يبدو أن مسلسل المتاجرة بالوطن ما زال مستمراً، وهو المسلسل الذي أسسه رجال المصالح والانتهازيون المتاجرون بحقوق الناس وأوجاعهم، وهم يبحثون عن فتات يجود به لهم أولياء نعمتهم ممن ينحنون لتقبيلهم والتودد إليهم، لعل وعسى يصطادون مقعدا، منصبا شاغرا، غير مسكون... وزارة حقوق الإنسان في بلادنا أنموذج حي وشهد لانتهاك حقوق الإنسان وكأنها أنشئت لتعاكس مسماها في وطنٍ يعيش مواطنيه بكرامة مهدره وحقوق منتهكة ومستباحة، لتتحول هذه الوزارة إلى مجرد قبوا يمارس فيه الانتهازيون - من القائمين عليها - غوايتهم بالاسترزاق والمتاجرة بحقوق البسطاء، والتغني بها لشيء في أنفسهم الجشعة وأطماعهم البخسة - أملا في تسوية مناصبهم السيادية والارتقاء بمهام أخرى أفضل ارتجالا، دون أدنى مراعاة للمؤهلات المطلوبة والنزاهة في الخبرات... كل هذا يدعو للتساؤل عن جدوى بقاء هكذا وزارة، هي أول من ينتهك حقوق الإنسان تحت يافطة الدفاع عنها، - باعتبار كونها وزارة تعنى بكل اليمنيين- لا لفئةٍ بعينها فحسب، كما هو حالها الحاصل بتسخيرها واستئثارها من قبل فئة لصالح أخرى دون اعتبار الحاجة لتدخلاته من قبل أبناء الوطن-مع قضايا وهموم حياتهم الإنسانية المعاشه... ففي الوزارة المعنية وفي خضم الأحداث الاخيرة التي أفضت بإقالة الحكومة وجدت الوزيرة حوريه مشهور نفسها مضطرة للانكفاء والعودة للجنوب لتغرد من هناك بعد ان نهبت حقوق الموظفين عن حق أبناء الجنوب بتقرير مصيرهم، ومع رحيلها المباغت تم تكليف شخص بديل ليتولى مهام الوزير كقائم بالأعمال, وفي ذروة البحث عن مناصب نال اسماعيل الجبري تلك المكانة وأحسن بالتودد إلى الرئيس السابق وكسب تعاطفه من منظور جريمة النهدين عله ينال الرضى وبالتالي يحظى بثقة المؤتمر الشعبي في تزكيته وزيرا هكذا حقيبة جاءت من نصيب المؤتمر ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة التي اشترطت تواجد الكفاءة والنزاهة وهو ما لا يملكه الجبري. فالنزاهة لا تعني تكفير الذنب بصنيع معروف كما ضن الجبري واهما بدعمه للثوار المعتصمين على مشارف صنعاء مؤخرا بأكياس الدقيق وقطم السكر والأرز.. إنما تكفير الذنب بعدم ارتكابه مجددا وهذا ما يسعى اليه المدعو ومن موقع يمنحه ويجني عليه المزيد مما يضمر.... ف بابتسامة عريضة عرج الجبري بنفسه الى حضرة الرئيس السابق، راح فورا يصدر أوامره إلى الإدارات المختصة والمعنية بوزارته بالاهتمام بقضيتي جامع النهدين وحادثة النفق ذائعة الصيت، محاولا بذلك ان يثبت وببساطة أن يقدم كونه المحامي الأول لزعيمه لشيء في نفسه يفضي إلى ترشيحه لتولي زمام الوزارة كوزيرٍ لها لا كقائم بالأعمال، وليته يعلم أن كل من يدخل خيمة للزعيم يخرج بخفي حنين لا أكثر، وأن المرحلة القادمة ليست كسابقاتها من الارتجالية والمحابة واستنزاف الصالح العام... كما لن يفيد الجبري ترنحه المعروف بين حزب المؤتمر وأنصار الله وبالتالي فإنه يدور في حلقة مفرغة وما يجب ان يفهمه وان نصيبه من الحق العام فقط ما يتناوله كقائم بمهام الوزير في حكومة تصريف الأعمال وما سواه سوف تخيب أماله ولن تشفع له تودداته تلك، أو إشاداته بمواقف أنصار الله الذين هم في غناء عن تزكيته من عدمه... فدور أنصار الله البارز والملموس في الحفاظ على ممتلكات الدولة والشعب ووزارته وصونها هو عمل حضاري انتهجوه كثقافة راسخه في حياتهم ومسيرتهم الرافضة والمناهضة لأعمال السلب والنهب وبالتالي فإن مواقفهم الوطنية ستظل راسخه وفاعله ما حيينا، وستكون هي كلمة الفصل وميزان التقييم والعدل حتى تطال أيضا اختيار وتزكية الرجل المناسب في المكان المناسب. ومهما كانت المحاولات لإعادة العوبة تسخير الوزارة لخدمة الحزب أو الفرد فإنها ستبقى الألعوبة التي تفننوا بها على الدوام. وليعلم الجميع أننا أصبحنا في عهدٍ جديدٍ وهناك من سيطلق صرخة الرفض بلا شك، طالما هناك شعباً صار اليوم أكثر وعياً بحقوقه وأكثر استماتة بها، وسيعمل بلا شك على قطع الطريق أمام كل الانتهازيين والمقامرين بمقدرات الشعب وتسخيرها لمصالح ضيقة أنانية، وبالتالي فإن هذا السلوك لم يعد يجدي نفعا في الحاضر المعاش والغلبة فيه للحق والعدل والنزاهة..