في ظل تقريرين مفرطين في التشاؤم، وسوق تتسم بالتقلبات، وتطورات متسارعة، لا أدري أي مستقبل ننتظر! فنحن لم يعد باستطاعتنا مجاراة ما يحدث. فلم نزل بعد دولا نامية رغم وصف دولنا بالغنية إلا انها لا تستطيع الاعتماد على نفسها بعد. في تقرير صدر منذ أيام لمنظمة العمل الدولية بعنوان «اتجاهات الاستخدام العالمية والتوقعات الاجتماعية 2015» يشير إلى حقائق مزعجة مفادها «سيتجاوز عدد العاطلين عن العمل 212 مليون شخص بحلول عام 2019، مقارنة مع 201 مليون شخص حالياً»، وفي التقرير ذاته صرح المدير العام للمنظمة غاي رايدر «لقد فقد أكثر من 61 مليون وظيفة منذ بداية الأزمة العالمية في 2008، وتظهر توقعاتنا أن البطالة ستواصل ارتفاعها حتى نهاية العقد الحالي، وهذا يعني أن أزمة فرص العمل لم تنته». وتتوقع المنظمة تأثيرا شديدا للانخفاض الحاد في أسعار النفط والغاز على أسواق العمل في كبرى الدول المنتجة للنفط والغاز، وخاصة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا والمنطقة العربية، والتي سيتأثر منها العمال الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً بشكل خاص مع وصول معدل بطالة الشباب في العالم إلى قرابة 13 في المئة عام 2014 ووجود توقعات بارتفاعه أكثر في السنوات القادمة. بالطبع فإن منطقة الخليج تعرف أنها منطقة شبابية إذ ترتفع فيها أعداد الشباب دون الأربعين والمرشح أن تزداد أعدادهم في الفترة القادمة، ومثل هذه التوقعات تنبئ بكارثة عظيمة على أسواق تعاني أصلا من مشكلة البطالة التي عجزت عن القضاء عليها طيلة عشرات السنين، ولم تجد المشاريع المحفزة ليس لأن تلك المشاريع غير ناجحة ولكن لأنها مجرد حلول مؤقتة فمثل هذه المشكلة يلزمها سوق عمل حيوي يساهم فيه القطاع الخاص بأخذ دور البطولة وكما نعرف لا يزال القطاع الخاص في أسواقنا يمارس دور «الكومبارس». من جانب آخر، وفي تقرير حديث لصندوق النقد الدولي توقع أن تتكبد البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال افريقيا خسائر كبيرة في الصادرات والايرادات خلال العام، ولفت إلى أن بلدان مجلس التعاون هي الأشد تأثراً، متوقعاً أن يصل انخفاض تصدير النفط والغاز إلى نحو 300 مليار دولار تقريبا. كما توقع أن يسجل العام 2015 عجزا في المالية العامة في كل بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان والقوقاز وآسيا الوسطى باستثناء دول هي الكويت وقطر وتركمانستان. تلك التوقعات المحبطة والمقلقة ترمي بظلالها على مستقبل معتم لاقتصاداتنا الناشئة، فالأمر يحتاج إلى إعادة هيكلة لاستراتيجيات التنمية وأخذ مبادرات جريئة واستغلال الفرص المتاحة اليوم، والاستفادة من رأس المال البشري بدلا من جعله عبئا قد يتحول إلى عجز يشل مفاصل الاقتصاد بتفشي البطالة، وهذه هي الثروة الحقيقية. *نقلاً عن صحيفة "اليوم" السعودية.