تصريح لميسي يثير ذعر الأرجنتينيين قبل مونديال 2026    إصلاح حضرموت يؤيد ميثاق قبائل حضرموت والمهرة ويثمّن موقفهم الوطني    عدن.. البنك المركزي يحذر من التصرف بممتلكات وعقارات البنوك في صنعاء    العفو الدولية تطالب بتحقيق في ضربة أمريكية على سجن في اليمن    مليشيا الحوثي تصعّد القمع.. مئات المختطفين في إب وذمار وسط صمت دولي مريب    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    عبد السلام وبرغ وشريم يبحثون في مسقط خارطة الطريق للسلام في اليمن وأزمة الموظفين الأمميين    شهيدان في قصف صهيوني شمالي قطاع غزة    أبناء مديرية الزيدية في الحديدة يؤكدون جهوزيتهم لمواجهة أي تهديدات    هيئة الاستثمار تناقش إعداد القوائم الاسترشادية لمدخلات الإنتاج الصناعي    الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى يخفض سعر الفائدة بنسبة 0.25%    الهيئة النسائية بأمانة العاصمة تدّشن فعاليات الذكرى السنوية للشهيد    مصر.. استعدادات وتشديدات أمنية قبيل افتتاح أكبر متحف آثار في العالم    مكونات حضرمية بلا مبدأ: أحد قياداتهم سيقدم جماجم الحضارم دفاعا عن الوحدة    تنفيذية انتقالي شبوة تبحث المستجدات السياسية والتنظيمية بالمحافظة    قراءة في نص "غصة ندم وجودية" ل"أحمد سيف حاشد"    اكتشاف اثري في ذمار ..!    من دارفور إلى لندن: خيوط الحرب السودانية تمتد إلى مصانع السلاح البريطانية    الصحافي.. حينما تتحول السلطة الرابعة إلى شريحة مسحوقة!    لقاءات الرياض.. محاولات إنعاش في واقع يزداد اختناقاً    مصر.. حكم قضائي بحبس "ميدو" نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق    رئيس نادي التلال: "مرحلة تصحيح شاملة لإعادة هيبة العميد.. والقادم أفضل بإذن الله"    بمشاركة اليمن.. اتحاد كأس الخليج يحدد الثلاثاء المقبل موعدا لقرعة بطولة المنتخبات الأولمبية    نابولي يهزم ليتشي ويعزز صدارته للدوري الإيطالي    إشهار برامج الدكتوراه لتسعة برامج أكاديمية طبية بجامعة 21 سبتمبر    أمين العاصمة يتفقد سير العمل بمشروعي صرف صحي في مديريتي الوحدة ومعين    محكمة أمريكية تصدر حكمًا بالسجن على يمني بتهمة تهريب مهاجرين إلى الولايات المتحدة    توقعات بموجة برد خلال الأيام القادمة.. وكتلة باردة جافة تسيطر على البلاد    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يبحث مع وزير الخدمة المدنية أوضاع الوظائف والتسويات بمحافظة لحج    الأجهزة الأمنية تطيح بمتهم متخصص في نشل جوالات النساء بمديرية المنصورة    فضيحة.. الاحهزة الامنية بتعز ترفض تامين محطة عصيفرة للكهرباء    مدير المواصفات يطلع على جناح الهيئة في معرض منتجات اليمن    منفذ الوديعة.. والإيرادات المفقودة    مدفعية العدو السعودي تستهدف القرى الحدودية في صعدة    أستاذ قانون دولي: أساتذة الجامعة في الجنوب براتب "جائع"    وقفة.. اللجنة الإعلامية لكرة القدم إلى أين؟    تعز.. توجيهات بتفعيل إلزامية التعليم الأساسي ومعاقبة أولياء الأمور المخالفين    غزة: 983 حالة وفاة بسبب منع السفر للعلاج خارج القطاع    4 قطع أثرية يمنية نادرة بمزاد أمريكي في نوفمبر القادم    إصابة "صعبة العلاج" تكبح 50% من قدرات لامين جمال في الملعب    فضيحة جديدة لمعمر الإرياني: 12 مليون دولار لموقع إلكتروني!    