مصادر إيرانية: حصلنا على آلاف الوثائق الحساسة لمنشآت إسرائيل النووية    مصادر إيرانية: حصلنا على آلاف الوثائق الحساسة لمنشآت إسرائيل النووية    التصفيات الاوروبية: هولندا تتجاوز فنلندا النمسا تهزم رومانيا وتعادل صربيا    سيدات برشلونة ابطال كأس الملكة للمرة 11 في تاريخهم    احتفاءً بالعيد.. المتحف الوطني بصنعاء يفتح أبوابه مجانًا للزوار    ميسي وسواريز يستعدان لتحطيم رقم رونالدو    العدو يعترف بمصرع جنديين والقسّام تفجّر نفقاً بقوة صهيونية من 6 عناصر    فرنسا تطالب سلطة صنعاء بالإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة عضو مجلس الشورى الشيخ قاسم النوفي    إيران تعلن الحصول على وثائق نووية إسرائيلية    البيداء دونهم... تنويعات في حضرة العيد    يونيسف: عملية القتل في مراكز توزيع المساعدات بغزة ليست عرضية بل وقائع مُمنهجة    منتخب اليمن يصل الكويت استعداداً لمواجهة لبنان في تصفيات كأس آسيا 2027    أكثر من 100 شهيد في غزة خلال أول وثان أيام عيد الأضحى    كيف سُرقت السعادة من العيد وكم ستظل تُسرق؟    الدفاع المدني ينشر فرق الغوص والإنقاذ المائي لحماية الزوار خلال إجازة العيد    عيد الأضحى.. عيد الفقراء المنسيين وأمراء الحرب المتخمين    شركة الغاز تعلن مواصلة عمليات التموين المنتظمة لكافة المحافظات    إرسال وحده جمركيه متنقله لتسهيل الاجراءات الجمركيه لشاحنات التجار والمستوردين    حجاج بيت الله يواصلون رمي الجمرات في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك    ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة    صيف خانق في عدن    تعرف على القائمة النهائية للمنتخب الوطني الاول المغادرة إلى الكويت.    قيادات وزارة الدفاع تنفذ زيارات عيدية للجرحى والمرضى في ثاني أيام العيد    أيام التشريق .. شكر وذكر    عن تكريس "ثقافة التخوين"..؟!    المركزي الصيني يعزز احتياطياته من الذهب للشهر السابع    فليك ولابورتا يرفضان عرض تشيلسي    برنامج أممي: الحوثي يشترط دخول المساعدات الإنسانية لليمن "حصرا" عبر مسقط    الكرة الذهبية.. صلاح يتعرض للعنصرية بسبب جنسيته    الكلمة مسؤولية وطنية وأخلاقية في زمن عاصف أنهارت فيه القيم    الظهور الفج للقادة العسكريين والتصريحات الخارجة عن العرف    الداعري ينتقد الأوضاع المعيشية بسخرية لاذعة: "لا رواتب.. ولا كباش عيد!"    المجلس الانتقالي أمام لحظة الاختبار الأكبر    توتر غير مسبوق في مأرب    مفاجأة.. إقالة مدرب توتنهام بعد 16 يوماً من إنجازه التاريخي    مفاجأة من الماضي.. الذكاء الاصطناعي يعيد تأريخ مخطوطات البحر الميت    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    منظمات المجتمع المدني تستجيب لنداء "الشؤون الاجتماعية" وتوزع آلاف الأضاحي على الأُسر الأشد فقراً    المرتضى يدعو الطرف الأخر إلى إجراء عملية تبادل شامل لجميع الاسرى بمناسبة عيد الاضحى    خطيب العيد في سيئون يؤكد أهمية توحيد الصف الوطني لإنهاء معاناة المواطنين والتصدي لمشروع الحوثي    شرطة ذمار تكشف مصير السجناء الذين فروا من سور الاصلاحية المركزية    التشبث بالعيد كلعبة طفل ونافذة نور    إب.. وفاة ثلاثة شبان من اسرة واحدة اختناقا داخل بئر مياه    من عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!    دراسة تحذر: العمل لساعات طويلة يغير بنية الدماغ    الإسعافات الأولية في حالات الإغماء    مفاجأة علمية.. مادة في البول تكشف أسرارا مخبأة في أنسجة أدمغة عمرها 200 عام    الوطن في وجدان الشرفاء فقط!!    