الإهداء الى ثوار الساحات في ربوع الجنوب الحبيب لكي نفهم تحديات اليوم والمخاض الصعب الذي تمر به قضية شعبنا ومشروعه التحرري ... في مدينة عدن الجميلة الوادعة تقاطرت جموع الجنوبيين لتلبية دعوة إحياء الذكرى 51 لثورة الرابع عشر من اكتوبر ليكون حشدا مليونيا بعدها لقاءاً تفاكرياً أو فعالية سياسية بعنوان الإنتفاضة في الجنوب نبعت الفكرة في جمعية ردفان الخيرية عندما تطرق الحاضرون إلى الأوضاع الجارية في الجنوب وما تشهدها ساحاتها من محاولات لإطلاق حراكا سلميا جنوبيا ينتصر لمظلومية الشعب وانتزاع حقه بيد أن مستوى المظاهرات- في رأي المجتمعين- ما يزال دون مستوى الطموح الجنوبيين بالتأكيد هم من دعاة السلم لدراسة الحالة وحيث أن أفكار ثاقبة قد أرست لممارسة جديدة في التخطيط للمظاهرات السلمية ألا وهي ممارسة التخطيط العلني عبر الوسائط الإليكترونية الضئيلة والصحف المنحازة للحق فقد شاهدنا كيف ناقش ثوار الجنوب أمورهم سراً وتحت قبضة حديدية ويعلنون أماكن محددة للتظاهر والتوقيت والشعارات والأطراف المشاركة ثم تقيم التظاهرات بعد تنفيذها والترتيب ليوم آخر أو مناسبة وطنية أخرى .. وهكذا بمعنى أن الترتيب للتظاهرات السلمية كانت تمثل عائقا كبيرا فالمظاهرات ليست حرب عصابات خاطفة ولا تنصب فيها الكمائن..ولكنها مظاهرات حضارية سلمية تطالب بحقوقها وحرياتها وكانت تواجه بالرصاص الحي ومازالت حتى الساعة لكل ذلك جاءت فكرة عقد حلقة علنية لمدارسة أسباب قصور المظاهرات وتطاول مدة الإحماء اللازمة لوصول المظاهرات إلى مراحل متقدمة من القوة. رحب الشعب بهذه الثورة وإرتجز الثوار بأبيات شعرية هتافية تعبوية حماسية لانتفاض الشارع لم ينس الجموع الغفيرة أن يترحموا على أرواح شهداء الوطن في نبرة حزينة وصوت متهدج كاد أن يفقده تماسكه وصلابته ويرونهم في بقعة من ساحة الحرية الخالية بين الحاضرين من الان وعلى الجميع أن لا يتوقع خطباً حماسية من المتحدثين أو محاضرة مفتوحة عن الشأن الجنوبي إنما سوف تكون هناك مزاوجة بين أسلوب الندوات التقليدية التي تأخذ شكل المحاضرات وبين برنامج التصعيد الثوري وذلك لأن هناك نفر من الجنوبيين إعتادوا على الشكل التقليدي للندوات ويحلو لهم الإستماع إلى شخص يلقي عليهم المحاضرات أو آخر يخطب فيهم بالحديث الحماسي وقد تبرمجت أمزجتهم على ذلك وبالتالي فلن يكون سهلاً القفز على تلك الطريقة جملةً واحدة فعلينا نقلهم إلى الأسلوب الجديد بالتدرج والمزاوجة بين الأسلوبين القديم والجديد وسيكون الاختيار في غاية التوفيق هنا نعطي بعض الأمثلة للأسئلة الرئيسية التي إنبثقت منها أسئلة فرعية.
