يبدو أن تقسيم سوريا طائفيا ما يزال الخيار الوحيد و"الممكن" لنظام الرئيس السوري الذي يستمر في القتال للبقاء في السلطة. وبعد نحو خمس سنوات من الصراع المفتوح في سوريا، قد نظام الأسد المدعوم بقوة من ايران ومن حزب الله اللبناني، أجزاء واسعة من البلاد باتت تسيطر عليها تنظيمات متشددة وقوى معارضة كما انه فقد الاعتراف به كنظام حكم شرعي على المستوى الدولي والإقليمي إذ لايزال يحتفظ فقط بدعم دول قليلة مثل ايرانوروسيا. ونقل مصدر اعلامي خليجي عن جهات قيادية في غرفة العمليات المشتركة للجيش النظامي السوري و"حزب الله" لم يسمها تأكيدها وجود "صفقة متعددة الطرف، تُطبخ على نار هادئة بين الحزب والقيادة السوريا في دمشق من جهة وبين "جبهة النصرة" ومعها "أحرار الشام" و"جيش الفتح" من جهة أخرى، لإجراء عملية تَبادل تقضي بخروج 40 ألف مدني وعسكري من داخل مدينتي الفوعة وكفريا المحاصرتيْن في ريف إدلب مقابل السماح لمئات من "النصرة" و"أحرار الشام" ومدنيين محاصَرين داخل الزبداني بالخروج من المدينة. وقالت المصادر إن عملية التبادل التي وصفتها بالمعقدة جدا والحساسة قد دخلت على خطّها دول عدة تحت رعاية الأممالمتحدة، وبضمانات تقدّمها كل من روسيا وقطر للأطراف المتحاربة، لضمان نجاحها. وماتزال الصفقة في مراحلها الأولى وتجرى في منتهى السرّية خشية من تعرضها للفشل في أي لحظة نظرا لحساسيتها ودقتها، لأنها كما تقول المصادر المطلعة يمكن أن تتهاوى عند أي تحرك أحادي الجانب من 'حزب الله' ضد أي من معاقل المسلحين أو من جبهة 'النصرة' و'أحرار الشام' و'جيش الفتح' ضد خصومها من قوات النظام أو الحزب الشيعي اللبناني. وقالت المصادر إن دور الأممالمتحدة سيكون كما كان في حمص سابقا، أي دور الراعي والمشرف والضامن لهذا الاتفاق. وهذا ما يعني أن على جميع الأطراف أن تنتظر أسابيع طويلة تتخلّلها مفاوضات شاقة قد تنجح وقد لا تنجح في بلوغ اهدافها النهائية. ويقول مراقبون إن "التبادل إذا حصل على هذا النحو الطائفي، سيكرّس تقسيم سوريا إلى دويلات، وسيُخلى ريف إدلب وشمال سوريا لفائدة المسلحين، بينما ينحسر تواجد لون طائفي واحد في أماكن معينة. وقالت المصادر إن نظام بشار الاسد وحزب الله قررا وضع الغرب والعرب أمام خيارين لا ثالث لهما وإذا ارادوا وفقا لنفس المصادر "تقسيم سوريا فليكن، وإذا أرادوا محاربة الإرهاب فكلنا يد واحدة، وإلا فإن التقسيم لا مفرّ منه". وقالت المصادر القيادية في غرفة العمليات المشتركة للجيش السوري و"حزب الله" إن "الأمور تتجه إلى تسوية فريدة لم تحصل في تاريخ الحرب المعاصرة أو في الأعوام الأربعة الماضية من الحرب السوريا وتحتاج لوقت لإتمام تفاصيلها". وقالت المصادر إن "غرفة العمليات المشتركة ل'حزب الله' والجيش السوري درست إمكان القيام بهجوم مضاد لفك الحصار عن مدينتي الفوعة وكفريا، إلا أن التقديرات - أفادت أن الخسائر البشرية ستكون مرتفعة ولا تتوازن مع الانتصار العسكري لذلك، تَقرّر القيام بعمليات دعم عمودية من سلاح الطيران لإنزال المعونات والدعم المعيشي والطبي والعسكري مع تقديم المساندة النارية الجوية عند أي هجوم تتعرض له البلدتان في ريف إدلب". وتؤكد المصادر أن هذه الصفقة تتم في ظروف بالغة الخطورة لاسيما بالنسبة لخروج 40 ألف شيعي من الفوعة وكفريا، ومرورهم بمناطق "معادية لهم وتتواجد فيها فصائل متنوعة المشارب والانتماءات السياسية والعقائدية"، إضافة الى انه لا يعرف موقف تنظيم "الدولة الاسلامية" من عملية التبادل هذه. ويقول محللون إن إصرار العديد من الدول الغربية والعربية المتنفذة في الملف السوري على ضرورة رحيل بشار الأسد عن السلطة هو الذي جعل خيارات هذا النظام أقرب إلى وصفها بالانتحارية، وتتنزل جميعها تحت خيار علي وعلى أعدائي. كما أن حزب يعلم جيدا أن نهاية نظام حليف له ولإيران في سوريا سيضيق عليه الخناق ويحرمه من حلقة الوصل الأساسية مع ايران، مع ما يمثله هذا التواصل من ضرورة حيوية للبقاء في وقت أصبح فيه الحزب الشيعي مورطا ومعزولا داخل بيئة معادية له سياسيا وطائفيا سواء داخل لبنان أو في عموم المنطقة بسبب ما اظهره من ولاء لطهران ومن تفان في خدم مشروعها التوسعي ضد العرب. ويعتقد بشار الاسد وحسن نصرالله أن الخروج بكيان شيعي في سوريا سيكون أهون الشرور، وهو كيان يقدران به الرهان على إدامة الصراع مع الطائفة السنية على أمل جنوح الأطراف المقابلة يوما على التفاوض معهما على اسس غير التي يتم طرحها حاليا، بعد البرهنة على ان المكون الشيعي في سورياولبنان غير قابل لأن يحاصر ويهزم بشكل حاسم ونهائي. ويؤكد المحللون على أن اهم استنتاج من استعداد بشار الاسد للقبول بتقسيم سوريا أنه بات على يقين من استحالة بقائه حاكما لسوريا بجغرافيتها الحالية في المستقبل، لذلك ظهر لديه هذا الاستعداد للاستمرار في حربه من أجل البقاء، ولو ك"قائد مليشيا" تماما مثل حسن نصرالله.