التحديات والاستراتيجيات في ترجمة الشعر العربي إلى الإنجليزية: دراسة تحليلية لترجمة قصيدة الشاعر أحمد مطر، "الرئيس المؤتمن"    الفريق السامعي يهنئ أدباء اليمن وكتابها وصحفييها وفنانيها بعيد الاضحى    خواطر مسافر.. بنوك الطعام في كندا    يوم عرفة والقيم الانسانية    عدن تتنفس السموم.. تقرير استقصائي يكشف كارثة صحية وراء حملات "الرش الضبابي"    نص الدرس السادس لقائد الثورة من سلسلة دروس القصص القرآني    مرصد إعلامي: مايو الأكثر قمعاً على الصحفيين اليمنيين خلال العام 2025    هلال الإمارات يبدأ توزيع كسوة العيد على الأيتام في شبوة    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يواصل جهوده التوعوية بأضرار التدخين في حضرموت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المياه: التأهب لمواجهة الصدمات
نشر في عدن الغد يوم 04 - 08 - 2012

هل العالم مستعد لمواجهة الصدمات الناتجة عن نقص المياه؟ لاشك أننا سنصل إلى هذه الصدمات، لا بل إننا قد وصلنا إليها بالفعل. فقد عقد خبراء البيئة وصانعو السياسات والمهنيون العاملون في مجال المياه مؤخراً اجتماعاً في تشاتام هاوس ]المعهد الملكي للعلاقات الدولية[ في لندن للتفكير في هذا الاحتمال. ورأوا أثناء الاجتماع أن آسيا، هي القارة التي كانت المشاكل فيها أكثر حدة بالفعل.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال بافل كابات، خبير في المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية في فيينا: "كنا قلقين بشأن المياه في أجزاء أخرى من العالم – فما زالت هذه القضية هامة جداً في إفريقيا - ولكننا نسينا أن النمو الاقتصادي والنمو السكاني سيتسببان في ارتفاع كبير في الطلب على الغذاء في آسيا. ويجري استهلاك المياه العذبة حالياً لأغراض الزراعة بمعدلات مرتفعة جداً. فقارة آسيا هي البقعة الساخنة ... وأود أن أقول أنه سيتعين علينا مواجهة أولى القضايا الكبرى بحلول عام 2020 أو 2030".
ويتم تخصيص 70% من الاستخدام العالمي للمياه لأغراض زراعية، ومن المرجح أن تظهر الأزمة في هذا المجال. وأفاد كابات إلى أن "75% من مياه الري في الهند تأتي من المياه الجوفية"، مضيفاً: "نحن نفترض أن الحال سيبقى على ما هو عليه". ولكنه أشار إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث شهدت مستويات المياه الجوفية في بعض المناطق انخفاضات بنسب تصل إلى خمسة أمتار في السنة، وكان عليهم تبني قوانين للحد من استخراج المياه الجوفية لأغراض الزراعة، وهذا الأمر نفسه يمكن أن يحدث في آسيا.
وهناك أيضاً مسألة جودة المياه. فمع انخفاض تدفقات المياه العذبة من أنهر آسيا الكبيرة التي تصل إلى الساحل، ومع ارتفاع منسوب مياه البحر، تعاني دلتا أنهر الجانج وبراهمابوترا وميكونج من زيادة تسرب المياه المالحة، وتصل نسبة الملوحة في بعض الأماكن إلى مستويات تمنع نمو المحاصيل الطبيعية. وقد أصبحت أصلاً بعض المناطق الساحلية في بنجلاديش غير صالحة للزراعة.
وليست الدول المتقدمة بمأمن من المشاكل الوشيكة بالتأكيد. ففي بعض المناطق في الولايات المتحدة الأمريكية تم استغلال طبقات المياه الجوفية القديمة للسماح بالزراعة في المناطق الصحراوية بشكل طبيعي. هذه "المياه الأحفورية" تُستنزف الآن بمعدل سريع وهي غير قادرة على تجديد نفسها. وقال أحد المتحدثين في الاجتماع أنه يتوقع اختفاء المياه الجوفية من بعض المناطق في وقت قريب، وهذا يعني توقف الزراعة، وبما أن الناس استقروا هناك فقط حتى يتمكنوا من زراعة المحاصيل المروية، لن تعود هذه المناطق نافعة لتبقى مأهولة بالسكان - وهذا احتمال مخيف جداً لدرجة أنه "يجعل صانعي السياسة غير راغبين في التصدي لهذه المشكلة."