القوى الكبرى تصنع الأزمات لتملك القرار.. والحل في اليمن هو فك الارتباط السلمي    منظمة أمريكية: يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية تفشي الكوليرا في اليمن    جزائية صعدة تصدر احكاما بقضايا مخدرات وتواجد غير مشروع باليمن    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تنجح شمولية الخطر الإرهابي في إحياء اتحاد المغرب العربي
نشر في عدن الغد يوم 18 - 02 - 2015

في قمّة الحدث العالمي الذي صنعته الضربات العسكرية المصرية في ليبيا، مرّت الذكرى 26 لتأسيس اتحاد المغرب العربي، في صمت مما يؤكّد أن مسيرته التي شكّلت الحدث العربي في أواخر ثمانينات القرن الماضي توقّفت قبل الدخول بحلم الوحدة إلى دائرة الفعل. ومع تعثر الاتحاد بسبب الخلافات بين أعضائه، وفي ظلّ التعنت الجزائري الذي يحول دون توحيد المواقف، يأمل خبراء ودبلوماسيون سابقون في أن تؤدّي الحرب على الإرهاب إلى تقارب الدول المغاربية انطلاقا من قاعدة التصدي المشترك لتوسع نفوذ الجماعات الجهادية وخطر الإرهاب القادم من ليبيا.
تعود ذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي (17 فبراير 1989) إلى التأكيد على وجودها من خلال نصوص مكتوبة أرشيفية لم تتحول إلى فعل سياسي إلا في حالات قليلة، وتظهر أيضا للتذكير من خلال بعض عناصر النخبة التي مازالت تؤمن بقيام اتحاد مغاربي مهما كانت الصعوبات ومهما طال الانتظار، لكن بعيدا عن “التأكيد النصي” و”التذكير الوجداني” الإعلامي في الغالب- فإن الحالة المغاربية وحدة أو حتى تعاونا تعد كاشفة للفعل السياسي العاجز عن تحقيق نتائج راهنة أو أمان ماضية عوّلت عليها الشعوب المغاربية في المرحلة الاستعمارية.
لذلك كله، ولغيره من الأسباب الأخرى، التي تعتمد على تركة الماضي وتستهتر بالجغرافيا وبمنظومة القيم المشتركة، يعدُّ اتحاد المغرب العربي من المنظمات الدولية القليلة، التي تنتمي إلى زمنين مختلفين، كلاهما من الماضي:
الزمن المغاربي الأول: علينا أن نلاحظ هنا أن ذلك المؤتمر المغاربي كان وليد زمن عربي جديد آخذ في التشكّل، تداخل فيه مساران إلى درجة تعذر فيها الفصل بين الأسباب والنتائج، المسار الأول: انطلاق الثورات العربية حركات التحرر والتي تقوّت بقيام الثورة المصرية عام 1952، وما تبعها من ثورات عربية أخرى بلغت أوجها في قيم ثورات دول المغرب العربي الثلاث؛ المغرب وتونس والجزائر.
والمسار الثاني هو انتشار الفكر القومي العربي، والدعوة إلى الوحدة، وقد ظهرت إرهاصاته الأولى، تطبيقيا، في قيام الاتحاد العربي، يعرف أيضا بالاتحاد الهاشمي، وهو اتحاد غير اندماجي كونفدرالي أعلن عنه رسميا في 14 فبراير 1958 بين المملكة العراقية والمملكة الأردنية الهاشمية. ثم تطور الفكر الوحدوي سياسيا ليتحول إلى حقيقة بإعلان قيام الجمهورية العربية المتحدة، المتمثلة في الوحدة بين مصر وسوريا، في 22 فبراير 1958، وبعد تلك الوحدة بحوالي سبعين يوما تقريبا عقد ممثلو الأحزاب المغاربية (حزب الاستقلال المغربي، والحزب الدستوري التونسي، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية) مؤتمرا في مدينة طنجة في أبريل 1958 لبلورة فكرة الاتحاد المغاربي.
