رويداً، رويدا وعلى مدى عام بدات تتجلى ملامح المشهد الذي يُريد الحوثيون رسمه وإظهاره ، وشيئاً فشئ حتى بدأت تتضح توجهاتهم ومقاصدهم ونواياهم – وها نحن اليوم أمام مشهد واضح المعالم ومكتمل بعد الإعلان الصادر 6/2/2015م, وخطاب النصر 7/2/2015. وتجنباً للترف والكلام المرسل , دعونا نستعرض ماصدر عن الحوثيون أنفسهم بخصوص الجنوب والجنوبيين وقضيتهم للتحقق منها وإظهار ما تنطوي عليه كما يلي:- اولاً: 21 سبتمبر 2014 كانت المحطة الأهم للحوثيون , ومنها بالتحديد بدوا بالغزل وإرسال الرسائل للجنوبيين في الداخل الخارج صنعاء, والحديث عن الحراك الجنوبي , والقضية الجنوبية. وبالمجمل كانت عبارة عن: غزل وتطمينات , وترغيب وتهديد، وإطلاق الدعوات والوعود ، وإظهار الحرص والخوف على الجنوب والجنوبيين وقضيتهم من المؤامرات والمزايدات، وإبداء التعاطف ومد الأيدي لهم والوقوف إلى جانبهم ... الخ. ثانياً: وبالتفصيل المغتضب – دعوة القيادات الجنوبية في الخارج للعودة إلى صنعاء... العودة بحد ذاتها كانت رسالة صريحة وموجهة للرئيس هادي مفادها: " أما أن تقبل بما نريد بالمروه وأما بالقوة وننهي المهمة " وهو ماحصل بالفعل. أما دعوة القيادات الجنوبية للعودة فهي مشروطة ( إلى صنعاء وليس إلى عدن) وفيها اشاره صريحة إلى همعبارة الشيخ عبدا لله الأحمر على وثيقة "العهد والاتفاق" في عمان 21/4/1994م الشهيرة "بشرط العودة إلى صنعاء" وماحدث قبلها وبعدها ، بل وفيها إشارة للرئيس إن البديل جاهز ، وما خفي أعظم. ثالثاً: الحوثيون وبوضوح يخلون سبيلهم من خطيئة إجهاض الوحدة قصراً، ومن قرار حرب صيف 94، ومما لحق بالجنوب ارضاً وانساناً.. ويبررون ذلك بعدم رضاهم مما نتج عن تلك الحرب من مظالم، وببعدهم عن مواقع صنع القرار وإتخاده ، وبإعتراضهم على قرار الحرب ، وبإجراء المقارنة بين الحروب الستة التي تعرضت لها صعده وما تعرضوا له.. فما الذي يريد الحوثيون من هذا الطرح والتبرير؟ إذا سلمنا جدلاً ب ( بإخلاء سبيلهم، وباعتراضهم، ورفضهم وعدم رضاهم) فما الذي سيغير في الأمر بعد خراب مالطا وبعد أن وصلت القلوب الحناجر ؟ ثم ومالقرض من إجراء تلك المقارنة بين حروب صعده وبين الحرب العدوانية على الجنوب صيف 94 وهما مختلفتان تماماً من حيث: السبب والمسبب ، الموضوع والهدف ، المرجعية والنتيجة؟. آ ولم يريدون القول: " أن المساواة بالظلم عدل"، وإنهم رغم الحروب الستة لم يطالبوا بالإنفصال، والوحدة ليس لها ذنب بما حصل ووقع على الجنوبيين وهو نفس الموال الذي نسمعه على مدى عقدين من الزمن من قبل الكل. رابعاً: أنصار الله لايعترفون بالحراك الجنوبي كثورة مستقلة – وهو ثورة بكل ماتحمله الكلمة من معنى , وتختلف كلية من حيث : الزمن والمكان، الموضوع والهدف والوسيلة عن ثورة 11 فبراير، وثورة 21 سبتمبر والتي يعتبرونها ثورة جميع اليمنيين شمالاً وجنوباً- بحسب تعبيرهم، وإنما ينظرون إلى الحراك كأحد المكونات السياسية اليمنية في أحسن الأحوال . خامساً: أنصار الله يرون ( انفصال الجنوب) ليس حلاً – وليس عدلاً، ولا يريدون أن ينظروا إلى الانفصال وهو واقع على الأرض وفي نفوس شعب الجنوب قاطبة، ولا إلى تعبيراته في الشارع الجنوبي منذ 7/7/2007م وحتى اليوم بل وهم لايعترفون بحق ( فك الارتباط ، الفيدرالية المزمنة ، استعادة الدولة ، التحرير والاستقلال) ويعتبرونها جميعا من قبيل الانفصال، ولا يرون من صنع وكرس الانفصال هذا أولا، وثانياً يرون الحل - في حل القضية الجنوبية حلا عادلا – أي بالعدل الذي لايتجاوز العدل، وان يكون حلها( يمني- يمني) وليس جنوبي –يمني، وعبر آلية اللجان ولاندري إن كانت هذه اللجان شعبية أم ثورية ، وبشرط عدم تدخل أي طرف كان في الحل.. وبالتالي آليس هذا استخفاف وعبث ، ولعب بألالفاظ ومضيعة للوقت وتمييع؟ سادساً:من باب الشىء بالشىء يذكر كانت دريعة علي عبدالله لإعلان وشن حرب صيف 94، وإسقاط شرعية ومشروعية الوحدة بقوة ، وإجبار الرئيس البيض على إعلان فك الارتباط – هي رفض " وتيقة العهد والاتفاق" المتضمنة (4- 7) بعد التوقيع عليها بينما كانت دريعة الحوثي للأقدام على الهجوم على الحرس الرئاسي والرئاسة _19 -22 /يناير 2015م) واجبار ارئيس هادي على الاستقالة هي رفض " مسودة الدستور" المتضمنة الستة الاقاليم باعتباره احد مخرجات الحوار.. وبالتالي آليس الأمر سيان ياسادة ومعد السيناريو واحد مع إختلاف الرزمن؟ سابعاً: الحوثيون يقولون من باب المراوغة والاستمالة إن الحراك الجنوبي ليس ممثل في موتمر الحوار كما يجب ، والسؤال اليوم هل الحراك كان ممثل في وثيقة " السلم والشراكة الوطنية " الذي هي من صنع وإخراج الحوثيون؟. وهم يرفضون المبادرة الخليجية والأقلمة . وفي مقابل هذا ألا يحق للجنوبيين رفض كل هذه المسميات على غرار أنصار الله لأنهم لم يكونوا طرفاً فيها أم أن هذا الحق حصيريا للحوثيون وحدهم ؟ وبالمحصلة النهائية ، الحوثيون رفضوا الأقاليم وأسقطوها ويرفضون تمزيق ( اليمن ) تحت أي مسمى – فماذا يريدون إذن؟ ، ومن المؤكد فإن مفهوم الوحدة لدى جميع الأطراف اليمنية واحد وإن اختلفت الوجوه وهم مصرون على الاستمرار بنهج الأطماع التوسعية ، واليمننة والعنهجية ، المرسوم منذ قرن من الزمن وبالتحديد منذ إعلان" المملكة المتوكلية اليمانية" أواخر 1919م..والعبرة لمن اعتبر ، ولمن يرى عبرته في غيره.