وعبر الحدود في المكسيك، تعتبر العاصمة مهددة بوضع لا يمكن تحمله. فتعاني مكسيكو سيتي أصلاً من عجز خطير في المياه وتواجه انخفاضاً في معدلات هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 30%. وما زاد الأمر سوءاً أن المكسيك تمنح دعماً للخدمات العامة في العاصمة، والمياه هناك أرخص منها في الريف، وعدد السكان ينمو بسرعة كبيرة. وبمجرد أن يعتاد المستهلكون على الدعم، يصبح من الصعب جداً فرض سعر واقعي.
من جهة أخرى، يقول بوليوبترو مارتينيز أوستريا، مدير المعهد المكسيكي لعلوم المياه، أن مديري المياه لا يستطيعون حل هذه المشكلة بمفردهم. وأضاف في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية أن "هناك دعم مالي ضخم لخدمات المياه في المنطقة الآن، ونتيجةً لذلك، يتم استغلال طبقات المياه الجوفية بشكل مفرط، والوعي الشعبي حول استخدام المياه ليس كافياً لتوفيرها. أعتقد أننا بحاجة إلى سياسة جديدة للتنمية الحضرية، إذا ما أردنا حل مشكلة المياه".
أمّا في الهند وبنغلاديش والمناطق القاحلة من الولايات المتحدة ومكسيكو سيتي، فيكمن الانطباع السائد في إظهار حتمية مروعة، مثل رؤية حادث سيارة بالتصوير البطيء. والسياسيون لا يجيدون التعامل مع هذا النوع من الأحداث البطيئة الظهور. فيقول كابات: "نحن نعلم أنها آتية لا محالة ولكن يؤسفني القول بأن هناك نقص عام في قدرة الحكومات في مختلف أنحاء العالم على النظر إلى ما بعد فترة الانتخابات المقبلة. فنحن كعلماء لدينا الكثير من الدراسات حول السيناريوهات للسنوات العشر أو العشرين أو الثلاثين المقبلة، ولكن هذه ببساطة فترات أبعد كثيراً من النطاق الزمني لعمل السياسيين".
أدوات السياسة
قدم اجتماع تشاتام هاوس بعض أدوات السياسة العامة التي يمكن أن تعالج قضايا المياه. فدار نقاش حول الرسوم وإنشاء أسواق للمياه، حيث يمكن شراء حقوق المياه وبيعها وتأجيرها. هناك سوق من هذا النوع يعمل حالياً بنجاح كبير في حوض نهر موراي دارلينغ في أستراليا. وقد قامت الحكومة هناك "بفصل" حق ملكية الأرض عن حقوق ملكية المياه، حتى أن مجرد وجود الماء على أرضك، في شكل نهر أو مياه جوفية، لم يعد يعطيك الحق تلقائياً في استخدامها. كما يمكن بيع حقوق المياه المخصصة، بشكل دائم أو على أساس مؤقت. والجدير بالذكر أن الجفاف الخطير الذي ضرب البلاد مؤخراً أدى إلى توقف المزارعين عن زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه وهي أقل قيمة مثل الأرز، فأصبحوا يبيعون حصص المياه للمزارعين الذين يزرعون محاصيل أعلى قيمة وأقل احتياجاً للمياه مثل العنب، وساعدهم الدخل الذي حصلوا عليه خلال فترة الجفاف حتى تمكنوا من استئناف الزراعة بشكل طبيعي.
