أين تكمن قيمة الحياة؟ أتكمن قيمتها في عدد الساعات والأيام والسنين, دون التماس لما يتخللها من مشاعر الحزن والفرح التي تجتاح أيامنا. ودون إدراك لما يدور حولنا من مجريات القدر وتعلم من مخرجات السنين لكي نستطيع مجابهة تطلعات المستقبل المرتقب؟ أنعيش حياتنا دون أن نتذوق معانيها بحلوها ومرَها لنستطيب تباين فتراتها فهي حتماً لا تتم على وتيرة واحدة . وأين يكمن جمالها؟أيكون جمالها في خلابة طبيعتها وشروق شمسها, ونقاء بحارها ومحيطاتها, وعذب ألحان عنادلها, وشموخ قصورها ومبانيها, وغنى ساكنيها؟ لا...لا أظن أن قيمة الحياة وقيمة جمالها زهيدة في سوق الكون. بل يكمن سر قيمتها في حبها وفهمها لنتعايش معها ونزرع فيها ما نشتهي لتحصد لنا مبتغانا . ونستفيد من تجاربها حتى وإن لم تجلب لنا نتائج مرجوة, فلنعيد الكرّة. فبالصبر على ما نكره ننال ما نحب, وبالصبر على ما نحب ننجو مما نكره. فيكمن جمالها في جمال روح البشر بضمائر حية وحسن مجالستهم وطيبة قلوبهم وسمو أخلاقهم. علاوة على ذلك اختيار الأصدقاء الصادقين وتقاسم تفاصيل الحياة معهم. فحياة بلا أصدقاء كجنازة بلا مشيعين. أخيرآ لا يسعني القول سوى ( كلمّا تقدمت بنا الحياة يجب أن نتعلم كيف نحيا !). فإن لم تسمح قوانين الحياة الجائرة لبعض الناس الأنقياء والطيبون الذين يقدّرون قيمتها ويتذوقون جمالها بأن يعيشوا في هذه الدنيا بسلم ونقاء. أقول لهم : يجب أن نفهم الأمس وأما الغد فيجب أن نعيشه. وما أجمل أن نجعل من ضعفنا قوة ومن حزننا ابتسامة ومن يأسنا املاً . فالأروع من ذلك أن نبني جسرآ مشيدآ من الصبر لكي نعبر من خلاله إلى أهدافنا حتى وإن رافقتنا المتاعب وذرفت أعيننا الدموع ، لكن حين نعبره بإذن الله ونجني ثمار صبرنا وتعبنا سندرك بأن الثمن كان مدفوع مسبقآ .