عقدت، أمس الاثنين، الجلسة الثانية للحوار بين تيار المستقبل وحزب الله في عين التينة في غياب عرابه نبيه بري. وجاءت هذه الجلسة في الوقت الذي تشهد فيه السلسلة الشرقية الحدودية مع سوريا تصعيدا خطيرا على خلفية اندلاع معارك عنيفة بين عناصر حزب الله وجبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية والتي وصل مداها إلى المناطق البقاعية. وتركز اللقاء الثنائي على سبل وإجراءات تنفيس الاحتقان المذهبي القائم في لبنان، حيت اتفق الطرفان على ضرورة التهدئة إعلاميا وسحب فتيل التوتير المناطقي، وتسهيل عمل حكومة تمام سلام. وتشكو الحكومة المشكّلة منذ فبراير الماضي، من جمود نتيجة التجاذبات السياسية الحاصلة بين الفرقاء اللبنانيين، الأمر الذي عطل مكابحها وأثر بشكل لافت على الحياة العامة في لبنان. وفي مقابل التوافق بشأن ضرورة تنفيس الاحتقان الطائفي، بقيت المسائل الكبرى كانخراط حزب الله في سوريا، ومسألة سرايا المقاومة (مليشيا غير شيعية أسسها الحزب في التسعينات) التي طالب بحلها المستقبل خارج أطر التوافقات، باعتبار خضوع الحزب فيها إلى طهران. وتعتبر إيران حزب الله أحد أذرعها الرئيسة في المنطقة العربية، وهي لا تنفك تعطل الحياة السياسية في هذا البلد عبره، في سياق إدارة معركتها السياسية في مواجهة خصومها الإقليميين وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية. وإلى جانب مسألة تدخل الحزب في أزمة الجوار وموضوع سرايا المقاومة، يصر الحزب في الحوار الجاري مع المستقبل على أن أي حل لأزمة الرئاسة في لبنان، يجب أن يمر عبر حليفه رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون. ويعيش لبنان منذ أكثر من ثمانية أشهر فراغا في سدة الرئاسة على خلفية مقاطعة كتلتي حزب الله والمستقبل لجلسات انتخاب الرئيس. حكومة تمام سلام تشكو من الجمود نتيجة التجاذبات السياسية الحاصلة بين الفرقاء اللبنانيين، الأمر الذي عطل مكابحها وأثر على الحياة العامة في لبنان ويرى حزب الله أن عون هو الأولى بالمنصب، وأنه مرشحه، وكان، قد أعلن عن ذلك رسميا. وبالتوازي مع الحوار القائم بين حزب الله والمستقبل تتواتر الأنباء عن قرب الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الحوار الثنائي الثاني المنتظر بين الخصمين المسيحيين سمير جعجع وميشال عون، محوره الأساسي الاتفاق على رئيس. ويرى متابعون أن هذا الحوار المنتظر بين رئيس القوات والتيار الوطني الحر يمثل مصلحة لكلا الطرفين. فجعجع الذي كان الداعي لهذا الحوار منذ البداية، يبحث عن مسار جدي لإنضاج تسوية بخصوص رئيس بعبدا القادم، والذي بات مطلبا مسيحيا ملحا. ويرى بأن المبادرة بالانفتاح على التيار الوطني الحر يشكل خطوة للوصول إلى حل للمعظلة، وسيسعى لإقناع رئيسه لحضور جلسات الانتخاب، والاحتكام إلى الصندق. بالمقابل يرى المتابعون أن هدف عون من هذا الحوار هو تخفيف الضغوط المسيحية عنه، خاصة من بكركي وبيت الوسط ومعراب. وهو يرى في هذا الحوار فرصة أيضا لربح الوقت، إلى حين نضوج تسوية إقليمية ودولية مع إيران، هذا إذا لم ينجح في إقناع جعجع بدعمه في الرئاسة. وكان رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون قد أكد في تصريحات له، مؤخرا، أنه لا يجب الوقوف عند الماضي (في إشارة إلى تاريخ العلاقة بين القوات والحر) إن أردنا بناء المستقبل. وشدد عون في برنامج “الأسبوع في ساعة” على أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دعا للحوار بين القوات والتيار، وشدد على أن هذا الحوار هو محاولة للخروج من الأزمة. وأعرب عون عن رغبته في الوصول إلى اتفاق بينه وبين جعجع، مؤكدا أن لا شيء يمنع انتخابه رئيسا من قبل كتلة القوات، مؤكدا أنه سيواجه بصدق عبر الحوار للوصول إلى التفاهم.