نحن كعلماء لدينا الكثير من الدراسات حول السيناريوهات المحتملة للسنوات العشر أو العشرين أو الثلاثين المقبلة، لكن هذه ببساطة فترات أبعد كثيراً من النطاق الزمني لعمل السياسيين
من جهة أخرى، كشفت مناقشة حول التعرفة أن العديد من الدول ما زالت لا تفرض أي رسوم على استهلاك المياه، وبعض الدول تمنح خصماً عند شراء كميات كبيرة من المياه، وبالتالي تقل تكلفة الوحدة كلما زاد استهلاك المياه. أما
الصين، التي كانت تبيع المياه تقليدياً بأسعار زهيدة، فقد بدأت تفرض رسوماً أكبر، كما بدأت الانتقال إلى ما يُعرف باسم "رسوم الكتلة المتزايدة" حيث تزداد كلفة المياه كلما زاد الاستهلاك. وبما أن المدن على اختلافها تستخدم حالياً أنظمة مختلفة، فقد أظهرت دراسة مقارنة حديثة أنه لم يكن للتعرفة أي تأثير. وحققت بكين، التي تفرض الآن أسعاراً أعلى وتعرفة متزايدة بشكل حاد، انخفاضاً حقيقياً في الاستهلاك، في حين ما زال استخدام المياه يرتفع في بعض المدن الأخرى.
على المستوى الدولي، تركز بعض المناقشات على حقيقة أن الماء "موجود في كل مكان وغير موجود في أي مكان"، ما يؤثر على جداول أعمال أخرى كثيرة، ولكن لا توجد وكالة مختصة بالمياه في الأمم المتحدة. هذا الأمر قد يعكس حقيقة أن العالم الذي فيه مناخ واحد وجو واحد، يضم أيضاً أنظمة منفصلة عديدة من أحواض الأنهر والمياه الجوفية، التي يعاني بعضها من نضوب شديد، في حين تتوفر للبعض الآخر إمدادات كبيرة.
الاستهلاك على أساس التفاوض
ولكن شبكات المياه تتقاطع مع الحدود السياسية، وفي ظل تزايد أزمات المياه، وسيتعين على كلا الجانبين التفاوض بشأن استهلاك المياه. فطارق كريم، سفير بنجلاديش في دلهي، وخبير في التفاوض على اتفاقات تقاسم المياه مع الهند، أخبر شبكة الأنباء الإنسانية أنه يجب إجراء تغيير في النهج. وقال أنك "عندما تتحدث عن المشاركة، فإنك تتحدث عن تقسيم شيء ما، وكلما وصلت إلى مرحلة التقسيم، يصبح الأمر مثل تقسيم الغنائم، فلا بدّ من أن يحدث خلاف ما. لا يمكنك تقسيم النهر، أو تقسيم إدارته إلى قطاعات. لذا من الأفضل منطقياً أن تناقش احتمال الإدارة المشتركة للنهر".
وأضاف قائلاً: "لا تزيد مساحة أرضنا في بنجلاديش ولكن عدد السكان في تزايد مستمر، ويعتمد 80% من سكاننا على الزراعة كمصدر للرزق، لذا فإن هذا الأمر جوهري للغاية بالنسبة لنا".
هل العالم مستعد لمواجهة الصدمات الناتجة عن نقص المياه؟ لاشك أننا سنصل إلى هذه الصدمات، لا بل إننا قد وصلنا إليها بالفعل. فقد عقد خبراء البيئة وصانعو السياسات والمهنيون العاملون في مجال المياه مؤخراً اجتماعاً في تشاتام هاوس ]المعهد الملكي للعلاقات الدولية[ في لندن للتفكير في هذا الاحتمال. ورأوا أثناء الاجتماع أن آسيا، هي القارة التي كانت المشاكل فيها أكثر حدة بالفعل.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال بافل كابات، خبير في المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية في فيينا: "كنا قلقين بشأن المياه في أجزاء أخرى من العالم – فما زالت هذه القضية هامة جداً في إفريقيا - ولكننا نسينا أن النمو الاقتصادي والنمو السكاني سيتسببان في ارتفاع كبير في الطلب على الغذاء في آسيا. ويجري استهلاك المياه العذبة حالياً لأغراض الزراعة بمعدلات مرتفعة جداً. فقارة آسيا هي البقعة الساخنة ... وأود أن أقول أنه سيتعين علينا مواجهة أولى القضايا الكبرى بحلول عام 2020 أو 2030".
