يستحق الموسم الرياضي الحالي أن يكون عام صناع اللعب، بعد تألق اللاعبين المميزين في مختلف دوريات أوروبا الكبيرة خلال الفترة الماضية، لذلك حصل سيسك فابريغاس على دعم كبير داخل الأوساط البريطانية، مع أرقامه المميزة رفقة تشيلسي اللندني، بالإضافة إلى رصيد خاص للبلجيكي كيفن دي بروين، الجوهرة التي خطفت لقب كأس ألمانيا لصالح فولفسبورغ، أما ليونيل ميسي فاستعاد ماضيه العبقري ووضع قواعد جديدة خاصة باللعبة، من خلال موسم مميز للعملاق الكتالوني برشلونة. لكن بعيداً عن هذه الأسماء الرنانة، عبّرت مجموعة جديدة من اللاعبين عن شخصيتهم القوية هذا العام، وكتبوا شهادة تألق حقيقية رغم صعوبة المنافسات وقوة الخصوم، لذلك نالوا المديح المستحق وفقاً لمختلف مواقع الأرقام والإحصاءات، مع اهتمام زائد من جانب الكشافين من أجل فرصة أكبر بالموسم القادم. نجم الجنوب الفرنسي حصل دي بروين على الصدارة في قائمة "الأسيست مان" لهذا الموسم في كل الدوريات الكبيرة، لأن البلجيكي صنع 20 هدفاً في البوندسليغا، بينما جاء فابريغاس في الوصافة برصيد 18 هدفاً، ثم ليونيل ميسي في المركز الثالث بصناعة 17 هدفاً، بينما التحق ديمتري باييت بالعمالقة وصنع 17 هدفاً مع مارسيليا بقيادة الأرجنتيني مارسيلو بييلسا. لكن يتفوق باييت على جميع النجوم الكبار في عدد التمريرات الحاسمة، لأن باييت يعتبر الأفضل على الإطلاق في عملية صناعة الفرص لرفاقه خلال المباريات. 134 فرصة خطيرة عن طريق ديمتري في موسم حصل فيه مارسيليا على المركز الرابع بالدوري، ليضع اللاعب نفسه في صدارة قائمة صناع اللعب متفوقاً على أصحاب المهارة كنبيل فقير وفيراتي والبقية. قتل التخصص النزعة الفردية وإمكانية لعب دور البطل للاعبي الوسط ونجوم الهجوم، وأصبح كل لاعب له دوره سواء بالشق الأمامي أو الخلفي. ويمتاز باييت بالعمل التكتيكي الكبير أثناء التحولات، وبالتالي يقدم باييت قيمة محورية في المزج بين خطتي 4-2-3-1 و3-3-1-3 للمدرب بيلسا. باييت هو صانع اللعب بين الجناحين وخلف المهاجم جينياك، وهو أيضاً نفس اللاعب الذي يربط خطوط الفريق الثلاثة، خصوصاً في الناحية الهجومية عند حيازة الكرة، ومع نظام بيلسا الصلب والشاق، فإن صانع اللعب لا يكتف أبداً بالأهداف، بل يعود كثيراً للخلف ويصبح لاعب وسط يساند الارتكاز، هكذا صانع اللعب في نظام اللوكو. جناح البوندسليغا إذا كان باييت هو صانع اللعب الحديث مؤخراً، فإن باتريك هيرمان خطف الأضواء من الجميع في الدوري الألماني، لقدرته على أداء دور اللاعب الشامل سواء على الأطراف أو في العمق. وفي طريقة مونشنغلادباخ 4-4-2، لعب هيرمان دور همزة الوصل بين الثنائي الهجومي وبقية لاعبي المنتصف، لقدرته على شغل مركزي الجناح الحقيقي وصانع اللعب المركزي في آن واحد. هيرمان هو السلاح الرئيسي في هجوم مونشنغلادباخ، وعلاوة على ذلك، يمتاز اللاعب بالمراوغة ويتقن المهارات اللازمة للحفاظ على الكرة، مع تحوله الخاطف أثناء الهجمات المرتدة القاتلة إلى الأمام. ومع كل هذه القدرة، باتريك مثالي لأسلوب المدرب لوسيان فافري، والذي يعتمد على اللعب العمودي المباشر بشكل سريع تجاه المرمى. ينطلق الرقم 7 على الطرف الأيمن، ويتمركز كجناح صريح على الخط الجانبي، وسرعان ما يقطع في عمق الثلث الأخير ليصنع ثنائية هجومية رفقة المهاجم كروس، ثم يعود لمنطقة المحور من أجل مساندة الارتكاز كرامر، ويعود كثيراً للخلف لتكوين ثنائية الرقابة بالتبادل مع الظهير كورب، أي ثلاثة لاعبين في لاعب واحد. لذلك سجل اللاعب 11 هدفاً وصنع 4 في الدوري المحلي، مع محاولات دفاعية مشروعة من خلال قطع الكرات ومراقبة أبرز لاعبي الخصوم، ليصبح قطعة أساسية في نظام مونشن، من 4-4-2 إلى 4-2-2-2 نهاية ب 4-6-0، وفقاً لتحركات هيرمان وزملائه داخل المستطيل الأخضر. مهاري الليغا في كرة السلة يأتي مصطلح ال "Double-Double" في حالة وصول اللاعب إلى 10 نقاط أو أكثر في مهارتين أساسيتين من اللعبة، ومن الممكن القول إن نوليتو لاعب سيلتا فيغو حقق نفس الفكرة في بطولة الليغا هذا الموسم، بعد تسجيله 13 هدفاً مع فريق سيلتا فيغو، وصناعته لنفس العدد خلال 36 مباراة له بالبطولة الكبيرة. نوليتو جناح سريع ومهاري، يلعب على الرواق في معظم الأوقات، ينطلق بالكرة ويراوغ المدافعين، ويصنع اللعب من الأطراف في ما يعرف فنياً بالجناح المركزي، أي اللاعب الذي يتولى قيادة الفريق من مركز بعيد عن صانع اللعب التقليدي. وأثناء الهجوم تجده داخل منطقة الجزاء بالتبادل للقيام بدور المهاجم الحر، تاركاً مكانه الرئيسي على الطرف، ليصبح جناحاً وهمياً مزّوراً. لم يجد نوليتو مركزاً أساسياً مع برشلونة، فلم يفرح بدكة البدلاء واختار اللعب أساسياً مع فرق أقل، ليحاول الوصول إلى نتيجة مرضية في مختلف الأندية، حتى نجح في تحقيق المراد مع سيلتا فيغو هذا الموسم، لذلك تم وضعه في معظم التشكيلات المثالية لبطولة الدوري الإسباني، رفقة نجوم كبار بقيمة ميسي ورونالدو. يعشق الجمهور اللاعبين العظماء، ويتحدثون باستفاضة عن ليو، كريستيانو، هازارد، سانشيز، وأسماء أخرى، لكن هناك أيضاً من يستحق الدعم والثناء، والدليل ما قدمته هذه الوجوه الشابة خلال المباريات الماضية، لذلك تحية خاصة إلى باييت، هيرمان، ونوليتو.