كثيرة هي الأسئلة المطروحة بخصوص الدولة المغاربية وهي تعاني من توتر في الجبهة الداخلية ومن مخاطر الهجرة الأفريقية
الزمن المغاربي الثاني: المقصود بالزمن الثاني، هو تاريخ التوقيع على معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير 1989 بمدينة مراكش، وقد ضم كلا من: المغرب وليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا. واليوم وبعد مرور 26 سنة على ذلك التاريخ أصبح مجرد ذكرى لم يطوها النسيان، لكنه أيضا لم يعد موجودا على مستوى الفعل السياسي، أي أنه ينتمي إلى الماضي أكثر منه مطلب الحاضر ليس فقط من السّاسة ولكن من الشعوب أيضا.
الاتحاد المغاربي اليوم لم يعد نصوصا لم تطبق ولا مؤسسات لم تعد قائمة لجهة صناعة الفعل، ولا هو نقاش يدور بين الساسة لكيفية البحث عن إحيائه من جديد فقط، ولكنه رفض مطلق لكل البنود التي قام عليها الاتحاد في مراكش، لنضرب أمثلة على ذلك، يمكن أن نُقيم عليها أسسَ التحليل السياسي هنا، أو نصوغ منها مقاربات قد تؤهلنا معرفيًّا إلى طرح استنتاجات.
فمثلا من البنود التي قام من أجلها الاتحاد، العمل على فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، والعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال في ما بينها.. فأين نحن من ذلك؟.
الحدود اليوم بين دول الاتحاد، هي: إما مغلقة في المطلق كما هو واقع بين الجزائر والمغرب، أو تخضع لحراسة شديدة كما هو الحال بين الجزائر وليبيا، والجزائر وتونس، وليبيا وتونس، وموريتانيا والمغرب، وما يتم نقله في حدود ضيقة من رؤوس أموال وبضائع يخضع لإجراءات احترازية في الغالب، ما يعني أن دول المغرب العربي ليست فاقدة للعلاقات بين دول الاتحاد مجتمعة فقط، ولكنها فاقدة وبدرجة أكبر للعلاقات البينية.
رهينة الإرهاب والثورات
من ناحية أخرى، قام الاتحاد المغاربي من أجل تمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها بعضها ببعض، وتحقيق تقدم رفاهية مجتمعاتها والدفاع عن حقوقها، والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف.. فأين كل هذا مما يجري اليوم في دول الاتحاد، وهي تقع رهينة للجماعات الإرهابية، ولثورات انتهت بإسقاط نظامين في كل من تونس وليبيا، وإلى حالة من الانتفاضات في كل من: الجزائر وموريتانيا، ومزيدا من المطالب الاجتماعية في المغرب.