ويتم تخصيص 70% من الاستخدام العالمي للمياه لأغراض زراعية، ومن المرجح أن تظهر الأزمة في هذا المجال. وأفاد كابات إلى أن "75% من مياه الري في الهند تأتي من المياه الجوفية"، مضيفاً: "نحن نفترض أن الحال سيبقى على ما هو عليه". ولكنه أشار إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث شهدت مستويات المياه الجوفية في بعض المناطق انخفاضات بنسب تصل إلى خمسة أمتار في السنة، وكان عليهم تبني قوانين للحد من استخراج المياه الجوفية لأغراض الزراعة، وهذا الأمر نفسه يمكن أن يحدث في آسيا.
وهناك أيضاً مسألة جودة المياه. فمع انخفاض تدفقات المياه العذبة من أنهر آسيا الكبيرة التي تصل إلى الساحل، ومع ارتفاع منسوب مياه البحر، تعاني دلتا أنهر الجانج وبراهمابوترا وميكونج من زيادة تسرب المياه المالحة، وتصل نسبة الملوحة في بعض الأماكن إلى مستويات تمنع نمو المحاصيل الطبيعية. وقد أصبحت أصلاً بعض المناطق الساحلية في بنجلاديش غير صالحة للزراعة.
وليست الدول المتقدمة بمأمن من المشاكل الوشيكة بالتأكيد. ففي بعض المناطق في الولايات المتحدة الأمريكية تم استغلال طبقات المياه الجوفية القديمة للسماح بالزراعة في المناطق الصحراوية بشكل طبيعي. هذه "المياه الأحفورية" تُستنزف الآن بمعدل سريع وهي غير قادرة على تجديد نفسها. وقال أحد المتحدثين في الاجتماع أنه يتوقع اختفاء المياه الجوفية من بعض المناطق في وقت قريب، وهذا يعني توقف الزراعة، وبما أن الناس استقروا هناك فقط حتى يتمكنوا من زراعة المحاصيل المروية، لن تعود هذه المناطق نافعة لتبقى مأهولة بالسكان - وهذا احتمال مخيف جداً لدرجة أنه "يجعل صانعي السياسة غير راغبين في التصدي لهذه المشكلة."
وعبر الحدود في المكسيك، تعتبر العاصمة مهددة بوضع لا يمكن تحمله. فتعاني مكسيكو سيتي أصلاً من عجز خطير في المياه وتواجه انخفاضاً في معدلات هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 30%. وما زاد الأمر سوءاً أن المكسيك تمنح دعماً للخدمات العامة في العاصمة، والمياه هناك أرخص منها في الريف، وعدد السكان ينمو بسرعة كبيرة. وبمجرد أن يعتاد المستهلكون على الدعم، يصبح من الصعب جداً فرض سعر واقعي.
من جهة أخرى، يقول بوليوبترو مارتينيز أوستريا، مدير المعهد المكسيكي لعلوم المياه، أن مديري المياه لا يستطيعون حل هذه المشكلة بمفردهم.
وأضاف في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية أن "هناك دعم مالي ضخم لخدمات المياه في المنطقة الآن، ونتيجةً لذلك، يتم استغلال طبقات المياه الجوفية بشكل مفرط، والوعي الشعبي حول استخدام المياه ليس كافياً لتوفيرها. أعتقد أننا بحاجة إلى سياسة جديدة للتنمية الحضرية، إذا ما أردنا حل مشكلة المياه".
أمّا في الهند وبنغلاديش والمناطق القاحلة من الولايات المتحدة ومكسيكو سيتي، فيكمن الانطباع السائد في إظهار حتمية مروعة، مثل رؤية حادث سيارة بالتصوير البطيء. والسياسيون لا يجيدون التعامل مع هذا النوع من الأحداث البطيئة الظهور. فيقول كابات: "نحن نعلم أنها آتية لا محالة ولكن يؤسفني القول بأن هناك نقص عام في قدرة الحكومات في مختلف أنحاء العالم على النظر إلى ما بعد فترة الانتخابات المقبلة. فنحن كعلماء لدينا الكثير من الدراسات حول السيناريوهات للسنوات العشر أو العشرين أو الثلاثين المقبلة، ولكن هذه ببساطة فترات أبعد كثيراً من النطاق الزمني لعمل السياسيين".
