لم تكن مجرد نكتة تلك التي تساءل من قالها عن حكم وجود أربعة لاعبين غير مسلمين في نادٍ سعودي، وهل يجوز لجمهور ذلك النادي، وهم مسلمون، أن يهتفوا عند تسجيل أحد هؤلاء اللاعبين لهدف في مرمى الفريق الخصم، لم تكن مجرد نكتة بقدر ما كانت ردا ساخرا وساخنا على المحاولة البائسة والخطيرة للزج بالمسألة الدينية في مباريات كرة القدم، ومحاولة إقناع الجمهور أن تشجيع ذلك الفريق الوطني «المسلم» ضد الفريق الآخر «الكافر» واجب شرعي، ويأثم من يفكر في تشجيع ذلك الفريق الخصم؛ لأنه تشجيع للكفار ضد المسلمين. الزج بالمسألة الدينية في لعبة رياضية ظلت عبر تاريخها أنموذجا لحوار حضاري بين الشعوب مبرأ من أي انحيازات عرقية أو عقدية أو مذهبية، وحين نصف لعبة كرة القدم بالحوار، فإننا لا نعدو أن نستخدم مصطلحا مستخدما في أدبيات هذه اللعبة حين كانت توصف بالمحاورة، وكان يقال تحاور الفريقان. الزج بالمسألة الدينية في هذه اللعبة عجز عن فهم الجانب الإنساني فيها، وتلاعب في الوقت نفسه بالمشاعر الدينية، وتوظيف لمسائل الكفر والإسلام في غير محلها، وهو تلاعب يبلغ حد توظيف موجات التدين في موضوعات قائمة على مراعاة المصالح المشتركة وتنمية علاقات التعاون بين الشعوب، وهو توظيف من شأنه أن يؤجج نار الفتنة ويمعن في تشويه الصورة النمطية التي باتت مكرسة للمسلمين في نظر العالم. الزج بالمسألة الدينية في لعبة رياضية إلغاء للتسامح، كما هو مصادرة لحرية الإنسان التي تمنحه هذه اللعبة حق التمتع بها، والتي تمكن أبناء أسرة واحدة من تشجيع أندية مختلفة دون أن يكون ذلك مثارا للخلاف بينهم، وتمكن مواطنا من تشجيع فريق أجنبي دون أن يكون خائفا من الاتهام بالخيانة. الزج بالمسألة الدينية في الرياضة جهل بالرياضة، كما هو جهل بالدين. *نقلا عن عكاظ السعودية