كثر الحديث في أوساط الشارع الجنوبي عامة والعدني خاصة، في الأسابيع الاولى من بداية الحرب، عن من يكون وراء الرسائل الصوتية، التي كان يتم تداولها عبر الواتساب، والمرسلة من شخص الى شخص اخر يدعى سليمان!! ومن يكون سليمان هذا؟ وثار اللغط وزاد الجدل واختلفت وجهات النظر ما بين مؤيد ومعارض! بل وصل الامر عند البعض من قاصري الفهم والاستيعاب الى حد التخوين والتشكيك والتكذيب بتلك التسجيلات. إلا ان تلك التسجيلات كان لها الأثر الكبير في رفع معنويات الجنوبيين في عدن، الذين يخوضون المواجهات مع الاحتلال في ذروة اشتداد الحرب.
من هو سليمان؟ وللإجابة على هذا السؤال، دعوني أوضح أمران مهمان قبل الخوض والتعريف عن من يكون سليمان؟ الامر الاول: ان الجنوبيين شعب قلوبهم بيضاء، حتى وان كانوا سريعين في الفعل ورد الفعل! إلا انهم لا يقبلون ظلم أو ظيم طال الزمان ام قصر، والامر الثاني: ان الوعي الجنوبي في حربنا ضد القوات الشمالية الغازية لأرض الجنوب، كان بمثابه الصخرة التي تكسرت عندها كل محاولات المعتدين واذنابهم من العملاء لمحاولة النيل من تماسكنا وتوحدنا، كون التخوين يعد احد ابرز واهم اوراق من راهنوا على هزيمتنا.
سليمان هو اخي وصديقي الاعلامي والناشط الحقوقي الجنوبي، سليمان عوض علي المرزقي العولقي، ابو محمد، المقيم بالولايات المتحدةالامريكية، المسؤول عن صياغة وإعداد تقارير سنوية باللغتين العربية والإنجليزية حول جرائم القتل التي ترتكب من قبل القوات العسكرية والامنية اليمنية والمليشيات التابعة لها ضد أبناء الجنوب، والمعتمدة لدى كثير من منظمات حقوق الأنسان الدولية، كونها ذات مستوى عال من الحرفية والمهنية.. سليمان جنوبي الاصل والمنشأ، رجل همام منذ عرفته، كل همه قضية وطنه الجنوب والتي جعلها نصب عينيه. يسعى جاهدا في خدمه وطنه الجنوب ارضاً وانساناً، في الجانب الحقوقي والاعلامي. هو صاحب الحكاية التي شغلت كل من استمع الى رسائل الحرب الصوتية، وصوت الشخص المرسل الذي كان يبتدأ تسجيلاته منادياً:( ياسليمان ياسليمان).
تعود القصة للبدايات الاولى للحرب، في أواخر شهر مارس، إذ كان الأخ سليمان المرزقي على تواصل مع صديق له يوافيه بآخر أخبار المعارك من عدن، وفي مرة من المرات لم يستطع هذا الصديق الكتابة، وقام بتسجيل مقطع صوتي يطلب فيه من سليمان صياغة ذلك التسجيل في شكل ماده خبرية من اجل تعميمها، وبعد سماع الاخ سليمان للرسالة الصوتية استأذن صديقة ان يقوم بتعميمها، لأنه رأي انها ستساعد في رفع معنويات الناس سوى شباب المقاومة الجنوبية أو اهلنا من النازحين والمحاصرين في عدن. ولاقى التسجيل الصوتي ردود فعل إيجابية فاقت التوقعات وطالب الكثير بالاستمرار، ومن يومها توالت تلك التسجيلات، التي اشتهرت الى يومنا هذا، بل واخذت نمطا فكاهي ساخر في بعض المرات، بأن اضاف بعض المبدعون والهواه اضافات كوميدية مختزله على شكل رسائل صوتية موجهه لسليمان.
بيد ان ما ازعجني بعض الاصوات النشاز، التي خونت وشككت في شخص العزيز سليمان وقتها! ولا استبعد ان يكون للاحتلال دور في ذلك، الى أن انبرى القيادي في الحراك الجنوبي الاستاذ/ أحمد عمر بن فريد في الدفاع عن الاخ سليمان وصديقه من خلال بثه لتسجيل بصوته يوكد فيه معرفته الشخصية الوثيقة بالأخ سليمان، ودوره النضالي والاعلامي وطالب الجميع بالوثوق به.
لقد اضحى أسم سليمان اليوم، ونحن نعيش فرحة النصر، ايقونة من أيقونات المقاومة الجنوبية، يتغنى باسمه الشعراء، فما من شاعر الا ويتصدر اسم سليمان استهلالية قصيدته او أغنيته تحتفل بنصرنا العظيم.
شكراً سليمان المرزقي، فأنت ايقونة من ايقونات المقاومة الجنوبية، وان كنت في بلاد العم سام جسداً، فروحك بيننا في وطنك الجنوب.. شكرا كونك عايشتنا يوميات الحرب لحظة بلحظة، كيف لا وقد صغت مئات المواد الصحفية من اخبار ومقاطع فيديو وتسجيلات صوتيه وصور، وكنت شعلة تلهبنا حماساً وقوه وايماناً بالنصر.. شكرا يا ايقونة النصر والمقاومة الجنوبية..