أدوات السياسة
قدم اجتماع تشاتام هاوس بعض أدوات السياسة العامة التي يمكن أن تعالج قضايا المياه. فدار نقاش حول الرسوم وإنشاء أسواق للمياه، حيث يمكن شراء حقوق المياه وبيعها وتأجيرها. هناك سوق من هذا النوع يعمل حالياً بنجاح كبير في حوض نهر موراي دارلينغ في أستراليا. وقد قامت الحكومة هناك "بفصل" حق ملكية الأرض عن حقوق ملكية المياه، حتى أن مجرد وجود الماء على أرضك، في شكل نهر أو مياه جوفية، لم يعد يعطيك الحق تلقائياً في استخدامها. كما يمكن بيع حقوق المياه المخصصة، بشكل دائم أو على أساس مؤقت. والجدير بالذكر أن الجفاف الخطير الذي ضرب البلاد مؤخراً أدى إلى توقف المزارعين عن زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه وهي أقل قيمة مثل الأرز، فأصبحوا يبيعون حصص المياه للمزارعين الذين يزرعون محاصيل أعلى قيمة وأقل احتياجاً للمياه مثل العنب، وساعدهم الدخل الذي حصلوا عليه خلال فترة الجفاف حتى تمكنوا من استئناف الزراعة بشكل طبيعي. نحن كعلماء لدينا الكثير من الدراسات حول السيناريوهات المحتملة للسنوات العشر أو العشرين أو الثلاثين المقبلة، لكن هذه ببساطة فترات أبعد كثيراً من النطاق الزمني لعمل السياسيين
من جهة أخرى، كشفت مناقشة حول التعرفة أن العديد من الدول ما زالت لا تفرض أي رسوم على استهلاك المياه، وبعض الدول تمنح خصماً عند شراء كميات كبيرة من المياه، وبالتالي تقل تكلفة الوحدة كلما زاد استهلاك المياه. أما الصين، التي كانت تبيع المياه تقليدياً بأسعار زهيدة، فقد بدأت تفرض رسوماً أكبر، كما بدأت الانتقال إلى ما يُعرف باسم "رسوم الكتلة المتزايدة" حيث تزداد كلفة المياه كلما زاد الاستهلاك. وبما أن المدن على اختلافها تستخدم حالياً أنظمة مختلفة، فقد أظهرت دراسة مقارنة حديثة أنه لم يكن للتعرفة أي تأثير. وحققت بكين، التي تفرض الآن أسعاراً أعلى وتعرفة متزايدة بشكل حاد، انخفاضاً حقيقياً في الاستهلاك، في حين ما زال استخدام المياه يرتفع في بعض المدن الأخرى.
على المستوى الدولي، تركز بعض المناقشات على حقيقة أن الماء "موجود في كل مكان وغير موجود في أي مكان"، ما يؤثر على جداول أعمال أخرى كثيرة، ولكن لا توجد وكالة مختصة بالمياه في الأمم المتحدة. هذا الأمر قد يعكس حقيقة أن العالم الذي فيه مناخ واحد وجو واحد، يضم أيضاً أنظمة منفصلة عديدة من أحواض الأنهر والمياه الجوفية، التي يعاني بعضها من نضوب شديد، في حين تتوفر للبعض الآخر إمدادات كبيرة.
الاستهلاك على أساس التفاوض
ولكن شبكات المياه تتقاطع مع الحدود السياسية، وفي ظل تزايد أزمات المياه، وسيتعين على كلا الجانبين التفاوض بشأن استهلاك المياه. فطارق كريم، سفير بنجلاديش في دلهي، وخبير في التفاوض على اتفاقات تقاسم المياه مع الهند، أخبر شبكة الأنباء الإنسانية أنه يجب إجراء تغيير في النهج. وقال أنك "عندما تتحدث عن المشاركة، فإنك تتحدث عن تقسيم شيء ما، وكلما وصلت إلى مرحلة التقسيم، يصبح الأمر مثل تقسيم الغنائم، فلا بدّ من أن يحدث خلاف ما. لا يمكنك تقسيم النهر، أو تقسيم إدارته إلى قطاعات. لذا من الأفضل منطقياً أن تناقش احتمال الإدارة المشتركة للنهر".
وأضاف قائلاً: "لا تزيد مساحة أرضنا في بنجلاديش ولكن عدد السكان في تزايد مستمر، ويعتمد 80% من سكاننا على الزراعة كمصدر للرزق، لذا فإن هذا الأمر جوهري للغاية بالنسبة لنا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.