الاتحاد المغاربي يعمل على اتخاذ خطوات عملية للتقارب بين أعضائه

كثيرة هي الأسئلة المطروحة اليوم بخصوص حاضر الدول المغاربية ليس فقط في الشكل الاتحادي لجهة تحقيقه من عدمه، ولكن بخصوص الدولة القطرية نفسها، أين ستصير وهي تعاني من توتر في الجبهة الداخلية، ومن مخاطر الهجرة الأفريقية إليها، ومن علاقة غير سليمة مع شقيقاتها الجارات؟
سؤال آخر يطرح هنا على غاية من الأهمية: هل الدعوة إلى إحياء وتنشيط الاتحاد المغاربي اليوم مطلب شعبي بعد أن تخلى عنه الساسة لأسباب خاصة، بدليل أن محاولة الرئيس التونسي المؤقت السابق المنصف المرزوقي في 2012 لم تلق قبولا من القيادات المغاربية؟
الإجابة الصارخة والصادمة أيضا: لم يعد لتلك الدعوة قبولا، لأن الذين أسسوا الاتحاد المغاربي لم يعودوا في السلطة اليوم، اثنان منهم غيبّهما الموت هما: العاهل المغربي الملك الحسن الثاني، والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، وثالثهم قتل في ثورة الشعب ضده وهو الزعيم الليبي معمر القذافي، ورابعهم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي عزل من السلطة وهرب خارج البلاد، وخامسهم الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع، الذي انقلب عليه رفاقه في السلاح، هذا على الصعيد المحلي، فماذا عن المستوى القومي؟
عمليّا من الصعب اليوم عربيا قوميا الدعوة إلى قيام الاتحاد المغربي بدوره، ذلك لأن الأحداث الراهنة في الوطن العربي ليست ذات صبغة وحدوية أو اتحادية، كما كانت في الماضي. الأولوية اليوم لخلاص الدولة القطرية من التمزّق حتى لوكان ذلك على حساب الدولة الشقيقة المجاورة، ما يعني تناقض المصالح واختلافها وتضاربها، بل إنها في علاقتها الدبلوماسية تتحالف مع قوى خارجية أحيانا ضد الدولة الجارة.
لقد اختلفت الدول العربية بعد قيام الثورات العربية في نمط العلاقات المشتركة بينها عما كانت عليه في الماضي القريب، من ذلك عدم اهتمامها بصيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء كما نصت على ذلك بنود الاتحاد المغاربي مثلا، وإلا كيف لنا أن نفسر القبول بالتدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا، مع أن ذلك ينتاقض مع المصالح العليا لباقي الدول المغاربية.
اتحاد المغرب العربي لم يعد موجودا على مستوى الفعل السياسي وهي فكرة تنتمي إلى الماضي أكثر منه مطلب الحاضر
الفشل وشروط العودة
على العموم فإن تجربة الاتحاد المغاربي كانت فاشلة في زمن الاستقرار والسلم، فما بالك والحروب في بعض دوله لم تضع أوزارها بعد، وجملة من المخاطر تطاردها.
وفي الوقت الراهن لا يمكن للاتحاد المغاربي أن يستعيد نشاطه إلا في حال تغير المعطيات على الساحة المغاربية، وحصول تطور إيجابي في دوله وفي علاقته بالغير، الآخر الأوروبي تحديدا، ويمكن لنا القول إن استعادة الاتحاد المغربي لنشاطه، أو على الأقل اتخاذ خطوات عملية للتقارب بين أعضائه، يقتضي جملة من المطالب، من أهمها:
-1 تحسين العلاقة بين الجزائر والمغرب، كونهما الأكثر تأثيرا في مسار الاتحاد.
-2 العمل بجدية من أجل استقرار ليبيا، وخروجها من أزمتها الراهنة.
-3 التوقف عن سياسة الاستقطاب داخليا بين الأعضاء وخارجيا من القوى الدولية المؤثرة.
-4 التخلي عن السياسات البديلة بين دوله في شكلها الثنائي، وإعطاء الأولوية للعلاقة الجماعية.
-5 التحالف من أجل مواجهة الإرهاب.
-6 العمل على إصلاح الجبهة الداخلية بما يتناسب مع العمل الوحدوي.
كثيرة هي القضايا التي يمكن التأسيس عليها لتنشيط اتحاد المغرب العربي، لكن الواضح أن تلك العودة عسيرة، بل إنها أصعب من ميلاده، لذلك علينا أن ننتظر مزيدا من الوقت، لأن البديل عنه هو طريق التششت والتشرذم، وهو ما تعانيه الأمة العربية مشرقا ومغربا، مركزا وأطرافا، ومثلما بدأت الاتحادات العربية في مناخ وحدوي فإنها مجبرة اليوم على الانطلاق من جديد ضمن ذلك المناخ، لتكوين جبهات قوية تنجح في الوقوف في وجه رياح الإرهاب القاتلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.