صباح حزين آخر-ياسيادة المحافظ- صباح لم نعهده من زمن، لقد حدث ما كنا نخشاه, في مدينتي (الغناء) بالأمس أعدمت - شنقا- العشرات من النخيل، أمام أعيننا كانت تعدم وتجرف, في منظر مرعب ومخيف، وفي مشهد خبثه وعفانته تعم المكان وتنتشر...يكفيك أن ترى حجم المأساة وبشاعة الجريمة من تجاعيد وقسمات شيخ سبعيني, مقعدا, كان ينظر إليها باكيا, محمر العينين, وقد ابتلت ذراعيه. النخيل هنا يئن ويستغيث-عزيزي المحافظ- لم يشهد عملية تطهير عرقي في تاريخه, اليوم يشهدها, ونحن نشهدها, نقف حائرون, نتبرم فقط وننقهر, ولا نستطيع إيقاف تلك المهزلة والخبث على قارعة الطريق, يحدث كل شي, النخيل يهان, ويساق (جملة) إلى حتفه, مقابر جماعية في انتظاره, لا شي هنا يقف في طريق الجلادين، يلتهمون مساحات خضراء تلو الأخرى، ويصلبون نخيلها، يتمددون كسرطان, مشانق الإعدام أضحت مشاهد يومية, ومألوفة أيضا, لاشي يستحق الحياة -في نظر هؤلاء- سوى المادة والمال، هي من تعبد لديهم.....وهي الآلهة التي لا شريك لها… أما مثقفونا وعلماؤنا فسيتدثرون بحياءهم ولا مبالاتهم, وسيتحدثون عن الأخلاق، وسيسهبون في ذلك الى حد الثمالة، ويسقطون سهوا تلك الجريمة اللاأخلاقية، سيتعاملون معها كما لو أنها حدثت في كوكب أخر، في خطاب مثالي فج، ممل, لا يتقدم او يتطور, يتخبط في عالم من التيه والضياع. وفي نفس الخندق...تنبطح المؤسسة الرسمية (السلطة المحلية والإدارات المعنية) وهي في حالة غيبوبة وهذيان, أو موت سريري....... أو دعني أصورها لك كالتالي: أضحت كطفل لم يتخطى مرحلة التمييز والإدراك ولا زال يعبث ويلهو بأعضائه (التناسلية). " عندما تغيب الدولة المؤسسية أو يقل حضورها، ينشط رأس المال الانتهازي النفعي" قالها احد الفلاسفة, وكان يقصد الوجه القبيح لرأس المال....رأس المال الذي لايبني, رأس المال الذي يعمل في الظلمة كخفاش. هل اتضحت الصورة ؟!!-عزيزي المحافظ- وهل فهمت؟!! -ربما- وأعتقد-أيضا- انك تفهم جيدا عواقب ما جرى ويجري, لقد ضاعت الضوابط - عزيزي المحافظ - في خضم لعبة الشطار, أو بالأصح لعبة الأوغاد والقواد. حسنا..ماذا أنتم عاملون؟؟..كيف تستطيعون تحمل مسؤولياتكم الأخلاقية والتاريخية؟؟ وكيف تستطيعون إيقاف العبث بنخيل الوقف وأراضيه.
(إن مشكلة التقبل الاجتماعي اخطر من الفساد ذاته لأنه يمثل الحاضن او الينبوع المستمر للفساد, وكلما بترت أو عالجت جزئية أو بؤرة تولدت أخرى...وما كان عيبا كان ضابطا يخشى الفرد منه على سمعته). قالها أحد الكتاب البارزين.... وذكر أيضا أحد علماء الاقتصاد السياسي: (إن الرأسمال ينفر من الصخب والمنازعات) وهذا صحيح جدا، لكنه يكمل بقوله (إن الرأسمال يكره فقدان الكسب كما يكره الكسب الضئيل، وكما تكره الطبيعة الفراغ، وليكن مضمونا 10%، عند إذ يمكن استخدام الرأسمال في كل مكان .إما إذا كان 20% مضمونا، فانه يتحمس ويحمى، وإذا كان 50% كان جسورا جنوني التهور، وعند 100% يدوس بقدميه جميع الشرائع البشرية، وعند 200% لا يكون ثمة جريمة لا يجرؤ على ارتكابها، حتى لو تعرض للمشنقة) سيادة المحافظ... هذه مدينتي (الغناء بنخيلها) والتي وصفها الشاعر قديما بأنها (جنة الدنيا), وامتدحها شاعر حضرموت الكبير (ابن شهاب) بقوله: (واخلع به النعل وألثم تربة عبقت), وقال عنها المحضار: (من ها هنا جانا المدد), وقال أيضا: (هذا عرينك ياالاسد)... سيادة المحافظ ..أعزي نفسي وأعزيكم, وابتهل إلى الحي الذي لايموت إن ينتقم من الأوغاد والعابثين. اللهم إني بلغت اللهم فاشهد