* أن بعض المكونات والحركات لديها جماهير مما بدت في المظاهرات التي خرجت في السنين الماضية فأين جماهير تلك المكونات؟ أم هناك تخاذل؟ أم أنها الإتكالية؟
* هل يكون غياب النقابات أو إختطافها من قبل النظام أو اي جهة هو السبب؟ * أليست النقابات معنية أكثر بالعصيان المدني وليست المظاهرات؟
* ألا يعتبر التظاهر في الساحات العامة فرصة لإظهار قوة الحشد والمظاهرات ولإحراج النظام عبر فضح قمعه للمتظاهرين أمام شاشات الفضائيات بينما التظاهر في أزقة الأحياء لا يجعل كل ذلك ممكناً؟ * لماذا يعتصم كل مكون أو حركة في مكان بعيد عن الآخر بدلاً عن الإلتحام في مكان واحد ولماذا رفع الشعارات الانانية بدلاً عن التوحد خلف شعارات واحدة ونكران ذات؟ * في المقابل ألا يعتبر التمييز عاملاً إيجابيا بحيث ينكشف المكون أو الفصيل الذي يتخاذل عن الخروج؟ نعني بالتمييز تمييز المكونات والمجموعات السياسية لنفسها برفع شعاراتها. * لماذا الإعتماد على الشباب والطلاب وحدهم وبعض الناشطين والناشطات وبعض الأنصار ؟ * لماذا يحرص البعض على تسمية مكونه بالزعيم وليس إنتفاضة الشعب ألا يعتبر ذلك من قبيل تنويم الشرائح الأخرى من خلال إشعارها بأنها معفاة من واجب المساهمة في إستعادة الدولة؟ لماذا لا نسميها ثورة شعب وكفى؟ * لماذا لا يتم تكوين مجلس إنتقالي أو حكومة بديلة (حكومة منفى) وما هي جدواهما من عدمها ؟.. ألم يؤثر عدم وجود جهاز تنسيقي واحد للإنتفاضة حتى على توقيت يوم الخروج وإختيار إسم واحد لكل جمعة.؟ * ألا يشكل المعرفة المبكرة لشكل الحكومة التي سوف تستلم مقاليد الأمور بعد الاستقلال مصدر طمأنينة على عدم إستئصار جهة معينة بمقاليد الأمور بعد زوال الاحتلال ؟ * كيف ولماذا لا تلتقي الفصائل المعارضة المؤتمر الجامع بميثاقه مع الجبهة الثورية بميثاقها مع الجبهة الوطنية العريضة برؤيتها المستقلة ... إلخ. * ماذا عن إزدواجية تواجد بعض المكونات في أكثر من كيان بل التواجد في ثلاثة مواقع في آن واحد مع النظام الحالي ومع قوى التحرير ومع اصحاب الفيدرالية لماذا لا تصدر الأجنحة الملتزمة بخط استعادة الدولة والرافضة للمشاركة في النظام اليمني ميثاقاً للعزل السياسي مقدماً (منذ الآن) لقياداتها التي تشارك في الحكومة حتى تطمئن رفاقها في الساحات أن هؤلاء المشاركين لن يعودوا إلى أحزابهم بعد سقوط النظام وحتى يكون العزل المبكر عامل ردع للراغبين في الهرولة إلى النظام. * ألا يعتبر إنتفاع بعض الأحزاب أو شخصيات نافذة فيها أو أشخاص ذوي صلة بشخصيات نافذة فيها من مائدة النظام أحد أسرار تخاذل تلك القيادات عن المساهمة في التظاهرات ولو عبر أعطاء الضوء الأخضر والتعبئة لها لكنها ظلت تعمل على تخذيل من يرغبون في التظاهر مما إنعكس سلباً على حجم التظاهرات؟ * بعض الجهات تقول إنها لا تتحمس للإنخراط في الأنشطة التي تعمل على تحرير البلاد وذلك بسبب أنها تتخوف من البديل القديم ما هي الضمانات التي تريدها؟ هل تريد أن تفكك المكونات نفسها ويعتزل قادتها السياسة حتى يطمئنوا هم أم ماذا يريدون منها؟ * في المقابل قوى أخرى تضمر تخوفاً ولا تعلنه مكنونه أنها تخاف من البديل الثائر(...) بحجة أنها ذات ثقل جهوي فماذا تريد منها من ضمانات؟ أعتقد أن البرنامج سيكون هجيناً شيقاً فلا هو محاضرة صرفة من أكاديميين ولا هو مناظرة بين خصوم متنافسين ولا هو لقاء خطب حماسية إنما كان فيه شيئٌ من كل ذلك كان حواراً بين متحالفين متنافسين لتحقيق غرض واحد حتى وأن كان من الطبيعي أن يظهر بين الحلفاء المتنافسين شيئٌ من تضاؤل الثقة وضبابية النوايا مما يولّد بعض الحدة أحياناً فيستوجب البحث عن ما يجمع لا ما يفرق سيكون لقاءاً فريداً من نوعه ..
