فارق طفلك أحضانك ولم يعد كسابق عهده لا يستطيع أن يفعل أى شيء بدونك، أصبحت لديه رغبة كبيرة فى الاختلاط بالعالم الخارجي واكتشاف الحياة من حوله، عالم يجول فيه برفقة أصدقائه وليس رفقتك، عالم لم تعد براءة الأطفال شفيعا لهم أمام الظلم الذي أصبح يخيم على نفوس كثير من البشر، لذا لابد أن تحصينه بكل الطرق ليكون قويا في مواجهة الواقع. ومن أهم الموضوعات التي لابد من إخبار الطفل بها موضوع التحرش، كونه لم يعد مقتصرا على الشباب، بل أصبح الأطفال يتعرضون الآن لهذه المحنة، فما من يوم يمر إلا ونسمع أن هناك أطفالا تعرضوا للتحرش ليس لمرة واحدة وإنما للعديد من المرات، ويأتي الجهل بهذا الموضوع في مقدمة الأسباب التي جعلته يواجه هذا الموقف، لذا كان لزاما على الأم أن تتحدث مع ابنها عنه، وهنا تقع في صراع داخلي، فكيف يتأتى لها أن تحادثه في ذلك دون أن تخيفه أو تجرح مشاعره. ذكر الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أنه يجب على الأم أن تحدث ابنها بخصوص ذلك الموضوع دون أن تجرح مشاعره ولا تلفت نظره إلى شئ لكى لا تسبب له مشكلة نفسية، حيث تضع لابنها مجموعة من القواعد التى لابد أن يلتزم بها، منها لا تجعل أحدا يقبلك من فمك، عدم الجلوس على رجل أي شخص، لا تذهب مطلقا مع أى شخص غريب مهما كان السبب الذي يقوله لك، تعاملاتك تكون معى أنا وأبيك فقط. وقال فرويز إن هناك العديد من الدلائل التي يمكن أن نستدل منها على تعرض الطفل للتحرش ومنها الانطواء والبعد عن الناس، والخوف، القلق من أشخاص اعتاد الثقة بهم، عينه مكسورة، يطلق شكاوى وهمية كالصداع وألم في البطن، رفضه الخروج من حجرته، فقده للتركيز. وأشار فرويز إلى أن انتشار ظاهرة تحرش الأطفال ببعضهم البعض سببه حرص الأطفال على تقليد ما يرونه أمامهم على شاشات التليفزيون والإنترنت، إضافة إلى ما يسمعونه ممن يحيط بهم، ويكون هذا التقليد تصرف آلي حركي فقط ليس له علاقة بالمشاعر. وأوضح أن الطريقة الأكثر فاعلية لإخراج الطفل من الحالة النفسية السيئة، التي أعقبت تعرضه للتحرش هى عقاب الشخص الذي تحرش به ويكون ذلك أمام عيني الطفل، فمثلا يأخذ الوالدان طفلهم إلى قسم الشرطة ليروا المعاملة السيئة التى يلقاها هذا الشخص، أو أن يضرب هذا الشخص أمامه، وبذلك يدرك الطفل أن هناك أشخاصًا يساندونه دائما ويدعمونه. وقال الدكتور إبراهيم حسين، أستاذ الطب النفسي، أن هناك مجموعة من النصائح التي يجب على الأم أن تقدمها لأطفالها مع دخول المدارس، منها: جسمك ملكك ولا يمكن لأحد آخر أن يلمسه، فهذه خصوصيتك وينبغي أن تحافظ عليها، الابتعاد عن أى شخص يحدثه في هذا الأمر، عدم الجلوس في أى مكان بمفرده، الخروج من الفصل عندما يخرج باقي زملائه، لا يجعل أحدا يساعده فى ارتداء ملابسه أو خلعها، مشيرأ إلى أن السن المناسب لإخبار الطفل بذلك هو سن الثالثة أو الرابعة. وذكر أن الطفل تظهر عليه العديد من الأعراض التى تفصح عما يواجهه منها وجود دماء في ملابسه الداخلية، تعرضه للكوابيس ليلا، تبول لا إرادي، كثرة البكاء، قلة النوم، قلة التحصيل الدراسي، مع استخدامه للعنف مع الآخرين. وأوضح حسين أن علاج الطفل يبدأ من سماع والديه لقصته وتصديقها، وعدم تكذيبه مطلقا، وإخباره أن ما حدث ليس خطأه، مع البعد قدر الإمكان عن الشوشرة على الطفل خاصة في المدرسة، مشيرًا إلى ضرورة ذهاب هذا الطفل والعائلة بأكملها إلى طبيب نفسى لمعالجتهم من أثر الصدمة.