إنها قمة كامب ديفيد بالنسبة لإيران ونكبة كامب ديفيد بالنسبة للسعودية والخليج. ومن يقول إن الدبلوماسية السعودية والخليجية انتصرت في كامب ديفيد مخطئ. لمعرفة ما خرجت به السعودية من القمة، علينا طرح هذا السؤال: ما الأهداف الكبيرة أو الرئيسية التي أرادت السعودية وحلفاؤها الخليجيون الخروج بها من كامب ديفيد وما الأهداف الرئيسية التي لم ترد لعدوتها (إيران) الخروج بها من القمة؟ هناك هدفان كبيران إثنان: الأول، إتفاقية دفاع مشترك بين السعودية والخليج من ناحية وبين الولاياتالمتحدة من ناحية أخرى، إتفاقية رسمية مكتوبة طبعاً. والثاني، عدم خروج إيران من القمة بإتفاق مع أمريكا بشأن برنامجها النووي. كما يبدو، لا يعرف الكثير من "المبتهجين" ب"انتصار الدبلوماسية السعودية" في كامب ديفيد شيئاً عن الأزمة السعودية الأمريكية التي سبقت القمة والتي لم يحضر أغلب القادة الخليجيين بسببها، وفي مقدمتهم الملك سلمان. هذه الأزمة سببها خلافات بين الرياضوواشنطن بشأن عدة أمور في مقدمتها: الإتفاق النووي الايراني الذي توصلت إليه واشنطن مع طهران في ظل عدم رضا الرياض. وحين بدا أنه أصبح أمر واقع، اشترطت الرياض على واشنطن في المقابل توقيع اتفاقية دفاع مشترك بينهما. لكن واشنطن رفضت ذلك قبل أكثر من أسبوع من القمة، وهو ما تسبب بالأزمة التي كانت قد بدأت بعد توصل واشنطنوطهران الى اتفاق مبدئي بشأن البرنامج النووي. وكما يبدو أيضاً، لا يعرف هؤلاء "المبتهجون" ب"انتصار الدبلوماسية السعودية" في كامب ديفيد أنه، وبالرغم من التحالف التاريخي الطويل بين السعودية والخليج من ناحية وبين أمريكا من ناحية أخرى، إلا أنه لا توجد بين الطرفين إتفاقية دفاع مشترك رسمية ومكتوبة، وقد أرادت السعودية استغلال الاتفاق النووي الإيراني على الأقل في الخروج من القمة بهذا الاتفاق. فماذا حدث في كامب ديفيد؟ خرجت إيران باتفاق رسمي مع أمريكا والمجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي سيترتب عليه أمور كثيرة أولها رفع الحصار عنها، ولم تخرج السعودية باتفاق الدفاع المشترك الرسمي والمكتوب الذي أرادته من أمريكا. كل ما خرجت به هو التأكيد الشفهي الروتيني المعتاد الذي تقوله واشنطن في أي مناسبة: ستقف الولاياتالمتحدة مع السعودية والخليج في مواجهة أي تهديد. إيران أيضاً خرجت بأمر آخر بالغ الأهمية: تأكيد باراك أوباما على أن الولاياتالمتحدة لا تعتبر إيران تهديداً للأمن القومي الخليجي، وهذا يعني الكثير على صعيد مواقف ودعم أمريكا للسعودية في صراعاتها الإقليمية الكثيرة مع إيران في المنطقة ككل، ومن بينها: الصراع الجاري في اليمن (نتناول انعكاسات نتائج كامب ديفيد على اليمن في مقال آخر). وفي الأخير، ما الذي خرجت به السعودية من كامب ديفيد واستحق وصفه ب"الانتصار الدبلوماسي الهام"؟ لحظة! لقد تذكرت: إنها صورة المصافحة بين باراك أوباما ومحمد بن نايف التي تظهر فيها يد الأخير أعلى قليلاً من يد الأول، والتي أشعلت تويتر بالأمس وأعتبرها المغردون السعوديون دليلاً على "يد السعودية العليا"! مبروك! الصورة حلوة.. يمكنكم تكبيرها ووضعها داخل برواز مصنوع من الذهب وتعليقها في الديوان الملكي! هي لا تعني شيئاً في الواقع، لكنها على الأقل تبدو بمثابة الشيء الوحيد الذي خرجت به المملكة من كامب ديفيد. *عن صفحة الكاتب بالفيس بوك