تجربة جديدة عشتها خلال كتابة هذه المقالة، والسبب أنني كتبتها بدءاً من صافرة بداية مباراة السعودية وأوزبكستان، ووزعت اهتمامي بين المباراة وبين وسائل التواصل الاجتماعي، لأرى ردود الفعل، ومن خلالها أستلهم مادة هذه المقالة، وهي المادة التي ستشكل - برأيي - أسباب وبوادر أزمة كرة القدم السعودية المستمرة منذ عقود حتى لو تأهل المنتخب لكأس العالم أربع مرات متتالية ونال كأس آسيا ثلاث مرات، فوقتها كان هناك لاعبون استثنائيون، ورجل استثنائي أيضاً هو الأمير فيصل بن فهد، وكانت الكرة في آسيا لا تشبه كرة اليوم لا من قريب ولا من بعيد، فلم تكن أستراليا ضمن قارتنا، ولا دول الاتحاد السوفياتي المنحل ومنها أوزبكستان، وكانت كل مشكلاتنا تتعلق تقريباً بمنتخبين، هما كوريا الجنوبية وإيران، والبقية عرب نعرف التعامل معهم.
وما نتحدث عنه هو الاستمرار والثبات في المستويات، أندية ومنتخبات، مع بعض الهبوط الآني أو الظرفي، وهو أمر أكثر من طبيعي يصيب كل منتخبات وأندية العالم.
فقبل صافرة بداية المباراة كان الحديث منصباً على المواجهة السعودية الكورية الجنوبية، وكأن أوزبكستان أمر انقضى قبل أن يبدأ... ومع أول دقيقتين، وعلى رغم تحذيرات سامي الجابر من دقائق ال10 الأولى وتغييرات قاسيمووف التي قد تكون مفاجئة، جاء الهدف الأوزبكي! وبدأت التعليقات المتشائمة التي انصبت على أسباب الهدف وهما الزوري ووليد عبدالله، وبات الحديث عن البديلين اللذين لم يلعبا، وبالتالي كان النقد من باب ألوان ناديي الزوري ووليد ولا من حقيقة مستواهما، وهو السبب الأبرز لتراجع الكرة السعودية على صعيد المنتخب، إذ صار كثيرون يرون المنتخب بعيون أنديتهم، وهو ما حذر منه الأمير عبدالرحمن بن مساعد عشية المباراة، وحذر منه حتى اللاعبون الذين غابوا عن المنتخب، مثل الراهب والأسطا والمحياني وشراحيلي وأحمد وعبده عطيف، الذين ساندوا زملاءهم عبر «صدى الملاعب»، ولكن جماهيرهم كانت غاضبة أكثر من أصحاب الشأن أنفسهم.
ثم جاء البلنتي بصناعة هزازي وتسجيل السهلاوي، وعادت الروح وتغيرت الانتقادات، ثم المطالبات بإدخال الشهري والجاسم، وبعد الهدفين الثاني والثالث وقبل ربع ساعة من خروج المنتخب فقدت الغالبية الأمل بالتأهل، وبدأ المسلسل المكسيكي نفسه من النقد والهجوم على الاتحاد والمنتخب والفكر والإعلام، أي على منظومة كرة القدم السعودية التي هي السبب والحل والنتيجة - برأيي - لكل مشكلات الكرة السعودية، وإن لم يتم التعامل معها بشفافية، وبالعمق وليس بالقشور، فستبقى الكرة السعودية تدور في الحلقة المفرغة نفسها من الفعل والانفعال ورد الفعل، ونسيان الفعل ورده. * نقلاً عن " الحياة "