أوصى كل من يحلو له هذا الاجتهاد وبإعتماد الأسلوب السلس بإعتباره النموذج الأفضل للقاءات المرحلة القادمة في الساحات وإدراجه ضمن أفضل وأنسب مناهج عرض االبرامج التوعوية والحوارية وفي ممارسة تلمس إتجاهات الرأي العام مثل هكذا نقاشات سيضع القيادات السياسية في الخارج وايضاً الداخل أمام حقيقة كونهم عرضة لملاحقة الرأي العام لهم – من خلال مثل هذه اللقاءات – ونقدهم نقداً جماعياً عن تقصيرهم عن قيادة المبادرات الفعلية لتحقيق تطلعات الجماهير أو تقاعسهم عن تنفيذ ما يطلقونه من وعود بجمع الصف والضغط عليهم لتقديم تنازلات بذات الخصوص وتقدم الصفوف لتحقيق تلك الأغراض فتكون الجماهير بذلك قد إقتبست ودشنت طريقة جديدة وفعالة ومشوقة في مجال التداول حول الآراء في مساحات زمنية محدودة ويأمل الشارع في أن يلتقط الآخرون هذه الطريقة وأن يبتكروا مثلها وغيرها فالساحة الجنوبية - للأسف – قليلة الإبتكار أو حتى الإقتباس في السنين الأخيرة ورغم كل هذه الإيجابيات فإن الأمانة في كتابة المقال تقتضي أن نقر بوجود عدم مواكبة من صوت أو صوتين من بين الجمهورإنشغل بأسئلة إنصرافية للمتحدثين وتعليقات غير ذات جدوى وبعضها شخصية ولا تمت للموضوع بصلة بدلاً عن التركيز على الموضوع الأهم وهو موضوع الندوة لكنه يبقى نشوزاً في حدود المعقول ولا يجب أن يثني الجادين عن عقد مثل هذه اللقاءات المفتوحة فإنه لا يوجد مجتمع راقي بنسبة عالية خاصةً مع علمنا أن الجمهور لا يتم إختياره وفق مواصفات محددة وبهذه المناسبة نؤكد أن بعض المعلقين يتوجه لحرف مسار اللقاء فيما لا يفيد أو إطلاق تعليقات أو خزعبلات ذات الطابع الشخصي فإن هذا شيئ متوقع في البرامج الجماهيرية المفتوحة ويجب ألا يضع من يريدون تنظيم لقاءات مماثلة أي شأن لها وفي الختام نناشد الجماهير وقادة الرأي والفكر الجنوبي بالقيام بدورهم نحو تبصير القادة المصرين على التشتت بالآراء ومناقشة خططهم وعرض خطط بديلة لهم إذا لزم االأمر ومحاصرتهم ونقدهم عن أي تقصير وعدم ترك هذه المهمة لدوائرهم التي تعمل عن بعُد فقط نتمنى للشعب الجنوبي كل توفيق في مسعاه نحو إستعادة دولته الجنوبية دولة السلام والوئام والله من وراء القصد .