بدأت، أمس، في واشنطن أعمال القمة الأمريكية الخليجية بعد وصول رؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي المشاركين في القمة للبيت الأبيض للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما. الرئيس الأميركي باراك أوباما استبق القمة بإشادته بالتعاون القائم بين بلاده والسعودية في مسائل مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أهميته في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة. جاء ذلك في مستهلِّ اجتماع بين أوباما وولي العهد السعودي محمد بن نايف، وولي ولي العهد محمد بن سلمان. في المقابل أكد وليّ العهد السعودي محمد بن نايف على عمق العلاقة السعودية مع الولايات المتحدة، وأضاف: نسعى لتعميق العلاقات التاريخية مع واشنطن، وشدَّد على العمل مع واشنطن لتخطّي المصاعب. ويمثل السعودية في القمة ولي العهد، الأمير محمد بن نايف ومحمد بن سلمان. ويمثل دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويرأس أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وفد بلاده إلى القمة، ويمثل مملكة البحرين، ولي العهد الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة. ويقود الوفد القطري أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد بن خليفة، بينما يمثل عُمان نائب رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء، فهد بن محمود آل سعيد. ومن المتوقع أن تُطرح خلال القمة ملفات اليمنوسورياوإيران، إذ يعمل أوباما على طمأنة الحلفاء من تنامي نفوذ إيران في المنطقة وجدوى الاتفاق الدولي للحد من طموحات برنامجها النووي الذي تدعي أنه سلمي، إضافة إلى تطورات اليمن. عدم حضور العاهل السعودي لا ينبئ بالخير من جهتها قالت صحيفة "الاندبندنت" إن السعوديين يتجاهلون أوباما؛ وأشارت إلى أن عدم حضور العاهل السعودي اجتماع الزعماء الخليجيين مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في "كامب ديفيد" لا ينبئ بالخير، إذ يُتوقع حدوث توتر بشأن الاتفاق حول برنامج إيران النووي والدعوة لإبرام معاهدة للدفاع المشترك. وأضافت أن البعض توقع فشل الاجتماع قبل أن يبدأ بعد انسحاب العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، ولكن أوباما لم يُبدِ أي شعور بالقلق وهو يفتتح القمة التي تعقد على مدى يومين. ووفق الصحيفة فإن الاجتماع يهدف إلى تهدئة الشكوك في أن الولايات المتحدة تركز اهتمامها على التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران على حساب المصالح الدفاعية لدول الخليج، مشيرة إلى أن أوباما يسعى في تلك القمة الأمريكية- الخليجية التي افتتحت بعشاء في البيت الأبيض وتستكمل في المنتجع الرئاسي في "كامب ديفيد" في ولاية ميريلاند إلى أن تبقى الدول الخليجية في دائرة الولايات المتحدة وألا تتجه إلى دول أخرى. مساعٍ خليجية للحصول على نووي من جهتها قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن المملكة العربية السعودية، وغيرها من جيران إيران، القلقين من الاتفاق النووي الذي تجريه واشنطن مع طهران، يخططون للحصول على طاقة وأسلحة نووية معادلة لتلك الإيرانية. وأوضحت الصحيفة الأمريكية، الخميس، أن الرئيس باراك أوباما سعى بالأساس إلى عقد اتفاق مع إيران لتقويض البرنامج النووي لديها لتجنب الانتشار النووي في العالم العربي، لكن عندما اجتمع القادة العرب خلال مأدبة عشاء، في البيت الأبيض، أمس الأول، استعداداً لقمة كامب ديفيد، فإنه واجه عواقب مضادة. وتوضح أن المملكة العربية السعودية والعديد من الدول العربية الأصغر تتعهد حالياً للحصول على نفس القدرات النووية المسموحة لإيران. وبحسب الصحيفة فإن أحد القادة العرب، المقرر أن يلتقي الرئيس أوباما، الاثنين القادم، قال "لا يمكننا الجلوس في المقعد الخلفي، بينما يُسمح لإيران بالاحتفاظ بالكثير من قدرتها والنووية وجمع أبحاثها". وتشير الصحيفة إلى أن الأمير تركي بن فيصل، رئيس المخابرات السعودية السابق، يجول العالم بنفس هذه الرسالة.. وقال خلال مؤتمر عقد مؤخراً في سيول، كوريا الجنوبية: "مهما امتلك الإيرانيون، سيكون لدينا مثلهم". وتقول نيويورك تايمز: إن من خلال السماح لإيران بالبقاء على 5 آلاف جهاز طرد مركزي وبرنامج الأبحاث والتنمية المتنامي، وهو الاتفاق الذي تعارضه بشدة إسرائيل والدول العربية، فإن أوباما يعترف أساساً بحق إيران في مواصلة تخصيب اليورانيوم، العملية التي تعد واحدة من مسارين للحصول على سلاح نووي. ويجادل قادة الدول السنية في المنطقة أنه إذا أصبحت إيران على هذا الطريق، فإن واشنطن لن يمكنها النقاش بمصداقية حول إقناع الدول العربية بعدم اتباع النهج الإيراني حتى لو كانت قدراتهم التكنولوجية خلف طهران بسنوات.. وقال جاري سامور، كبير المستشارين النوويين لأوباما، خلال الفترة الرئاسية الأولى، والذي يرأس حالياً مركز بيلفر للعلوم والشئون الدولية لدى جامعة هارفارد: "مع أو بدون اتفاق، فسيكون هناك ضغط من أجل الانتشار النووي في الشرق الأوسط".. والسؤال هناك: كيف سيفعل السعوديون هذا دون مساعدة من الخارج"؟ ففي الواقع فإن الدول العربية ربما تجد أن الأمر ليس سهلاً مثلما يبدو، تقول الصحيفة.. وتضيف أن أعضاء مجموعة الموردين النووية، التي تتبع دولاً تعمل على توفير العناصر الحاسمة للطاقة النووية ومشاريع الأسلحة، لديها قائمة طويلة من المكونات التي تحظر إرسالها للشرق الأوسط.. وبالنسبة للسعودية، وغيرها من الدول العربية، فإن هذا يتركها أمام خيار من اثنين: باكستان أو كوريا الشمالية، الدولتين اللتين تتقنان تخصيب اليورانيوم. لكن من المشكوك فيه أن يلجأ أيٌّ من حلفاء الولايات المتحدة، الذين يستضيفهم أوباما، إلى كوريا الشمالية، على الرغم من أن هذا البلد الشيوعي زود سوريا بمكونات المفاعل النووي، الذي دمرته إسرائيل عام 2007. محلل أميركي: أوباما لن يقف مع الرياض ضد إيران التحليلات تتواصل حول مآل العلاقات الخليجية الأميركية بعد قمة كامب ديفيد التي تنعقد اليوم. فالمحلل الاستراتيجي الأميركي آرون ديفيد ميلر، نائب مدير معهد ودرو ويلسون للسياسات الدولية، قال لشبكة "سي أن أن" إن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على توفير ما يطمئن السعوديين القلقين حيال تطور النفوذ الإيراني بالمنطقة، "خصوصاً أنها تحاول عقد صفقة معها، وقمة كامب ديفيد سيكون فيها الكثير من المجاملات والابتسامات، لكن الحقيقة أن الرياض تشعر بقلق شديد من تطلع واشنطن للسماح بمحور فارسي". أمر ما يحصل وفي قراءة لغياب الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز عن القمة، وإن كانت رسالة توبيخ لأوباما كما يقال، قال ميلر: "علينا الابتعاد عن هذه المصطلحات لأن العلاقات بين أميركا والسعودية أكبر من أن تعترضها مشاكل مماثلة، لكن عندما يدعو الرئيس أوباما إلى قمة في كامب ديفيد يفترض على القادة الحضور، في حين أن القمة الحالية لا تضم إلا قائدين من أصل ستة". وأضاف ميلر: "الواضح أن أمراً ما يحصل، لكن لا أظن أن القضية تتعلق بأزمة في العلاقات بين البلدين، فالسعودية تعتمد بشكل كبير على أميركا والعلاقات بينهما بمليارات الدولارات، وهناك 35 ألف جندي أميركي في الخليج، إلى جانب صفقات التسلح، كما أن الأمن السعودي ما زال يعتمد كثيراً على الضمانات الأميركية". تداعيات الصفقة ولفت ميلر إلى أن السعوديين يشعرون بالقلق حيال ما يرونه محوراً فارسياً، "وهم يرون أن إدارة أوباما، ومن خلال سعيها لعقد اتفاق نووي مع طهران، ستفتح الأبواب أمام إيران للحصول على مليارات الدولار عبر رفع العقوبات، ما سيسمح لطهران بتمويل نشاطاتها التوسعية في العراق ولبنان واليمن". وأضاف ميلر: "أظن أن أميركا تعمل حالياً وفق سياسةٍ تشكِّل إيران محورها الرئيسي، فسياسة البيت الأبيض- خلال السنة ونصف السنة الماضية في الشرق الأوسط- قامت على تجنب خوض مواجهة مسلحة مع إيران بسبب برنامجها النووي، وإذا جرى التوصل إلى صفقة مع إيران فإن ذلك سينهي تماماً أي فرصة لضربات إسرائيلية، لكن تداعيات الصفقة ستظهر عبر السماح لإيران بالحصول على أموال طائلة مجمدة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار المطامع الإقليمية الإيرانية في اليمنوسورياوالعراق، فسنكون أمام مشكلة كبيرة. والواقع أن السعودية تتطلع بقلق إلى ما يحصل وتعتبر أن الإدارة الأميركية ساذجة بتصرفاتها مع إيران، أو تريد إرسال رسالة جديدة مفادها أن إيران هي القوة الرئيسية بالمنطقة". وقع الرسالة الأميركية على إسرائيل ليس أخف.. فإسرائيل قلقة أيضاً من السياسة الأميركية الحالية. مهمة غير سهلة واستبعد ميلر أن تستطيع أميركا القيام بأمر حقيقي لتحسين العلاقات مع السعودية، قائلًا: "الأمر الأهم هو أن تقوم أميركا باتخاذ خطوات لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد بالمنطقة، وخصوصاً في سوريا، حيث تحاول أميركا تجنب أيِّ دور عسكري، والإدارة الأمريكية قادرة على إيجاد طريقة تعكس إصرارها على وقف النفوذ الإيراني، وعلى طمأنة السعوديين وإظهار أن سياستها بالمنطقة لا تتمحور مستقبلياً حول إيران". وأضاف: "لكن هذه المهمة لن تكون سهلة، فدول (5+1) تحاول عقد صفقة مع إيران حول ملفها النووي، وهذا يحول دون دفع أميركا نحو مواجهة إيرانباليمن أو سوريا". واستبعد ميلر خروج الخلافات بين السعودية والولايات المتحدة إلى العلن، كما حصل مع الإسرائيليين. قال: "الخلافات لن تظهر، سيكون هناك الكثير من التحيات والمصافحات والابتسامات، المشكلة أن تصرفات الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط تركت انطباعاً قوياً بأن الاستقرار في اليمنوسورياوالعراق لا يقوم على التعاون بين أميركا وروسيا، بل بين أميركا وإيران، وهذا يخيف الإسرائيليين والسعوديين".