تعد جباية الضرائب ظاهرة حضارية، تمثل رساخة وقوة اجهزة الدول، وضرورة انصياع المواطنين والمؤسسات كافة لقانونها، لما فيه من تنظيم وقوة قانوينة تنعكس على جميع جوانب الحياة العامة للبلد ومدى قوة مؤسساته التنفيذية والتشريعية والقضائية، فضلا عن نزاهة وحيادية القرار في مثل هكذا امور، اصبحت تتناسب عكسيا مع الفوضى والفساد والرشوة. فكلما جرى النظام الضريبي بانسيابية وطبق بنزاهة وعدالة على الجميع، كلما اقتربت الدولة واركانها عامة من التحضر والعكس صحيح.. في الدوريات الاوربية الكبرى كالليغا والبوندسليغا والبريمير ليج والكالتشيو.. وغيرها في دول تمتاز بالاستقرار والتطور الحضاري والتقدم الرياضي عامة والكروي خاصة على صعيد الانية والمنتخبات، وما تعنيه الضريبة من نظام اداري رصين متماسك، كان سببا رئسيا واضحا لما بلغته المؤسسات الرياضية من نجاحات فنية وادارية رائعة. وهذا لم يات اعتباطا بقدر ما كان هنالك نظام عام متبع، ينسجم مع منظومة قوانين الدولة ولا يخرج من سلطانها ومتابعتها، ولا يتعارض مع المنظمات الرياضية الدولية في تناغم واضح المعالم شفاف لا ينبغي لوجود اي تعفن وتسوس فيه مما يؤسس لسرطنة الجهاز الرياضي عامة، وهذا جعل الانية والرياضة بكل مؤسساتها تخضع للنظام الضريبي الصارم كدعامة رئيسية، وسور حام لا ينبغي تجاوزه. لم يكن احد يتصور ان نجم منتخب المانيا السابق وهدافه ورئيس نادي باريين ميونخ الاشهر اولي هونيس، قد تعرض فعلا لعقوبة السجن ثلاث سنوات ونصف السنة على خلفية إدانته بالتهرب الضريبي. الا ان صوره في الزنزانة مع زيارة جوارديولا والنجم الفرنسي ريبيري لهونيس الذي أودع السجن في الثاني من يونيو الماضي بعد ان أكد القضاء الألماني إدانته في سبع تهم بالتهرب الضريبي، بقضية شهيرة واهتزت لها الاوساط الرياضية، جعل الامور تعد طبيعية في قضية وسجن اكبير راس رياضي اذا ارتكب ما يستحق السجن عليه، ولن يكون تاريخه او اسمه شافعا له.. وفيما تلوح بالافق قضية مطالبة نيابة مكافحة الفساد الإسبانية بعقوبة السجن عامين وثلاثة أشهر لرئيس نادي برشلونة الحالي بارتوميو، والسجن لمدة سبع سنوات وثلاثة أشهر لرئيس النادي السابق ساندرو روسيل، لاتهامهما بجرائم مالية وإدارية، نتيجة التهرب الضريبي من صفقة التعاقد مع النجم البارزيلي نيمار وما لفها واحاطها من شكوك اطاحت برسل من رئاسة النادي وما زالت تطارد رئيسه السابق بتداعيات قد لا يسدل الستار عليها سريعا بالرغم من عقد مجلس إدارة البرسا اجتماعا، أصدر بعده بيانا أكد فيه براءة النادي ورئيسه في القضية التي ينبغي القضاء الإداري البت فيها، وليس المحكمة الوطنية وفقا للبيان. تشير سجلات الارشيف الخاص بسجون ومحاكم الرياضيين الى وفاة، الملاكم الأميركي السابق روبين «هاريكاين» كارتر الذي بقي مسجونا ل19 عاما بسبب جريمة لم يرتكبها والذي شكلت قصته محورا لأغنية لبوب ديلان ولفيلم مثل فيه دينزل واشنطن. وتأسف عدد من المغردين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر على خسارة ما اعتبروه قدوة لهم في نضاله ضد «الأخطاء القضائية» وصموده. لا تستبعد ولن تنسى الجماهير ووسائل الاعلام مطاردة النجم الارجنتيني مسي بكل تاريخه وشهرته ووالده أمام محكمة اسبانية لاستجوابه في تهم الاحتيال على سلطات الضرائب في البلاد، برغم توقف او تاجيل او انهاء القضية، فان الباب سيبقى مشرعا لهيئات ولجان الضرائب والمحاكم المختصة لمطاردة النجوم واحالتهم الى القضاء والسجون والاطاحة بهم خلف الزنزانات، مهما كانت تسميتهم وتاريخهم وجماهيريتهم، فان الضرائب من اهم الواجهات الحضارية التي يفترض ان تحترم وترسخ بشفافية مهنية عالية، لا يعلى على سلطانها شيء. *نقلا عن الأيام البحرينية