ألف شهيد فلسطيني . . ألفان . . ثلاثة آلاف . . عشرة آلاف . كلها مجرد أرقام، بل هي مجرد أصفار في الحسابات الأمريكية والغربية الرسمية . مليون و700 ألف محاصرون في قفص اسمه قطاع غزة، وأكثر من 7 آلاف أسير في سجون الاحتلال وآلاف المساكن التي تم مسحها من على وجه الأرض . . كلها أصفار أيضاً ولا تدخل في الحاسوب الأمريكي والغربي، وعصية على فهم صنّاع القرار في الدول الغربية، لأنه فهم مغلق تماماً على الفكر الصهيوني، وصار عبداً للوبيات اليهودية النافذة . جندي "إسرائيلي" قتيل أو أسير أكثر أهمية وقيمة من كل الفلسطينيين وكل العرب، هكذا تقول الولاياتالمتحدة في تبريرها للمجازر التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة . الدم الفلسطيني والعربي رخيص ومستباح . . كله لا يساوي نقطة دم واحدة من جندي "إسرائيلي" . . أليست هذه هي الحقيقة؟ هل يعرف العرب كل ذلك؟ إذا كانوا لا يعرفون فتلك مصيبة، وإذا كانوا يعرفون ولا يفعلون شيئاً فالمصيبة أعظم . لا . . العرب يعرفون ولا يفعلون . . هم منشغلون بما يجري داخل دولهم، ومنشغلون بالخلافات فيما بينهم، وبصراعات المحاور وكسب نقاط سياسية على بعضهم، ولا يجدون ضيراً في إقامة تحالفات مع دول إقليمية وأجنبية
وتحويل دولهم إلى ساحات للصراعات بما يدمر كياناتهم ويشتت شملهم ويضعف قوتهم، بعد أن تركوا الحبل على الغارب لكل قوى التكفير والتطرف والإرهاب تلعب في الساحات العربية "سداح مداح" . أجل، هم يفعلون ذلك، بعد أن وضعوا مسألة الصراع مع العدو الصهيوني على الرف، أو خلف ظهورهم، أو جعلوها ورقة للمساومات السياسية في لعبة الدول الكبرى . مذابح غزة التي ترتكبها "إسرائيل"، وانكشاف الأدوار والمواقف، خصوصاً الأمريكية والغربية، وضعت الدول العربية أمام الحقيقة التي تقول إن هذا الدم الذي يسيل مدراراً في القطاع هو دم عربي، وهذا الشعب الذي يتعرض للإبادة هو شعب عربي . . وهذا التواطؤ الأمريكي الغربي مع العدوان، هو تواطؤ ضد الأمة العربية .
ألم يحن الوقت بعد للخروج من حالة الاستنقاع والتواكل والتخاذل، كي يقول العرب للعالم: كفى؟ ألا يملك العرب الكثير من أوراق القوة كي يلوّحوا بها للغرب، ولو مجرد تلويح كي يشعر بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، وليسوا لقمة سائغة على مآدب اللئام؟ أمام مشاهد شلالات دم الأطفال والأبرياء في قطاع غزة، وأمام صور البطولة والصمود لأهالي القطاع نتذكر مواقف الرجال الرجال في حرب أكتوبر .1973 . نتذكر مقولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي" . . نتذكر وننحني إجلالاً .
إن دولة الإمارات التي تستمد كل مواقفها القومية والإنسانية من التراث العظيم للشيخ زايد طيب الله ثراه، سوف تبقى إلى جانب الشعب الفلسطيني في صراعه مع العدو الصهيوني، دعماً ومساندة وبكل الوسائل الممكنة، إلى أن يحقق أهدافه ويسترد حقوقه . وهي لن تألو جهداً في استثمار كل إمكاناتها وقدراتها لوقف العدوان الهمجي الذي يتعرض له شعبنا الفلسطيني .