منال الشيباني الى الجميل دائما، الانسان الرائع، البسيط عبدالكريم، اهديك هذا المقال مع حبي وتقديري لك دائما وابدا .. منذ السطر الاول في نصوص عبدالكريم الرازحي، تعرف انك امام كاتب لا يكتب ليشرح العالم، بل ليصافحه .. هو لا يرفع صوته، بل يهمس، كما تفعل الحكمة في لحظات التعب .. كلماته لا تتأنق، لكنها تشعر، ولا تتبختر، لكنها تصل. هو شاعر، يرى في الخبز فلسفة، وفي الحزن مدرسة، وفي الضحكة مقاومة ناعمة .. وحين تلاحق عباراته، تشعر انك تركض خلف مشهد، لا خلف فكرة .. في كتاباته، حضور لليمن، لا على هيئة علم او شعار، بل على هيئة ام تنادي ابنها على الغداء، او صديق يهمس تحت شجرة في حارة قديمة .. هو لا يستعير نبض البلاد، بل يمنحها نبضا جديدا، فيه صدق وتلقائية، وملامح وجوه مرت من الحارة ذات صباح مراحل في مسيرته عبدالكريم الرازحي، بدأ كأي شاعر شاب يبحث عن طريقه، لكنه ما لبث ان صنع اسلوبه الخاص، عبر بساطة راقية .. نشر مبكرا في الصحافة اليمنية، ثم توزعت كلماته في الاصدارات العربية، وترجمت بعضها الى لغات اجنبية في كتاباته الشعرية والنثرية، تجد موقفا صادقا من القبح والاستبداد والتشوه المدني .. هو لا يهتف، لكنه ينكز بحنان، ولا يوبخ، لكنه يعاتب بلغة القلب .. يقول في احد نصوصه: "كان يكفي ان تراني اضحك، لتعرف ان الحياة رغم كل شيء، لا تزال تسمح لنا بالمرور" لماذا الرازحي مختلف الصفة، التوصيف، انسانيته، يشعر بك اكثر مما يحدثك عن نفسه، سلاسة عباراته، كأن الكلمات تجري من بين يديه، لا من قلمه، شاعريته اليومية، لا يلزمك قاموس لفهمه، فقط ذاكرة طفولة وبعض حنين، موقفه من الاشياء .. لا يكتب ليعلق، بل ليحنو، ليواسي، ليحاور بصدق .. في زمن مزدحم بكتاب يتحدثون فوق القارئ، يأتي عبدالكريم الرازحي ليجلس معه على الارض يسرد له بعض الدمع، وبعض الدهشة، ثم ينصرف دون ضجيج .. هو شاعر الحياء والنور الداخلي .. من جعل من العادي عالما، ومن اللغة علبة مفاجآت، يفتحها الاطفال والكبار معا .. عبدالكريم، يا من لم تكتب لتبهر، بل لتؤنس، اهديك هذه الكلمات، كما تهدى زهرة لشخص لا ينتظرها، لكنه يستحقها .. لك والمودة، والود، والورد، والظل الطيب حيثما كنت .. كن بخير.