثلاث ساعات بالكثير ومثلها لابد أن تطفاء, البترول والديزل شبه معدوم وتشاهد السيارات في طوابير طويلة عند محطات الوقود تمتد الى واحد كيلوا وأكثر ومن أراد إن يملئ سيارته عليه الاستعداد للمكوث من يوم إلى يومين للحصول على وقود لسيارته حسب ما تحدث الينا سائق التاكسي ... صنعاء شوارعها متسخة ومليئة بالأكياس البلاستيكية
أما حال المواطن العادي فبكل سهوله ستفهمه من تعابير الوجوه وستقراء البؤس والأساء والإحباط على محياء الكبير والصغير
لكن المثير حقاً هو أن الناس في صنعاء قد فقدتى الأمل في أصلاح الأوضاع وبدئت تحضر نفسها للعودة الى عصور ما قبل عصرالنفط والغاز فقد شاهدة بأم عيني ثلاث نساء في وسط صنعاء يحملا الحطب فوق رؤوسهن بعد ان تم لهن جمعه من تحت شجيرات تزيين الشوارع اليابسة
وأخيرا فان سألتوني عن صنعاء وحالها فهذا جزء يسير من حال صنعاء .. وقبل الختام لابد لكم من سؤال ... اذا كان هذا هو حال صنعاء العاصمة السياسية لليمن يا ترى كيف سيكون حال المدن والطرقات والتقطع والقطاع القبلي خارج صنعاء ؟